منذ عقود مضت، كان هناك في الكويت فورة لإنشاء العديد من المشاريع بنظام الـ«بي أو تي»، وحينها كان هذا النظام أساساً لمساهمة القطاع الخاص في إعمار واستغلال الكثير من الساحات الخالية غير المستغلة التابعة لأملاك الدولة بمشاريع كانت تعتبر رائدة في ذلك الزمان.
للأسف، هذا الوضع لم يستمر وبدأت الصرخات تعلو عن استخدام هذا النظام من قبل الشركات لاستغلال أراضي الدولة مقابل رسوم زهيدة، ما أدى إلى موت النظام.
طبعاً، استفادت دول الخليج من تجربتنا ما ساهم في وصول العديد من الدول أبرزها دبي وقطر إلى ما وصلت إليه الآن، حيث إن معظم المشاريع تمت في الأراضي الخالية وبتمويل وتنفيذ من الشركات الخاصة من دون أي تكاليف على الدولة، وكان لها مردود هائل غير مباشر على تنشيط السياحة وتوفير فرص العمل وإنشاء أعمال خدمية كثيرة ساهمت في تطوير الاقتصاد.
أيضاً، قد يكون من أبرز الأمثلة المشابهة لهذا النظام هو مشروع «رأس الحكمة» في مصر باستثمارات تزيد على 150 مليار دولار، والذي شكّل صفقة إنقاذ هائلة للاقتصاد المصري، كما وصلت الأخبار عن تحالف مجموعة طلعت مصطفى المصرية ومجموعة المهيدب السعودية لإنشاء «مدينة بنان الجديدة» على مساحة 10 ملايين متر مربع في العاصمة الرياض لإنشاء مشروع يضم 27 ألف وحدة سكنية بمساحات وتصاميم وخدمات متكاملة.
هذه المشاريع المليارية ما كانت لتتم لولا التخلي عن الحذر المبالغ فيه للتخلي عن ملكية الأراضي الحكومية، بالإضافة إلى تسهيل تلك الدول لدخول الشركات العالمية للاستثمار داخل الدولة.
ولنا أن نتخيل شكل الكويت لو تم الشروع في مشروع مدينة الحرير وفقاً للمخطط الذي تقدمت به شركة التمدين العقارية ما كان سيحيي القطاع الشمالي للدولة، أو تم إنشاء المشروع الرائد الذي تقدم به المرحوم جاسم البحر، لاستثمار كراج الأشغال وكراج الكهرباء وهي المساحة الخالية الواقعة أمام مجمع الأوقاف ما كان سيعيد توطين السكان داخل العاصمة، أو تمت المباشرة في مشروع طريق الحرير، أو مشروع مدينة فيلكا، والأمثلة كثيرة على المشاريع التي أتت بمبادرات من القطاع الخاص وقتلت في مهدها لأسباب تافهة بالرغم من جاذبيتها للاستثمار من جهات عالمية تتولى التمويل والتنفيذ.
الكويت ما زالت عروس الخليج وإن اهترأ ثوبها قليلاً، إلا أن الفرصة ما زالت مُؤاتية لتغيير ذلك كله إذا شمّرت الحكومة عن سواعدها وشربت حليب السباع وألجمت وحجمت جميع محاولات التدخل والتعطيل.
والله المستعان