No Script

رؤية ورأي

الباحث علي باقر والنائب أنور الفكر

تصغير
تكبير

سعدت عندما سمعت عن مشروع المهندس/ ناصر أشكناني لإطلاق أوّل صاروخ فضائي كويتي إلى مدى 105 كيلومترات تقريباً. فهذا المشروع الذي بدأ في عام 2018 تضمن تجميع وتصنيع خمسة صواريخ مختلفة المدى والوقود، أطلقت ثلاثة منها بنجاح. فهذا المشروع، إلى جانب كونه مشروعاً ريادياً على المستوى المحلّي، كان سبباً لاطلاعي على حقبة أقدم من المبادرات الوطنية لتوطين بعض تكنولوجيات الصواريخ في الكويت.

الحقبة الأقدم من هذه المبادرات تعود إلى عام 1974، حين صُنعت في الكويت ثلاثة صواريخ غير فضائية، صواريخ أرض – أرض موجّهة، أطلقت بنجاح وأصابت أهدافها، بحضور وزيري التربية والدفاع وقياديين من الجامعة والجيش.

هذه التجربة التي كانت في حينها ريادية إقليمياً، أعدّها فريقاً علمياً، من كلية العلوم بجامعة الكويت، مُكوّناً من أربعة أفراد، هم: المرحومان الدكتور/ شفيق الحكيم والباحث/ علي حسين باقر ومعهما الباحث/ عبدالرحمن البدوي والطالب الجامعي – آنذاك – السيد/ عبدالمطلب الوزّان.

فور اطلاعي على التجربة الصاروخية الأقدم، انتابني مزيج من المشاعر المتناقضة، كالفرحة مع الأسى والأمل مع اليأس. فبقدر مشاعر الفرحة والاعتزاز التي انتابتني بهذا الإنجاز العلمي الرائع – الذي تحقّق قبل نصف القرن – انتابتني مشاعر الأسى واليأس لأن التجربة كشفت تراجعاً نسبياً (نسبة إلى إجمالي الموارد البشرية وغير البشرية) كبيراً – منذ ذلك الحين – في قدرات مؤسّساتنا التعليمية والأكاديمية والبحثية على توطين التكنولوجيات الإستراتيجية المتطوّرة، فضلاً عن التراجع النسبي الأعمق في قدراتها على تطوير هذه التكنولوجيات.

ثم تفاقمت لدي تلك المشاعر المتناقضة، عندما اطلعت على الإنجازات البحثية التطبيقية التي شارك فيها الباحث/ علي باقر. فإلى جانب دوره المحوري في توطين تكنولوجيات الصواريخ الموجّهة عندما كان معيداً في جامعة الكويت، وإلى جانب أدواره المتنوّعة في النسخ الأولى من الدورات التدريبية الصيفية التي نظّمها معهد الكويت للأبحاث العلمية لطلبة الثانوية والجامعة لتحفيزهم وتشجيعهم على البحث العلمي، حقق هذا الباحث المتميّز عدداً من الإنجازات البحثية التطبيقية الرائدة عالمياً أثناء عمله في كل من معهد الكويت للأبحاث العلمية ووزارة الصحة، كالبحوث التطبيقية «الاستكشافية» التي تركت بصمتها الواضحة على صناعات النظارات الشمسية ومنتجات حماية البشرة من أشعة الشمس الضارة، ومن بينها بحث علمي مُنح الباحث بموجبه الجائزة الدولية لعام 1988 من جمعية الكيمياء التجميلية الأميركية.

شبعنا تشخيصاً وتحذيراً ووعيداً. فمنذ التحرير إلى اليوم، العديد من وزراء التربية ووزراء التعليم العالي والبحث العلمي، ومعهم نوّاب أكاديميون وغير أكاديميين أعضاء في لجان التعليم البرلمانية المتتالية، انتقدوا مراراً تدنّي مستوى مخرجات منظومة التعليم بالكويت وحذّروا تكراراً من تسارع تدهور مستوى المنظومة، ولكن من دون الصمود في تبني خطوات علاجية على أرض الواقع. لذلك، لايزال الانحدار يتسارع في منظومة التعليم، وباتت قريبة من شفا السقوط الحر في هاوية الانهيار.

استمرّ التسارع في الانحدار، لأننا نحن الشعب استمررنا في اختزالنا مسؤولية الانحدار على الحكومات المتعاقبة، وفي تبرئة مجالس الأمّة المتتالية من المسؤولية المشتركة، بذريعة أن الحكومة هي السلطة التنفيذية، متناسين الدور الرقابي المنشود دستورياً من مجلس الأمّة، ومتناسين أيضاً العدد الكبير من شكاوى وزراء وقياديين سابقين من الضغوط الإفسادية التي مورست عليهم من قبل نوّاب سابقين، إلى جانب تناسينا الضغوط النيابية التي أدّت إلى استقالة وإقالة عدد من الوزراء والقياديين السابقين الذين حاولوا التصدّي للفساد.

لذلك، وانسجاماً مع طرحه الجريء في لقاء متلفز «بودكاست» – قبيل الانتخابات الأخيرة – بشأن وجوب التصدي لظاهرة الغش في التعليم، أدعو النائب المستجد (الذي لم يُبْتَلَ بَعْد بفيروسات نيابية) المدرّس الفاضل/ أنور الفكر، إلى السعي لترؤس اللجنة التعليمية بهدف محاربة آفة الغش (في الامتحانات والشهادات والإنجازات... الخ) التي استشرت – بتجاهل ورعاية نوّاب سابقين – في منظومة التعليم، لكي تستعيد المنظومة قدرتها على استنساخ نظراء كثر للباحث/ علي باقر... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي