No Script

كيف ومتى وأين... سيأتي الردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني؟

هل تسمح أميركا بخروج الأمور عن السيطرة؟

تصغير
تكبير

نجحت إسرائيل في حرْف النظر عن جرائمها في قطاع غزة والضفة الغربية، لتشدّ نظر العالم نحو احتمال الحرب مع إيران التي كانت تخشى ذلك منذ انطلاقة السابع من أكتوبر. فعندما طلب القائد العسكري لحركة «حماس» محمد الضيف تدخّل «محور المقاومة بشكل كامل في الحرب على إسرائيل»، تريّث جميع الأعضاء لمنع خروج البوصلة عن القضية الفلسطينية التي تدعمها شعوب العالم، ولتفادي وضع إيران و«حزب الله» في محور المواجهة مقابل إسرائيل.

وعندما ردّت طهران على تدمير إسرائيل قنصليتها في دمشق، شكلت أميركا حلفاً إقليمياً - دولياً استعداداً لتخفيف وطأة الضربة بحيث يصل عدد قليل فقط من الصواريخ البالستية عبر اصطيادها المسيرات والصواريخ المجنّحة مع حلفائها، وهذا ما أعطى إسرائيل دعْماً معنوياً غير مسبوق أكد لها أنها تتمتع بحماية متينة في حال ذهابها لمواجهة إيران رغم المواقف الغربية التي تريد تجنّب اشتعال الشرق الأوسط بحربٍ شاملة.

ولهذا فإن القيادة الإسرائيلية تبحث كيفية الردّ على الردّ من دون دفع إيران لردّ يتوجب رداً إضافياً، لتتجه الأمور بعيداً في حربٍ أوسع. وصرّحت إيران بأنها سترد أقوى وأسرع وخلال ثوانٍ ومن دون إعطاء مهل، كما حصل بعد هجوم دمشق. فإلى أين تتجه الأمور في هذا الوضع المعقّد؟ وهل ستتقبل إسرائيل ضرب أهداف في اليمن أو سورية (ولبنان يشهد حرباً ولو محدودة) وخفض سقفها والقبول بإهانتها وكسْر ردعها؟... يبدو أن هذا هو خيارها الوحيد المتبقي.

وقد أكدت مصادر إيرانية قيادية، أن «الردّ على الرد (الإسرائيلي) آتٍ بحسب طبيعته ومكانه والأهداف المتضرّرة. فضرب وإصابة هدف عسكري سيقابله هدف مماثل في إسرائيل، وهدف نووي سيقابَل بالمثل. فلدى إيران أسلحة متقدمة لم تُستخدم في الرد الأول المدروس.

وهذا لا يعني أن الردّ على الرد لن يكون مدروساً بل أقوى وأكثر تدميراً ويوازي الردّ الإسرائيلي وأكثر كثافة نحو كل من الأهداف المختارة. ولا يُمكن لإيران مراعاة أي طلب دولي بتخفيف التصعيد لأن هذا الجهد يجب أن يوجّه نحو إسرائيل وليس لطهران. وان (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو لن يوافق على الضربة من دون الضوء الأخضر الأميركي المسؤول مباشرة عن الاعتداء على إيران وتعجرف الإسرائيليين».

وتستعد القيادة العسكرية الإيرانية للرد على إسرائيل بالجيل الثالث من أسلحتها المتقدمة وخلال وقت قصير قياسي بعدما وضعت كل السيناريوهات المحتملة مع بنك أهدافٍ مقابل، بحسب مكان الرد وطبيعته.

هناك قلق في الشارع الإيراني الذي خبِر بعض سكانه الحربَ الأخيرة التي وضعت أوزارها قبل 36 عاماً (أغسطس 1988 مع صدام حسين). إلا أن «الجمهورية الإسلامية» لم تدقّ جرس الإنذار - كما فعلت إسرائيل لأسبوعين - ولم تغلق الأجواء للطيران المدني الداخلي ولا الدولي ولم تعطّل المدارس والجامعات والدوائر الحكومية رغم الاستعداد العسكري على كل الجغرافيا الإيرانية.

