No Script

حسمت الأمور خلال 48 ساعة وبأقل قدر ممكن من الأضرار والخسائر

الحرب البرية... طريق الحرية

تصغير
تكبير
| كتب منصور الشمري |

بتاريخ 24 فبراير من العام 1991 اي منذ 19 عاما وفي هذا اليوم نفسه تحركت جحافل القوات البرية التابعة لقوات التحالف التي تنتمي لأكثر من 34 دولة، وكانت تتركز في المملكة العربية السعودية انذاك من أجل تحرير دولة الكويت من براثن الاحتلال العراقي الغاشم، في أكبر حرب شهدها التاريخ الحديث لطرد القوات العراقية من الكويت بعد فترة احتلال دامت ما يقارب الاشهر السبعة.

وقد بدأت الاستعدادات للحرب البرية تظهر منذ تاريخ 18 فبراير في مؤشرات عدة، اهمها تقارير استخباراتية تتحدث عن انهاك كامل للقوات العراقية المتمثلة في القوة الجوية وقوات الحرس الجمهوري، واحاديث عن تمرد وضعف ووهن لافراد الجيش العراقي.

لا سيما ان الحرب الجوية حققت اهدافها في تدمير كامل لمواقع واهداف العدو، وساهمت في اضعافه إلى درجة الوهن.

الحرب البرية بدأت تظهر بوادرها من خلال الاستعدادات التي جرت آنذاك، خلال حشد عدد مهول يصل إلى 500 الف جندي على طول الحدود بين الكويت والعراق بحيث تكون ساعة الصفر هي موعد الهجوم المباغت لتحرير الكويت.

وفي تاريخ 24 فبراير جاءت ساعة الصفر، عندما صدرت الاوامر من القيادة الاميركية، وهي قائدة جيوش التحالف بالتحرك في الساعة 16 لجميع القوات البرية بمساعدة ودعم من القوة الجوية لتحرير الكويت، الامر الذي جعل خطة تحرير الكويت من اكثر الخطط العسكرية ذكاء وباتت تدُرس في الجامعات العسكرية في العالم.

وكانت المفاجأة يوم 24 فبراير العام 1991 عندما بدأت القوات البرية تتحرك لتحرير الكويت، الا ان قائد القوات المتحالفة آنذاك الجنرال شوار زكوف فاجأ العراقيين عندما بدأ حرب تحرير الكويت من خلال غزو العراق من الحدود الجنوبية للعراق عندما دخلت قوات التحالف البرية العراق من جانب من منطقة السماوة في العراق ليحقق بذلك اهدافا عدة اهمها:

- ارباك القوات العراقية التي كانت تتركز في الكويت.

- قطع الامدادات عن القوات العراقية التي كانت تتركز في الكويت.

- قطع الاتصال بين قطاعات الجيش العراقي الموجودة في العراق والكويت.

- تسهيل عملية استسلام الجيش العراقي المنهك في الكويت.

- سهولة مهمة القوات البرية للتحالف التي تهاجم القوات العراقية من الجنوب.

- اشغال القيادة العراقية بمواجهة غزو العراق وصدور الامر بسحب القوات من الكويت.

- تقطيع اوصال الجيش العراقي وخلخلة قطاعاته.

ولا شك ان هذه الاهداف تحققت في يوم واحد وهو تاريخ الحرب البرية في 24 فبراير الامر الذي سهل دخول القوات البرية للتحالف من جنوب الكويت وتحرير الكويت خلال 48 ساعة فقط من الحرب البرية.

ولا شك ان الحرب البرية سبقتها تجهيزات بدأت بتاريخ 18 فــــبراير.

فبتاريخ 18 فبراير 1991 انتقلت اسراب الهليوكبتر من قاعدة الجبيل إلى نقطة متقدمة على الحدود السعودية في رأس مشعاب استعدادا للمعركة البرية وكانت المعلومات قد توافرت يوم 23/2/1991 الساعة 16.00 بأن الحرب ستبدأ غدا واعطيت اسراب الهليوكبتر مهمة تحديد سير القوات البرية وحماية الاجنحة واقتناص اي قوة مدرعة للعدو، واعادة الاتصال عبر الطائرات.

وفي بداية الحرب البرية جاءت اول مهمة في حدود الساعة التاسعة صباحا حين وصلت 4 طائرات غزال وطائرة بيوما لاعادة الاتصال، حيث طارت إلى رأس الزور وتم اسر قوات عراقية واستمرت الوتيرة على المنوال نفسه.

طائرات السكاي هوك والميراج تهاجم اهدافها المخصصة في الكويت المحتلة وقامت طائرات الغزال بضرب قوات عراقية بصواريخ هوت في منطقة الجليعة، وقامت طائرات البيوما والسوبر بيوما بنقل الجرحى إلى رأس مشعاب ثم الجبيل.

في صباح يوم التحرير 26 فبراير 1991 تقدمت طائرات الهليوكبتر إلى منطقة متقدمة في الكويت المحررة لتتخذ احدى مدارس منطقة ام الهيمان مع القيادة المتقدمة للجيش الكويتي قاعدة لها. وكان مقررا الانتقال إلى مطار الكويت الدولي إلا ان المطار لم يكن قد تم تنظيفه بعد من فلول القوات العراقية المهزومة والتي كانت تستسلم بعشرات الآلاف في منظر مذل للغاية.

لقد فوجئت قوات التحالف بالاعداد الهائلة من الاسرى العراقيين، وقام الضباط الكويتيون بإدارة هذه الاعداد الكبيرة والتحقيق ممن تستدعي الضرورة للاستفادة من معلوماتهم لتسهيل العمليات القتالية.

القوات البرية في القطاع الشمالي والقطاع الشرقي كانت مهيأة نفسيا للحرب البرية، حيث سبق التدرب على الخطة. كان الجانبان السعودي والاميركي قد عرضا امر العمليات على القوة الكويتية من دون تحديد ساعة الصفر وكانت ابرز ملاحظات القيادة العسكرية الكويتية في الحفر استحالة نقل الفرقة 82 المحمولة جوا من الخفجي في السعودية إلى منطقة عملياتها في الناصرية في العراق، لحاجة تلك المسافة إلى عملية امداد لا تقل عن شهرين. تبين فيما بعد ان نقل الفرقة كان جزءا من حركة الخطاف اليسرى المشهورة التي فاجأت العراقيين واحتلت جنوب العراق.

في الرياض، أبلغ وزير الدفاع آنذاك الشيخ نواف الاحمد مكتب الارتباط العسكري بابلاغ القيادة العسكرية بالاستعداد لدخول الكويت بعد تحرير مدينة الكويت حيث تم تحضير الخيام والسيارات والغذاء لطليعة القوة.

في القطاع الشمالي تحركت القوة الكويتية ضمن القوة السعودية في الصباح الباكر من يوم 24 فبراير كالتالي:

أ- القطاع الشمالي

تم تكليف قوة الواجب خالد والمكونة من اللواء 20 السعودي ولواء الشهيد 35 الكويتي بمهمة فتح ثغرات في حقول الالغام، فتحركت القوة في صباح يوم 24 فبراير 91 في ظروف جوية سيئة لتنفيذ المهمة، فاستطاعت فتح الثغرات طوال فترة الظهر والمساء، فقام الجانب العراقي بفتح السد الناري ما اخر القوة قليلا، فساعدت الطبيعة القوة عندما هطلت امطار غزيرة ساهمت في اطفاء النيران، فتقدمت القوة لتحتل مباني اللواء 35 على طريق السالمي الساعة الحادية عشرة صباحا يوم 25 فبراير 1991.

ظلت قيادة القطاع الشمالي للكويت في الخلف بينما تحرك لواء التحرير السادس مع اللواء السعودي، وبعد فتح ثغرات عدة في حقول الألغام خصصت فتحتان لدخول القوات الكويتية، فتحرك اللواء السادس بسرعة شديدة لخفة تسليحه عكس اللواء 20 السعودي الثقيل التسليح بحيث تجاوز الموقع المقترح في الخطة وهو نقطة محددة بعد حقول الألغام ليقف في موقع اللواء 35 على طريق السالمي قبل وصول بقية القوة.

كانت مسؤولية تحرير مدينة الكويت قد تقرر تركها للقوات الكويتية، إلا انه لعدم وجود مقاومة عراقية تذكر وسهولة الحركة وانهيار الجيش العراقي السريع على مسرح العمليات الكويتي، فلقد دخلت غالبية القوات مدينة الكويت فيما بعد.

في اليوم نفسه 25 فبراير 91، تحركت كتيبة من القوة الكويتية وكتيبة من القوة السعودية للمساهمة مع القوات الاخرى في تحرير الكويت وحماية المناطق الحيوية، فدخلت مقدمة من قيادة القوة السعودية بقيادة اللواء تركي حديجان لتعسكر في موقع اللواء 80 الكويتي قرب مدينة الجهراء، بينما تسلمت كتيبة كويتية مقصب اللحم في الشويخ وتمركزت الكتيبة السعودية في المدرسة الفنية بجانب المستشفى العسكري وبالنسبة لقيادة القطاع الشمالي الكويتية تحركت في اليوم نفسه إلى الكويت وتم انشاء قيادة في الصليبية وراء المخازن العمومية لمدة ليلة واحدة ثم تقدموا إلى مبنى الكلية العسكرية في جيوان مع مجموعة من العسكريين الاميركيين.

لم يتقدم لواء الشهيد 35 إلى مدينة الكويت بناء على تعليمات القيادة العسكرية وظل معسكرا في مقر اللواء على طريق السالمي، حيث طُلب منه تشكيل قوة واجب بحجم سرية برئاسة المقدم حمد الرشيدي للالتحاق بالوحدات الاخرى من الجيش الكويتي للمشاركة في الأمن الداخلي وقتال المدن اذا تطلب الامر ذلك.

في يوم التحرير 26 فبراير 1991، تحركت بعض الوحدات إلى مدينة الكويت وتم البدء في وضع تصور لمواقع القيادات حيث تم وضع كتيبة في احدى المدارس الكويتية في العمرية وكتيبة في الشبرة الواقعة امام سينما الصليبخات.

قيادة اللواء السادس غادرت موقع القيادة بالقرب من سينما الصليبخات إلى موقع آخر في احدى مدارس منطقة الفروانية خلف فندق الهوليدي ان، ثم تحركت إلى منطقة الرقعي لانعدام الامان في الفروانية.

بالنسبة إلى اللواء 35 فلقد غادر موقعه مع اللواء الرابع السعودي مخترقين حقول الالغام إلى المواقع المقررة سلفا إلى ان وصل إلى مدينة الكويت كما هي خطة قيادة القطاع.

ب- القطاع الشرقي

حال بدء الحرب البرية تقدمت قيادة القطاع الشرقي إلى الخفجي، وتقدم لواء الفتح مع القوات السعودية والمارينز التي شقت طريقها بعد فتح ثغرات في حقول الألغام من جهة النويصيب، بينما كان لواءا الحق وبدر يتقدمان مع القوات السعودية في القطاع الاوسط من الجبهة.

كانت الحركة في هذا المحور سريعة ومشابهة لحركة المحور الشمالي، وعند مخفر النويصيب وهو اول نقطة كويتية محررة قام اللواء جابر الخالد برفع علم الكويت على مخفر النويصيب، بعد ان كان العلم الكويتي قد رفع على جزيرة قاروه التي حررها ابطال القوة البحرية قبل ذلك.

استمرت الالوية التابعة لقيادة القطاع الشرقي بالتقدم إلى داخل الكويت تحت مظلة القيادة السعودية، اقامت قيادة القطاع مركز قيادتها في البداية في مخفر مشرف قبل الانتقال إلى مدرسة في بيان اما لواء بدر فعسكر في احدى مدارس الفحيحيل، ولواء الحق اقام قيادته في احدى مدارس منطقة سلوى.

قامت قيادة الجيش الكويتي بالانتقال من منطقة الخبر إلى منطقة قيادة موقتة في ام الهيمان في جنوب الكويت مباشرة كموقع قيادة لمدة 3 ايام قبل ان تنتقل إلى المستشفى العسكري لتواجد الكهرباء فيه.

وبتاريخ 26 فبراير تم تحرير كامل التراب الكويتي من براثن المحتل العراقي وأعلن هذا التاريخ كيوم تاريخي يتم الاحتفال به سنويا للتذكير بأكبر مأساة عاشها العالم الحديث عندما حاولت دولة احتلال دولة اخرى وإلغاءها من الخريطة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي