من الخميس إلى الخميس
جميعنا من أصل واحد
«الحرب والسلام»، رواية عالمية للكاتب الروسي ليو تولستوي Leo Tolstoy نُشرت بين عامي 1865 إلى عام 1869 في مجلة المراسل الروسي ( Russkiy Vestnik).
رواية الحرب والسلام تروي قصة المجتمع الروسي إبان غزوات نابليون بونابرت Napoleon Bonaparte على روسيا عام 1812، وهي بتطور كتابتها تحوّلت من حبكة روسية محدودة إلى أدب عالمي، تنقلت أحداثها بين شخصيات تُمثل التنوع البشري
لا سيما في فترات الصراع الطبقي، وقيام الحرب، والدفاع عن الأرض ومفهوم الشرف والصراعات النفسية التي تُخرِج أسوأ ما في الإنسان، وأيضاً تُخرِج أفضل ما فيه بغضّ النظر عن مستوى تعليمه وأصل منشأه.
لهذا أخذت هذه الرواية بُعداً عالمياً حيث قام كاتبها بتطوير أحداثِها وفق تطوّر الأحداث التي عايشها، ووفق مشاركته الفعلية بالحرب، ومعايشته معاناة البشر في فترات القتال.
وتمرّ الأحداث من خلال حياة ثلاث شخصيات رئيسية وعندما يغزو جيش نابليون روسيا، يتبع تولستوي، حياة شخصياته ببراعة بخلفياتهم الاجتماعية المتنوعة، سواء كانوا فلاحين أو نبلاء أو مدنيين أو جنوداً، يتابع انعكاسات الأحداث على شخصياتهم المرسومة بثقافتهم وتاريخهم، وكلّما تتقدّم أحداث الرواية، تتجاوز الشخصيات خصوصيتها، لتصبح من أكثر الشخصيات تأثيراً وإنسانيّة في الأدب العالمي.
إن فترات الاضطرابات وعدم الاستقرار تكشف معادن الإنسان، فقد يعيش كثير من البشر على هذه الأرض ويموتون دون أن يتعرفوا على حدود إمكاناتهم، أو على حقيقة أنفسهم، قليل من البشر هم الذين عرفوا أنفسهم وقدرات الخير أو الشر فيهم، وهذا ما كشفته لنا هذه الرواية العظيمة بتتبع شخصياتها وإخراج تفاعلاتها التي كشفتها لهم تغير مسيرة حياتهم من الدعة والهدوء إلى العنف والقتال.
إن الحياة البشرية في مراحل السلام تختلف كثيراً عن شكلها في حالة الحرب، فليس البشر الذين تراهم في فترات السّلم هم أنفسهم البشر في فترات الاضطرابات والحرب.
إنّ الأدب العالمي وحّد البشرية، وأثبت أن الإنسان هو الإنسان في أيّ بقعة وأيّ زمان، من أجل ذلك ترى كبار المثقفين والمفكرين والأدباء يشجعون الأدب الذي يكشف خبايا الإنسان لأنه سيكون أدباً عاماً يستمتع به كل إنسان بغضّ النظر عن ثقافته ولغته ولونه ووطنه.
مثل هذه الروايات العظيمة أثبتت وحدة الانسان، وهي أفضل حلٍّ للقضاء على التمييز بين البشر، وأثبتت وحدة العقل البشري وأنهم جميعاً من أصل واحد.