وتَعتبر إيران أنها تستطيع امتصاص أي ضربة لأن جغرافيتها (مليون و650 ألف كيلومتر مربع) تتحمّل الخسائر مهما عظمت. بينما إسرائيل تعيش لعنة الجغرافيا بمساحة ضيّقة تبلغ 22 ألف كيلومتر مربع، وهي توازي مساحة محافظة ايلام الشمالية الغربية والتي تُعد الأصغر من أصل 31 محافظة إيرانية.

ولم تستطع إسرائيل تحقيق أيّ نتائج في غزة، فكيف يَعتقد مسؤولوها أن بإمكانهم تحقيق نتائج إستراتيجية مع إيران التي صمّمت على المواجهة المباشرة مع تل أبيب؟، وفق العديد من التحليلات.

وقد صرّح وزير «حكومة الحرب» وقائد الجيش السابق غادي آيزنكوت بان «إسرائيل تملك قدرات عسكرية وتكنولوجية لا تملكها أي دولة في العالم وقد استخدمنا قدرات هائلة في الحرب على غزة التي تبعد ساعة من هنا (مكان تواجده) ولكن العدو الأضعف (حماس) ألحق بإسرائيل أشد الضرر، ونتائج الحرب لن تنضج الآن بل بعد سنوات عدة».

لم تقدّم أميركا مساعدات عسكرية بهذا السخاء لأي طرف منذ الحرب العالمية الثانية مثل ما قدمته لإسرائيل في حربها على غزة.

وتالياً، فإن تل أبيب لن تذهب لمواجهةٍ واسعة واحتمال الحرب والرد على الرد المباشر من دون دعم أميركي، خوفاً من تدحرج الأمور لمستوى غير متوقع يصعب فيه السيطرة على «تجميد الحساب».

لذلك فإن إسرائيل ستبحث عن «ردٍّ حكيم»، كما يقول نتنياهو، يوازن بين أمرين: أولاً عدم استجرار حرب إقليمية. وثانياً الحفاظ على الحلف الذي دافع عن إسرائيل.

فإيران خرقت قواعد الاشتباك التي تركّزت على مبدأ إسرائيلي هو «المعركة بين الحروب» التي كانت اقتصرت على ضربات سيبيرانية وأمنية وضربات في أعالي البحار وأخرى ضد مراكز استخباراتية في العراق وسورية، لتتحوّل حرباً ومواجهة مباشرة بعد الخرق الإسرائيلي لقواعد المواجهة بتدمير القنصلية الإيرانية في سورية. ولذلك، فإن أميركا تدرك أن نتنياهو ربما لا يمانع توريطَها في الحرب لعلمه أنها لن تتركه وحده. ولكن إسرائيل، وحتى قبل الضربة الإيرنية، كانت فقدتْ عنفوانها بفشلها في تحقيق أهدافها أمام المقاومة الفلسطينية، وهذا ما كشفها أمام جميع الحلفاء والأعداء.

وأكد المسؤولون الأميركيون عدم «المساومة على أمن إسرائيل» حتى ولو «قامت بأفعال لا توافق عليها أميركا»، وفق الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر.

لقد صرّح الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي بان «الدعم الذي يوفره الغرب للكيان الصهيوني يوفر أرضية للتوتر.وستردّ إيران بمستوى هائل وواسع وفوري خلال دقائق على أي عمل عسكري ضدها».

إذاً، هل تستطيع إسرائيل تلقي لكمات صاروخية أخرى أقوى وأكثر عدداً وتدميراً مع إحتمال فتْح جبهات أخرى، أو تبحث عن مخرج طوارئ لخفض التصعيد وتخفيف الضربة على جبهات أخرى متوافرة؟

ولم يكن عابراً تعمُّد الناطق باسم البيت الأبيض والأمن القومي جون كيربي تسخيف نتائج الضربة الإيرانية وتعظيم الاعتراض الدولي والإقليمي الذي نتج عنه «إسقاط 99 في المئة من الصواريخ والمسيّرات»، ليصف القصف بـ «الاستعراض ولا داعي للردّ عليه»، وهذا كان بمثابة السلّم الذي قدّمته أميركا لنتنياهو. إلا أن الضغط الداخلي الذي يتعرّض يدفعه لاتخاذ خطوة لا يرغب بها، ولكن مدروسة.

المعادلة باتت متكافئة بين الطرفين لترمى الطابة في الملعب الإسرائيلي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي