«(إن شاء الله سليمة) أول قصة قصيرة نشرتها في العام 1978»

طالب الرفاعي لـ «الراي»: لهذه الأسباب... لا أرتدي «الغترة» و«العقال»

تصغير
تكبير

- القصة القصيرة... أجمل الفنون وأصعبها
- أسّست «جريدة الفنون» في المجلس الوطني للثقافة... ولكنها توقفت عن الإصدار

«لوكانت طبيعة عملي تُحتّم عليّ الجلوس على المكتب، لربما شاهدتموني بالزي الوطني»!

هكذا جاء ردّ الروائي القدير طالب الرفاعي على سؤال «الراي» عن السبب وراء عدم ظهوره في الدشداشة والغترة والعقال، أسوة ببقية الأدباء والمثقفين في الكويت، عازياً الأمر إلى عمله الميداني السابق في المواقع الإنشائية، ومع العاملين في البناء.

الرفاعي، استذكر في هذا الحوار، علاقته بالقصة القصيرة التي يعشقها، مؤكداً أنه يُفضّلها على الكثير من الفنون، مشيراً إلى أول قصة قام بنشرها في السابع عشر من شهر يناير العام 1978 بعنوان «إن شاء الله سليمة»، لتتوالى من بعدها المجموعات القصصية والروايات الأدبية.

• يتساءل البعض عن السبب وراء عدم ارتداء الروائي طالب الرفاعي للزي الوطني، الدشداشة والغترة والعقال، فما المانع لديك؟

- لا يوجد مانع. ولكن بحكم دراستي كمهندس مدني، وعملي الميداني السابق في المواقع الإنشائية من الخامسة فجراً وحتى السادسة والنصف مساء، إلى جانب الحدّاد والنجار والصباغ، والصعود على «التاور الكرين» و«الخلّاط»، فَمِن المستحيل ارتداء الغترة والعقال في مثل هذه الأماكن، بل أجد الراحة أكثر بارتداء البنطلون «الجينز» والقميص، والحذاء الذي تكون أرضيته من الحديد المضاد للمسامير والقطع الصغيرة الصلبة. لعلّ الأمر سيكون مختلفاً لو كنت أعمل في إحدى الوظائف التي تُحتّم عليّ الجلوس على المكتب... مؤكد أنني سأرتدي الغترة والعقال وقتها.

• عادة ما تكون بدايات الكتّاب والمثقفين غير محسومة تاريخياً بالنسبة إليهم، وهذا ما يدفعنا إلى سؤالك عن أول مقال صحافي أو قصة قصيرة قمت بنشرها إلى جمهور القرّاء؟

- بالنسبة إليّ، فقد كانت بداياتي محسومة تاريخياً، وأتذكر أول قصة قصيرة نشرتها كان عنوانها «إن شاء الله سليمة» وذلك من خلال جريدة الوطن الكويتية، عندما كان رئيس تحريرها المرحوم محمد مساعد الصالح، ومدير تحريرها جاسم المطوع، ورئيس القسم الثقافي وليد أبوبكر، وذلك في السابع عشر من شهر يناير العام 1978. وفي هذه القصة قدمني الأديب والروائي الكبير الراحل إسماعيل فهد إسماعيل للساحة الثقافية، وأتذكّر كلامه جيداً وقتذاك، حين قال: «كان هناك سليمان الشطي وسليمان الخليفي، ثم جاءت ليلى العثمان ووليد الرجيب، وها هو طالب الرفاعي يأتي الآن ليؤكد حضوره كمبدع جاد نأمل منه الكثير»، وبعدها كانت انطلاقتي في الكتابة ونشر القصص في الكويت، والبحرين ولبنان ومصر، وغيرها من الدول الخليجية والعربية، وبقيت 14 عاماً وأنا أكتب القصص القصيرة المنفردة.

• ولماذا لم تَقم آنذاك بجمع هذه القصص القصيرة كلها في كتاب واحد؟

- هذا ما حدث بالفعل. فعندما التقيت الصديق العزيز الدكتور سليمان الشطي ذات مرة في رابطة الأدباء الكويتيين، أخبرني وقتها أنه بصدد إصدار كتاب جديد حول نقد القصة القصيرة في الكويت، كما نصحني بجمع كل ما كتبته من قصص قصيرة في كتاب، كي لا يجتازني في كتابه. وهنا اخترت قرابة الـ 20 من أصل 50 قصة كتبتها على مدى 14 عاماً، ونشرت مجموعتي الأولى «أبو عجاج طال عمرك» في «دار الآداب» لسهيل إدريس. كانت في حينها واحدة من أهم دور النشر العربية، بعدها نشرت مجموعتي القصصية الثانية «أغمض روحي عليك» وصدرت عن دار النشر ذاتها.

• وماذا بعد؟

- بعد هاتين المجموعتين أصبح لديّ هاجس لإمكانية كتابة رواية، حيث إنني منذ العام 1978 وحتى العام 1992 كرّست كتاباتي كلها في مجال القصة القصيرة، بحكم عشقي لها، ومازلتُ أرى بأنها أجمل الفنون، كونها تتألف من نصٍ مكثف ومحبوك بشكل مبدع، وفيها زمان ومكان، وحدث وشخصية ورؤية، ورسالة أيضاً. نحن دائماً نُدرِّس أن الأجناس الأدبية هي القصة والرواية والشعر والمسرح، وأصعب الأجناس في الكتابة هي القصة القصيرة.

• ما مضمون قصة «أبوعجاج طال عمرك»؟

- تدور أحداثها حول مقاول يستقدم عمالة أجنبية وعربية إلى الكويت، وأحداث أخرى يطول شرحها. عندما أتيت لكتابة هذه القصة، وجدت نفسي أمام مادة تصلح بأن تكون رواية وكان ذلك في العام 1996، بالتزامن مع انتقالي من العمل الهندسي إلى الأدبي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

• كيف تصف لنا تلك الانتقالة في حياتك المهنية؟

- كانت انتقالة كبيرة بالنسبة إليّ، إذ حدثني وقتها الأمين العام للمجلس الدكتور سلمان العسكري أنه بصدد عمل إدارة هندسية، وكوني مهندساً وكاتباً طلب مني التكفّل بهذه المهمة، وبالفعل قمت بتأسيس الإدارة الهندسية بالتعاون مع المهندس علي اليوحة، وبقيت فيها إلى حين وصول الدكتور محمد الرميحي في فترة احتفالية الكويت عاصمة للثقافة العربية. في غضون ذلك أسّست «جريدة الفنون»، وهي صحيفة خفيفة ومتنوّعة بين الشعر والموسيقى والتشكيل والغناء والتصوير لتكون الإصدار الخامس للمجلس الوطني إلى جانب الإصدارات الأربعة التي يصدرها، مثل «عالم الفكر»، «عالم المعرفة»، «الثقافة العالمية» و«إبداعات عالمية». وقد عملت كمدير تحرير فيها ثم مستشاراً للتحرير لسبع سنوات، ومن ثَم توقفت «جريدة الفنون» عن الإصدار.

• لماذا لم يكن الروائي طالب الرفاعي من ضمن المؤسسين المكرمين بجوائز الدولة التقديرية أخيراً؟

- لأنني لست من ضمن المؤسسين، والجيل الذي جرى تكريمه أخيراً كان أقدم مني، فالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تأسس خلال العام 1973، وأنا انتقلت إليه في العام 1996 أي بعد 20 سنة على تأسيسه. فكرة التأسيس تحسب للأديب عبدالعزيز حسين والأديب والشاعر أحمد البشر الرومي، حيث ذهبا إلى المغفور له بإذن الله الشيخ أحمد الجابر، طيّب الله ثراه، واقترحا عليه الفكرة، فأمر بتشكيل لجان لدراسة المشروع، وتشكلت اللجنة الثقافية التي ترأسها الدكتور سليمان الشطي، ولجنة السينما برئاسة المخرج خالد الصديق، ولجنة الفنون التشكيلية التي ضمت الفنانين أيوب حسين وسامي محمد، وغيرهم ممن درسوا المشروع وقدموه لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ آنذاك المرحوم عبدالعزيز حسين، وبدوره أخذ الموافقة من الشيخ أحمد الجابر، حيث أصدر سموه مرسوماً بتأسيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

• رغم مشوارك الطويل في القصة والرواية والأدب عموماً، لم نرَ لك أعمالاً تلفزيونية أو مسرحية وسينمائية؟

- سبق وكتبت مسرحية واحدة عنوانها «عرس النار»، وكذلك أصدرت كتاباً عن «المسرح في الكويت... رؤية تاريخية»، ويستعرض تاريخ المسرح الكويتي منذ بداياته في العام 1921 مروراً بوصول المسرحي زكي طليمات في العام 1958، والذي قدّم محاضرة آنذاك في ثانوية الشويخ، و«همس» في أذن صديقه المسرحي حمد الرجيب قائلاً: «أرى أن هناك تربة صالحة للمسرح في الكويت» وبدوره حمل الرجيب هذه الفكرة إلى المرحوم وزير الإرشاد والأنباء وقتذاك الشيخ جابر العلي، الذي وافق على الفكرة، ليترجمها طليمات في العام 1959 بتأسيس فرق مسرحية كويتية، وكانت أولاها فرقة المسرح العربي التي انضم إليها عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وخالد النفيسي وفؤاد الشطي، كما شهدت انضمام أول سيدتين هما مريم الغضبان ومريم الصالح، وبعدها انطلقت الفرق الأهلية الأخرى.

«مستشار وزير الإعلام»

في خضم حديثه عن مسيرته المهنية، قال الرفاعي إنه عمل مستشاراً ثقافياً لوزارة الإعلام، وذلك في عهد وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود، لينتقل بعدها إلى العمل كمستشار ثقافي أيضاً في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، واستمر في منصبه هذا، حتى تقاعد في العام 2021.

«علاقة خاصة»

أكد الرفاعي أنه بحكم العلاقة الخاصة جداً بين الأديب عبدالعزيز حسين والشاعر أحمد العدواني والتي توطّدت خلال دراستهما معاً في القاهرة، جاء العدواني ليصبح أول أمين عام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

وأضاف «في هذه الفترة كان يتواجد كل من الدكتور خليفة الوقيان والدكتور سليمان العسكري والدكتور سليمان الشطي، وانضم إليهم لاحقاً الكاتب القدير عبدالعزيز السريع، بالإضافة إلى الأديب الفلسطيني صدقي حطاب. كما جاء الدكتور فؤاد زكريا في العام 1979 وأسس مجلة «عالم المعرفة»، وبالتالي هؤلاء يشكلّون الرعيل الأول لـ (مجلس الثقافة)».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي