No Script

«الوعد الصادق» يكشف «ثغراً إستراتيجية مهمة»

لا حرب جديدة لإسرائيل على إيران ولبنان... بدعمٍ أميركي

 حفرة كبيرة خلفتها غارة إسرائيلية في قرية علما الشعب جنوب لبنان أمس (أ ف ب)
حفرة كبيرة خلفتها غارة إسرائيلية في قرية علما الشعب جنوب لبنان أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- طهران لم تطلق أياً من صواريخها الحديثة... الفرط صوتية

كشفت الضربةُ الصاروخية الإيرانية عن «ثغر إستراتيجية مهمة» رسمت خريطةَ الحرب المقبلة، وأكدت أن إسرائيل لن تقوم بأي حرب جديدة بدعم أميركي ما دام الرئيس جو بايدن منغمساً في انتخاباته الرئاسية ولا يريد خسارتها نتيجة يأس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسبب الحرب على قطاع غزة وفشله فيها، لتأتي الضربة القاضية للردع الإسرائيلي على يد «الجمهورية الإسلامية في إيران»، وفق مصادر قيادية إيرانية.

وتقول المصادر القيادية إن «عدداً كبيراً من الصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة وصلت إلى هدفها ودمّرته أو أوقعت فيه إصابات مهمة». وقد أكدت معلومات أميركية انه «على الأقل خمسة مواقع عسكرية مختلفة أصيبت بالضربة الإيرانية وان 9 صواريخ بالستية أصابت قاعدتين جويتين في صحراء النقب».

وهذا من شأنه أن يدحض ادعاء إسرائيل بانها وحلفاءها، أسقطوا 99 في المئة من الصواريخ والطائرات المسيّرة (الـ400) التي كسرت فيها إيران عجرفة وكبرياء «الجيش والدولة التي لا تُقهر والأقوى في الشرق الأوسط».

وتضاربت الأنباء الصادرة عن إسرائيل والتي أكدت بدايةً أنها تل أبيب «اتخذت قرار الرد» ليحفظ نتنياهو ماء وجهه، لتعود الحكومة وتُسَرِّبَ ان «أميركا رفضت دعم أي حرب جديدة» وانها أبلغت نتنياهو أن عليه «الكف عن التصرف مثل رامبو».

وبحسب ما رَشَح عن اجتماع مجلس الحرب، الأحد، فإن نتنياهو يتردّد في قراره بالحرب على إيران رغم دعم أعضاء المجلس لضربة لها.

وهذا الموقف يُنْقِذ نتنياهو ويخرجه من إحراجه والضعف الذي هو فيه. بل أكثر من ذلك بكثير، إذ يؤكد أن إسرائيل لا تذهب لأي حرب من دون موافقة الولايات المتحدة ودعمها العسكري والسياسي والاستخباراتي وفي المحافل الدولية، ومن دون الدعم المعنوي التي تحتاج تل أبيب إليه لتبرير حروبها، بحسب المصادر.

وما تأكد أكثر في ضوء الضربة الإيرانية، أن الجيش الإسرائيلي احتاج لكامل أنظمته المعترضة، إضافة إلى «باتريوت» الأميركي وسلاح الجو الأميركي والبريطاني والفرنسي، لاعتراض الصواريخ المجنّحة والبالستية والطائرات المسيَّرة، بما كشف الثغر الإسرائيلية الدفاعية.

وبحسب المصادر القيادية، كشفت الضربة صعوبةَ إسرائيل وحلفائها الأقوياء في اعتراض الصواريخ البالستية حتى القديمة منها التي استخدمتها إيران مثل «قادر» (صنع منذ 20 عاماً) و«عماد» (منذ 10 أعوام) و«ديزفول» (منذ 5 أعوام) و«خيبر» (منذ ثلاثة سنوات).

وأكدت المصادر، أن طهران لم تطلق أياً من صواريخها الحديثة التي يستحيل اعتراضها مثل الصواريخ الفرط صوتية التي أعلنت عن امتلاكها وتصنيع العديد منها وإدخالها في الخدمة لقوات الحرس الثوري.

إلا أن إيران وحلفاءها اكتشفوا أن الصواريخ المجنّحة والمسيّرات يمكن اعتراضها - جواً من خلال سلاح الطيران - إذا أُطلقت من مسافة بعيدة ويستعدّ لوصولها العدو.

وإلى ذلك، فإن ضرب الصواريخ والمسيّرات من مسافة قريبة جداً، مثل الحدود مع لبنان أو مع سورية، من الممكن أن يباغت إسرائيل ويلحق الأذى الأكبر بها إذا أضيفت لها صواريخ بالستية يملكها كل من «حزب الله» في لبنان وعلى الحدود السورية وكذلك العراق واليمن، وبمجرد إغراق المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.

ومن الطبيعي أن تختبر إيران صواريخها وردّ فعل حلفاء إسرائيل الذين شاركوا في الاعتراض لتستخلص العِبر المهمة بعدما أعطتهم الوقت الكافي للاستعداد، خصوصاً باستخدامها نوعين من الصواريخ: ذات الوقود الصلب السريع الإطلاق خلال دقائق قليلة، وصواريخ ذات الوقود السائل الذي يحتاج إلى نحو أقل من ساعة لإطلاقها.

وهذا ما يعطي المعلومات الكافية بالاستعداد للإطلاق للأقمار التجسسية التي ترصد التحضيرات للإطلاق وتستعدّ لنتائجها.

ولهذه الأسباب يستخدم حلفاء إيران الصواريخ ذات الوقود الصلب لضرورة سرعة الانتشار والإطلاق لتفادي اصطيادها من سلاح الجو الإسرائيلي المهيْمن.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ليلة الرابع عشر من أبريل بـ «الدراماتيكية على الشعب والدولة».

ومن الظاهر أن هذا التاريخ، ومعه السابع من أكتوبر، لن يمحى من ذاكرة إسرائيل التي فقد سكانها الثقة بدولتهم المغتصِبة التي فشلت بحمايتهم حتى من «معاقبة» إيرانية بسيطة.

واحتاجت إسرائيل لـ 175 ألف جندي نظامي وإلى الدعوة لتجنيد 360 ألف احتياطي جُندوا سابقاً في الجيش لشنّ أبشع الحروب على غزة، بمساحةٍ لا تتجاوز 364 كيلومتراً مربعاً.

وفشل هؤلاء، رغم مساعدة آلاف الجنود الأميركيين من «قوات دلتا» المختصة والدعم الاستخباراتي اللا مسبوق الأميركي والبريطاني والألماني والفرنسي، في احتلال غزة والبقاء فيها والقضاء على المقاومة الفلسطينية. فما الذي سيحتاج إليه نتنياهو وجيشه للبدء بالحرب على لبنان أو فتْح جبهة مباشرة مع إيران؟

لن يكفي إسرائيل، جنود حلف شمال الأطلسي (الناتو) مجتمعين دعْماً لها في هذه الحالة والأداء اللذين وصل إليهما جيشها، وفق مصادر مطلعة، وهذا ما لا يَخفى أبداً على القيادة السياسية والعسكرية الأميركية، وكذلك على قيادة «حزب الله» وإيران وحلفائها.

لهذه الأسباب، وللخسائر الاقتصادية المقبلة التي تنوء تحت حملها الحكومة والشعب في إسرائيل، وبفعل عدم رغبة أميركا في دخول حروب نتنياهو ليبقى في حُكْمه، وبسبب الانتخابات الرئاسية التي يجابهها بايدن والتي أصبحت نتائجها غير مضمونة له، فإنه من المستحيل موافقة واشنطن على أي حرب جديدة مجهولة النتائج، خصوصاً في ظل استعداد الأطراف الأخرى للدفاع عن نفسها بأساليب قتالية حديثة ستتسبب بأضرار جسيمة لإسرائيل وحلفائها.

ولم تتردد طهران بتوجيه تحذير قوي لإسرائيل ولأميركا مباشرة إذا هوجمت، ما يؤكد «استعداد إيران وحلفائها لطرد أميركا من العراق وسورية»، كما تقول مصادر قيادية إذا نشبت الحرب، وإلحاق الأذى الكبير بإسرائيل.

وهذا يعني أن احتمال الحرب على إيران قد ضعف ما دام بايدن في السلطة، إلا إذا أراد نتنياهو الانتحار.

لقد حاكى «الوعد الصادق» 2024 «الوعد الصادق» 2006 (أسْر «حزب الله» جندييْن إسرائيليين ما تسبب بحرب الـ33 يوماً آنذاك على لبنان). وهذا يدلّ على أن إيران وحلفاءها أصبحوا أكثر تسلّحاً وخبرة قتالية ومعرفة بثغر العدو ومخاوفه، وأكثر جرأة للتحدي والاستعداد للحرب.

لقد اختلف التوازن في الشرق الأوسط في شكل لم يعد هناك أي شك فيه، وانتهت أسطورة إسرائيل التي لا تُقهر. ويبقى السؤال الأهم: ما هو عدد الإسرائيليين المغادرين إذا ذهبت إسرائيل للحرب، وكم سيبقى من هؤلاء على أرض فلسطين؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي