ألوان

ليست مسرحية ولا مسخرة... أما عن ألمانيا؟

تصغير
تكبير

إن ما حدث بين رد إيران على قصف السفارة الإيرانية في سورية من قبل إسرائيل ثم رد إسرائيل على رد إيران، لم يكن مسرحية أو مسخرة كما وصفها ايتمان بن غفير، وهو وزير يميني إسرائيلي متطرف، بل كل ما حدث أنها كانت تنم عن «حرفنة» من الجهتين في توجيه الرد غير الرادع لأنه محسوب ضمن إستراتيجية محسوبة بدقة متناهية، الأمر الذي يعكس مدى أهمية إيران في المنطقة في العديد من الملفات الإقليمية بينما يتمنى نتنياهو وبن غفير، توسيع مدى الحرب لولا الضغط الأميركي المؤيد لإسرائيل لكنه يُعاني من شبح الانتخابات المقبلة.

وقال وزير الخارجية الإيراني إن أحداث أصفهان والطائرات المسيرة التي تم إسقاطها لم تسبّب أيّ خسائر بشرية أو مادية، وكذلك قصف إيران لإسرائيل كان محدوداً والسخرية من الدول المؤيدة لإسرائيل التي تطالب إيران بضبط النفس.

ومن بين تلك الدول المؤيدة لإسرائيل ألمانيا التي مازالت تدفع بالتعويضات لضحايا «الهولوكوست»، ورغم التذمر الشعبي إلا ان الحزب الحاكم وهناك مَنْ يؤيدهم بالطبع ماضون في تقديم الدعم لإسرائيل مادياً ومعنوياً، إلا أنها فوجئت وهي تجد نفسها متهمة في المحكمة الدولية.

وكانت الصدمة لألمانيا ليست التهمة فقط بل انها لم تأتِ من دولة عربية أو إسلامية بل من نيكاراغوا التي انطلقت من منطلق إنساني والبحث عن العدالة الدولية التي قد تكون هناك خطط مستقبلية للنيل من حكومتها بتنسيق غربي.

وقال الفريق القانوني لنيكاراغوا إن الشعب الفلسطيني يتعرّض لأكثر الأنشطة العسكرية تدميراً في التاريخ الحديث، وانه لم يتم وقف الدعم العسكري الألماني لإسرائيل حتى بعد قرار محكمة العدل الدولية بوقف التسليح كما أن هناك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي منذ اليوم الأول للعملية العسكرية الإسرائيلية بغزة، وأن ألمانيا مسؤولة عن المشاركة في الإبادة في فلسطين وانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة بدعمها لإسرائيل.

وجاء الرد الألماني على اتهامات نيكاراغوا في محكمة العدل الدولية مبيناً ان نيكاراغوا عدلت موقفها في الدعوى عبر إضافة انتهاكات بالضفة الغربية دون إيضاح السبب كما طالبت نيكاراغوا بتحديد ما اذا كانت إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية قبل النظر بموقف ألمانيا التي اتهمت نيكاراغوا بأنها انتهكت المبادئ الأساسية المتعلقة باختصاص المحكمة في النظر بالدعوى، وأكدت على أن ألمانيا ترى أنه من حق إسرائيل الوجود والحفاظ على أمنها وأن ذلك كان محوراً أساسياً في سياسة ألمانيا، ولم تنف أنها تقوم بتزويد إسرائيل بالأسلحة إلا أنها قالت إن العملية تخضع لمراجعات دائمة.

وبالنسبة لي فإنني كنت ومازلت معجباً بالعقلية الألمانية خاصة في ما يتعلق بالرياضيات وبالقدرة على إعادة بناء إلمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وبالمحركات الألمانية المختلفة لما تتمتع به من متانة قوية، لكنها لم تكن كذلك في الرد على الاتهامات التي وجهت إليها في المحكمة الدولية اذ انها كانت ركيكة وغير مقنعة وسيلعنها التاريخ الإنساني والسياسي الشريف، إضافة الى لعنة الشعب الألماني الرافض للمجازر، وعندما يذهب الحزب الحاكم ستجد فلاسفة ألمانيا وأدبائها بانتظاره لتقديم اللوم، أمثال كافكا، وهو ألماني يهودي من أصول تشيكية ومعه، الفيلسوف الالماني شوبنهاور، الذي ولد في بولندا، ومعهم الشاعر غوته، وهم يستمعون إلى سمفونية الموسيقار الألماني بتهوفن، الخامسة التي تحمل عنوان «ضربات القدر»، ولسوف يأتي اليوم الذي تدفع تلك الدول على الاعتذار ودفع التعويضات للشعب الفلسطيني.

وليست ألمانيا فقط من الدول الغربية التي ساندت جرائم التجويع والتهجير والقتل الممنهج التي تقوم بها إسرائيل ضد شعب أعزل بل هناك دول أخرى منها ما نشرته القناة الثالثة عشرة الإسرائيلية من ان رئيس وزراء بريطانيا سوناك، الذي قال لنتيناهو إن بريطانيا تدعم القضاء على حماس لكن ليس بكارثة إنسانية، وهو لا يستحق الرد والتعليق...، كما أتمنى أن يقدم للمحاكمة هو وفريق عمله في المحكمة الدولية أو في المحكمة البريطانية أو من قبل الصحافة البريطانية الرزينة، أو من خلال صندوق الانتخابات المقبلة، ولسوف يجد مَنْ يلعنه خاصة شكسبير وبقية زملائه.

همسة:

إن ما يحدث في العالم ليس مسرحية أو مسخرة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي