زمن الأساتذة القراء

تصغير
تكبير

كان الوطن العربي منذ عهده يعج بالمثقفين المتابعين للأحداث الثقافية الأدبية، كما كانت أسواق التجارة تزخر بأُمهات الكتب والكتاب والمجلات المفيدة من حيث الخبر والمعلومة والمرصعة بأسس الحوار وأبيات القصيد مما يطرح ويكتب بعكس هذا اليوم. وهنا أتحدث عن وطني الكويت بعد هجرة الأجيال المكتبات والكتب وانشغال الكثير من الشباب بتوافه الأمور، فهبطت كل المعايير ابتداءً من المطالعة إلى الأغنية الرصينة والعرض المسرحي الهادف الموزون.

يقول البعض رداً على ما أقول إنها التكنولوجيا الرقمية حيث تجد مكتبة الكونغرس الأميركي في رقاقة رقمية وزنها لا يصل إلى الغرامين يحتوي على آلاف المؤلفات والكتب والأخبار فبلمسةِ زر تذهب إلى شكسبير، ثم تبعد أكثر إلى عنترة بن شداد، وقد تغوص في عمق التاريخ لتجلس بحميمية الطالب المتشوق للعلم مع أرسطو، أو أفلاطون، ثم تعود لتستمع إلى سيدة الغناء السيدة أم كلثوم وهي تغني (أمل حياتي) أو (أنت عمري)، متجسدةً بقامتها وشموخها على مسرح الأزبكية وكانها عادت إلى الحياة بعد فراق طويل تعدى الخمسين عاماً (بالمناسبة) الأمر الذي قد لا يعرفه الكثير أن الأغنيتين من كلمات الشاعر أحمد شفيق كامل 1929 - 2008، الذي همس بأُذني مرّة بعد صلاة العشاء في جامع الحصري في مدينة 6 أكتوبر، أنه كتب الأغنيتين في الروضة الشريفة بالمدينة المنورة مخاطباً الرسول عليه وآله الصلاة والسلام بحبه وإيمانه وسعادته.

وقد لا أخفيكم أمراً إن قلت لكم عندما أسافر إلى أي مكان في العالم فإن المكان المفضّل لي دون منازع هو المكتبات التي تشكو اليوم شوقها للأساتذة القراء والكُتّاب العمالقة.

نعم هجرت الأجيال الكتب الورقية والرقمية فانتشر الفراغ وتفشى الفساد وانفلت الأمر إلى لا مسؤول ولا مسؤولية مع وجود وميض ضوء نهار آت بخجل نحو المستقبل بسبب وجود بعض أعمدة الثقافة في الوطن العربي والتجمعات الثقافية أو مراكز أدبية للكتاب والشعراء ومحبيهما من الشباب.

أملي الوحيد هو أن تنهض الكويت الدار السبّاقة للفنون والآداب والثقافة، ويعود العالم العربي لتكتب النصوص في مصر، فهي مرابع العلماء والكُتّاب المتميزين في العالم لتطبع كتاباتهم كتباً في بيروت فتقرأ في دمشق وبغداد والكويت، ويعود الرصافي شاعر العراق والجواهري الرافد الثالث في العراق وحافظ إبراهيم والعقاد وطه حسين وعلي الجارم ونجيب محفوظ يكتب عنهم أستاذنا د. محمد سلماوي، آخر عناقيد الكروم الذهبية في الوطن العربي أطال الله في عمره ومتّعنا بالمزيد من كتابته رغم فقر الساحة العربية لمريدي المطالعة والقراء مع ضحالة الأمل.

لتحقيق هذا فأنا أدق ناقوس الحذر مع رسالة محبة لكل مَن يعنيه الأمر في الوطن العربي، انقذونا فإننا نموت شوقاً ولهفة للأساتذة القراء فلا تسقطوا القلم الرصاص من يدي في آخر العمر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي