سيرة ومسيرة «ابن الكويت»... في كتاب
يوسف شهاب البحر لـ «الراي»: والدي نال التكريم الوطني الذي يستحقه... والمادي لا قيمة له
- ارتأيت التركيز على الشخصية بشكلٍ مكثّف... من دون التشعّب بالأحداث
- تأثرت بوالدي واتخذت منه صفة الثبات على الموقف الصح
«التكريم المادي لا قيمة له بالنسبة إليه، فقد نال والدي التكريم الوطني الذي يستحقه».
هذا ما قاله الدكتور يوسف البحر، الذي أصدر كتاباً عن والده «ابن الكويت» شهاب بن أحمد البحر، لتأريخ سيرة ومسيرة هذا الرجل، الذي غَرس ولاءه وانتماءه في تراب هذه الأرض، فكان لها درعاً حصيناً، من سهام الغدر الآتية من خارج الحدود.
وأوضح البحر في حوار مع «الراي» أنه عمد إلى أن يكون الكتاب صغيراً و«ملموماً» كي لا يكون ثقيلاً على القارئ، «كما ارتأيت التركيز على شخصية الوالد بشكلٍ مكثّف من دون التشعّب بالأحداث»، مؤكداً أنه ليس كاتباً أو روائياً، ولكنه وجد أمامه موسوعة من الصور والوثائق المهمة، التي لا يمكن اجتيازها، وتستحق النشر.
• القارئ لكتاب «ابن الكويت... شهاب أحمد البحر (سيرة ومسيرة)» سيلاحظ جيداً حجم الجهد الذي بذلتموه لسرد أحداث تأريخية بالغة الدقة، فكم من الوقت أخذ منك هذا الإصدار؟
- في البداية لم تكن لديّ النيّة لإصدار كتاب عن والدي رحمه الله، لأنني لست كاتباً أو روائياً، ولكن جاءت فكرة هذا الإصدار عندما وجدتُ أمامي مجموعة كبيرة من الصور والوثائق والمعلومات التاريخية المهمة والمستندات، والتي لا يمكن اجتيازها من دون التوقف عندها مطولاً، فأصبحت أسترجع الذكريات وأجمعها في مكتبتي داخل البيت.
• إذاً، مَنْ شجّعك على إظهار هذه السيرة من الأدراج إلى النور؟
- كانوا جيراني، وأصحاب الدواوين الواقعة في الشارع هم أول من شجعني على كتابة هذه السيرة التاريخية، خصوصاً بعدما أُطلق اسم والدي شهاب أحمد البحر قبل عشر سنوات على الشارع الذي نسكن فيه منذ أكثر من 56 عاماً، ومن هنا جاءت الفكرة لتدوين سيرة ومسيرة والدي. وكما ذكرت في مقدمة الكتاب إنه ليس دافعي وحماستي للكتابة عنه كونه والدي، وإن كان ذلك دافعاً مشروعاً ولوناً من ألوان البِر يمكنني الوفاء به، ولكنني كتبت سيرته لأنه شخصية كويتية من الزمن الجميل.
• لماذا اقتصر الكتاب على 95 صفحة، رغم غزارة الأحداث ومخزون الذكريات لهذه الشخصية الوطنية؟
- لأنني ارتأيت التركيز على الشخصية بشكلٍ مكثّف من دون التشعّب بالأحداث. وللعلم، قبل الشروع في هذا العمل، استشرت بعض الأصدقاء ومنهم الشاعر والأديب والمؤرخ الدكتور يعقوب الغنيم، الذي كنّا نتجمع في ديوانه مساء كل ثلاثاء، إذ قدمت له الفكرة والصور والوثائق، فأشاد بها كثيراً، ورأى أن الذي في حوزتي عن الوالد يرتقي إلى أن يكون مادة جاهزة ودسمة لإصدار كتاب، وبعدها قمنا بوضع الأفكار والخطط الأولية، ولقد ساعدني كثيراً في اللغة العربية.
• لماذا جاء الكتاب صغيراً، أو«ملموماً» كما نقول في العامية؟
- لقد تعمّدت أن يكون تصميم الكتاب بقياسات صغيرة حتى لا يكون ثقيلاً على القارئ.
• برأيك، لماذا اختار الوالد «رحمه الله» طريق التجارة بشراء الأرض «الصبخة» في المرقاب، ومِنْ ثَم بناء الدكاكين عليها وتأجيرها، ولم يركب البحر كسائر أبناء جيله؟
- لأنه لم يرَ نفسه في البحر، بل كان لديه تحدٍ دائم مع الذات، كما اتصف بالعديد من الصفات الطيبة، ولذلك كان الكثير من الناس يلجأون إليه لحلّ مشكلاتهم.
• هل تطلّب منك الأمر الاستعانة ببعض المراجع لتوثيق سيرة العم شهاب بن أحمد البحر، أم أنك تعرف عنه ما لا يعرفه غيرك؟
- كونه والدي، فأنا أعرف عنه الكثير ولكن ليس كل شيء. لذا، حاولت التواصل مع أصدقائه ورفاق شبابه، حتى التقيت أحدهم، وهو الحاج محمد سلطان، الذي استذكر مآثره، وقال إن ذكره بالخير جاء شعراً ونثراً، حيث كتب عنه خاله الشاعر منصور الخرقاوي قصيدتين إحداهما في حياته، وأخرى رثاه بها بعد وفاته.
• هل تعتقد أنك قلت كل شيء عن الوالد في هذا الكتاب؟
- إن شاء الله، أكون «كفيت ووفيت».
• على الصعيد الشخصي، ما أكثر الصفات التي تأثرت بها من والدك، واتخذت منها شعاراً لك في الحياة؟
- صفة العدل والثبات على الموقف. فقد علمني الثبات على الصح مهما كانت المغريات، وألا أظلم أحداً في حياتي.
• هل ترَى أن العم شهاب أحمد البحر، نال التكريم الذي يستحقه في حياته؟
- إذا كنتم تقصدون التكريم المادي، فلا قيمة له بالنسبة إلى والدي. ولكنه نال بالفعل التكريم الوطني والمعنوي الذي يستحقه، حيث كرّمه الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح عندما كان وزيراً للداخلية خلال العام 1967 بـ «وسام الواجب الوطني من الدرجة الأولى»، بالإضافة إلى «وسام الواجب العسكري»، وثم تتويج ذلك بعد وفاته بإطلاق اسمه على أحد شوارع الكويت.
«الخطوط الزرقاء»
بسؤاله عن رمزية الخطوط الزرقاء المرسومة على غلاف الكتاب، قال البحر إنها ترمز إلى الفترة القصيرة التي عمل بها والده في البحر مع النواخذة من عائلة العميري، «أما اللون (البيج) الذي يأخذ حيزاً كبيراً من الغلاف، فهو يشير إلى الصحراء المنبع الذي جاء منه، وتحديه قساوة الصحراء في استصلاح الأرض التي اشتراها وحوّلها لتكون مصدراً للرزق والسكن، حيث إنه كان شديد البنية ولمّاحاً وذكياً وقوي الشكيمة».