No Script

ولي رأي

ملامح كويت الغد

تصغير
تكبير

كتب الباحث الأميركي دانييل ليرنر، كتابه الشهير «زوال المجتمع التقليدي: إرساء الحضارة على مجتمعات الشرق الأوسط» في عام 1958. وضع ليرنر، خارطة طريق لاستعمار الشرق الأوسط فكرياً عن طريق وسائل الإعلام، وذلك لحماية الغرب من تحالف عربي مع روسيا والصين آنذاك ومكافحة المد الأحمر. نجحت الولايات المتحدة الأميركية في نشر ثقافتها في جميع أنحاء العالم وأصبحت المثال الأعلى للعمل الإعلامي. وتصبغت الشعوب العربية بالصبغة الأجنبية لغةً وعاداتً وثقافةً. وأصبح مقياس التطور لدينا هو مدى تشابه المجتمع العربي مع مجتمع غربي معين، بل تتسابق دول الخليج لمسح ملامحها وتتشكل بقالب غربي ليقال عنها «متطورة» و«متحضرة». لا ننبذ التطور أبداً، بل ندعو إليه قلباً وقالباً، ولكن ما التطور الذي نسعى إليه؟

كأكاديمي مختص بعلم الإعلام والإعلام السياسي، أرى لزوم اقتران التطور بملامح الشعب ذاته. ولعل أفضل المشاريع الخليجية اليوم هو مشروع عمان الجديد. تبني عمان مدناً جديدة متطورة وواسعة، ولكنها حافظت على هويتها الوطنية في التطور. فنرى عمرانها الجديد يشبه مبانيها التاريخية. لن ترى ناطحات سحاب في عمان، ولكن ستجد هوية عمانية في العمران. عكس ما نراه في مدن أخرى، إذاً، كيف نتطور؟ هل نصبح صلالة أخرى؟ لا يخفى عليك أخي القارئ أن الكويت في تطور مستمر منذ ستينيات القرن الماضي. لم تتخلف الكويت قط عن جيرانها. بل بالعكس، لدى الكويت مجلس أمة وديوان محاسبة ومجلس وزراء يقننون ويحاسبون ويراقبون المشاريع الإنشائية. قد تعتقد أن النهضة في الكويت بطيئة، ولكنها متينة ومستمرة وتخضع للرقابة وانتقاد الرأي العام.

التطور في الكويت يشبه شعب الكويت. فلن ترى مشاريع في الكويت يستنكرها الشارع الكويتي. ولن تجد مشاريع تستهدف جمهوراً أجنبياً فقط، أو مشاريع غالية جداً لا يتحمل تكلفتها الكويتي البسيط.

المشاريع الكويتية سُطرت للكويتي أولاً.أتمنى أن أرى توافقاً حكومياً ودعماً نيابياً لطرح مشاريع تخدم رؤية الكويت 2035 للشباب الكويتي. وأن أرى رخصاً تجارية تفتح مرة أخرى للشباب الكويتي. وأن تدعم الدولة عن طريق البنك الصناعي وصندوق المشاريع الصغيرة (وجهات أخرى) مشاريع الشباب الكويتي تخدم الصالح العام.

آن الأوان أن نرسم ملامح كويت الغد. كويت مبنية على سواعد وطنية. لنرى تطوراً يتوافق مع الهوية الكويتية. لنصنع سوق عمل وطنيا ينافس الشركات العالمية. فالكويتي لا يقل كفاءة عن نظيره الأجنبي. بات ضرورياً أن نقلب نظرية ليرنر، ونصدر سمعة الكويت للعالم، كما أصبحت دبي مركز استثمار ووحدة مركز للثقافة. لنجعل الكويت مركزاً ينافس الجميع.

إضاءة: فخور جداً بالدكتور شملان القناعي والدكتور محمد العنزي وزملائهما في قسم اللغة الإنكليزية في جامعة الكويت لإقامتهم مؤتمراً لغويات عالمياً استقطب أكاديميين من جميع أنحاء العالم. الكويت فخورة بكم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي