«الركادة»

تصغير
تكبير

كما توقّعت وكتبت بتاريخ 2024/2/23 قبل الانتخابات تحت عنوان «صدمة قانون الانتخابات» بأن نتائج الانتخابات الحالية لن تأتي بجديد طالما لم يتم تغيير قانون الانتخاب الحالي ولم تفرز أسماء المزورين والمزدوجين من كشوفات الانتخاب، منهياً المقالة بمثل إنكليزي:-( Rubbish in Rubbish out).

وفي ضوء هذه النتائج نقول كما قال الشاعر فهد بورسلي، رحمه الله:- (راحت رجال تنطح الدروازة وجانا رجال المطنزة والعازة)،

وبالفعل أول ما ظهرت النتائج الأولية حتى بدأ بعض هؤلاء المرشحين بالصراخ والتنافس في ما بينهم وتحدي الدولة، ولا أقول تحدي بعض الأشخاص في حكومة تصريف الأعمال من منطلق «نريد هذا ولا نريد ذاك» كأنهم هم المطلوب منهم تشكيل الحكومة في مخالفة صريحة للدستور.

إنّ تشكيل الحكومة لا يعنيهم من يدخل أو يخرج، فنواب الأمة مسؤولون عن مراقبة برنامج الحكومة وتشريع ما يلزم من قوانين أو تعديل بعض القوانين لمساعدة الحكومة في أداء عملها على الوجه الأكمل ومحاسبة المقصر من الوزراء، هذا هو الدور الحقيقي المطلوب من أعضاء مجلس الأمة وليس إطلاق العنتريات والأهواء في وجه الشعب بتصورهم أنهم سيكونون أبطالاً شعبيين في مواجهة الحكومة وكأن حكومتنا حكومة نتنياهو الصهيونية.

«الركادة»، وهي كلمة كويتية شعبية ومعناها لمن لا ينطق اللهجة الكويتية الهدوء والنظر للأمور باليسر لا بالعنف اللفظي والتجريح.

والآن وبعد اعتذار بعض القيادات من أُسرة الحكم عن تولي منصب رئيس مجلس الوزراء في ضوء تشكيلة المجلس الحالي، وعودة جماعة الصراخ، فإن السؤال المطروح ما العمل وإلى أين تتجه الدولة؟ وهل ستتخلى الحكومة عن متابعة الحفاظ على الهوية الوطنية من المزوّرين والمزدوجين؟ ترضية للمتنمرين من الأعضاء.

لا شك، أن هناك مسؤولية كبرى نأمل من السلطة أن تتحملها في مواجهة أولئك المتنمرين من الأعضاء على مصالح الدولة العليا، لأنه كما سبق وأن قلنا مراراً وتكراراً إن الأحداث الإقليمية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط ككل تحتاج إلى تكاتف وحماية مجتمعنا من أي شوائب في تركيبته السكانية من خلال اتخاذ قرارات حاسمة لدرء الأخطار المقبلة على الإقليم الخليجي بصفة خاصة، فالمحافظة على الأمن الوطني هي الضرورة القصوى التي نحتاجها، ولا نريد كشعب تكرار تجربة مجلس 1985.

إن على المراهقين السياسيين من أعضاء مجلس الأمة الذين يمارسون مراهقة الصراخ واستخدام الألفاظ الجارحة والخارجة عن الاحترام، الركادة، أن يستوعبوا الأخطار التي تمر بها منطقتنا ولا نريد أن يمارس الأعضاء سياسة من سبقهم من أعضاء مجلس الأمة عام 1985، عندما كانت الحرب العراقية - الإيرانية تستعر قرب حدودنا، وكان جُل اهتمام بعض من أولئك الأعضاء في كيفية ضرب هيبة الحكم من خلال اختيار شخوص محددة من الشيوخ الأعضاء في الحكومة لاستجوابهم دون الاعتداد بما يحيط حدودنا من أخطار الحرب العراقية - الإيرانية آنذاك، وقد أشار بذلك د. عبدالله النفيسي، الذي كان عضواً برلمانياً في مجلس 1985 في أحد لقاءاته التلفزيونية في برنامج «الصندوق الأسود» معترفاً بأن ما قاموا به مع زملائه من النواب بهذه السلوكيات يعتبر مراهقة وقصور نظر سياسي ولم يكن من اهتمامهم الأمن الوطني مع أن الحرب عند الحدود، وهذا الاعتراف يعد شجاعة أدبية من قبل د. النفيسي، مقدرة ومحترمة، وقد كانت هذه الأخطاء السياسية القاتلة أحد أسباب قيام صدام بغزو الكويت باعتبار أن الجبهة الداخلية الكويتية مفككة ومتآكلة.

إن خطاب سمو الأمير في العشر الأواخر من شهر رمضان قد لخّص السياسة الداخلية والخارجية، ودور الحكومة القادمة في تنفيذ تلك التوجهات فهي صمام الأمان لبلدنا، وإن على أعضاء مجلس الأمة أن ينصاعوا لتلك السياسة فالناس لم تختارهم لسواد عيونهم أو لعلو صراخهم وإنما انتخبوهم ليحافظوا على أمن البلاد والعباد وليس مناكفة الحكومة في كل شاردة وواردة.

أرجو أن نستوعب درس الاحتلال العراقي، كما أننا نأمل البحث عن الشرفاء من تتوسم فيهم السلطة القيادة لتولي المناصب العليا والوسطى.

إن أهل الشرف موجودون أمامنا دائماً وعلى المسؤول أن يبحث عنهم للاستعانة بهم على مساعدة الحكم لأن شرفهم يمنعهم من الخيانة. وهذا ما نصح به الفقيه حسن البصري، أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز، عندما سأله بمن أستعين في الحكم فنصحه بأهل الشرف الذين يخشون سمعة شرفهم. وهذا ما ننصح به وليس على مبدأ المحاصصة والقرابة والصداقة.

إنّ تحمل مسؤولية شرف خدمة مصالح الوطن والحفاظ على أمن العباد من أجلّ المسؤوليات سواء على المستوى الشرعي أو الوطني، لذا فإن الاعتذارات الآن ليست مقبولة إذا لم تكن هناك أسباب موضوعية بالاعتذار لدى المعني لأنه سيُعد تهرباً من المسؤولية مع أن الوضع العام يحتاج إلى المواجهة وحسم الأمور بشكل واضح لا لبسَ فيه لتحقيق المضامين الواردة في خطاب صاحب السمو، أمير البلاد، حفظه الله، بالعشر الأواخر من رمضان لاستتباب الأمن والأمان لوطننا.

والله المستعان.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي