ولي رأي

لطفاً بالكويت

تصغير
تكبير

قضيت عطلة سريعة في مدينة نيويورك الأميركية وسكنت في شارع «برودواي» الشهير، الذي يعتبر شريان الحياة في نيويورك، حيث تجد جميع المسارح العالمية التي تقام فيها العروض الشهيرة. بدأت أقارن بين نيويورك بعظمتها وسمعتها العالمية كأفضل مدينة للاستثمار والأعمال والفن، مع بلادي الحبيبة الكويت.

قد تظن أخي القارئ أن هذه المقارنة غير عادلة، ولكن دعونا نرى ما يهم المواطن الكويتي. لنبدأ بمشكلتنا الشهيرة «الشوارع مكسرة». زرت في حياتي أكثر من 21 دولة وأكثر من مدينة في هذه الدول، وأقولها بكل ثقة إن شوارع الكويت ليست كما يروج لها من السوء. شوارع نيويورك مليئة بالحفر وترميماتها سيئة جداً. وعلى سبيل المثال في منطقة «سوهو» في نيويورك، وهي من أرقى المناطق وأغناها في نيويورك.

نيويورك اعتمدت على ترويج قاطنيها لها لبناء سمعتها، ونحن أكبر نقاد للكويت.

أسمع الآن أصواتاً تنادي «بالعنصرية والفئوية» في الكويت. لن أقارن الشعب بالشعب فالناس كالأصابع لا اثنين سواء. لكن لنقارن وضع المواطن مع الحكومة.

هل تعلم أخي المواطن أن المواطن الأميركي من أصول أفريقية لا يمكنه السكن في مناطق معينة وإن كان يملك قيمتها؟ وإن أراد أخذ قرض من البنك فنسبة الفائدة التي سيدفعها أعلى من قرينه الأبيض؟ بل ولا يمكنه إدخال أبنائه في مدارس حكومية في مناطق «البيض»؟ فنرى هنا عنصرية مؤسسية على المواطنين.

أسمع آخرين ينادون «الفساد الفساد»، ولكن ما هو الفساد الذي ننادي به؟ نعم، أتمنى أن أرى إصلاحات عديدة في الكويت، ولكن بات الفساد شماعة «مغبشة» وغير واضحة لا يمكن مكافحتها. الواسطة موجودة في أميركا عكس ما يظن البعض. بالإضافة إلى الفئوية والعنصرية والطائفية. بل نرى اليوم فضائح طالت أكبر رموز أميركا.

أرى الكثير من المشاكل في نيويورك لا يقبل النسيج الكويتي أن يراها في دولته. ترى القمامة (أجلكم الله) ملقاة في كل مكان. وترى الصغار والكبار يتعاطون المخدرات في الشارع خصوصاً «تايم سكوير». تفتقد نيويورك لأقل نسب الأمن والأمان.

لمكافحة الفساد، لنبدأ بتسميته. أولاً، الواسطة؛ سواءً أنك تطلب واسطة من شخص أو «تمشي» واسطة للشخص، في الحالتين الأشخاص هنا فاسدون. التسيب من العمل وعدم أداء مهماتك، السرقات والتزوير، تدني مستوى الخدمات العامة، عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن؛ كل هذا فساد، ولكنه أصبح فساداً واضحاً يمكن معالجته.

الإصلاح الحكومي مطلب شعبي ولكن الإصلاح الشعبي بيدنا نحن. وضع مصلحة الوطن نصب أعيننا والتماس مستقبل أبنائنا بات مهماً جداً. لا يمكن أن نصبح سلبيين ونتمنى أن يأتي الإصلاح إلى باب البيت دون أن أشارك به بنفسي. أداؤك لمسؤولياتك تجاه وطنك بالأمانة والصدق لا يقل أهمية عن دور أكبر نائب أو وزير في البلاد. إذاً أنت موجود اليوم ولديك «واسطة» لأبنائك، فمن سيقوم بعدك (بعد عمر طويل إن شاء الله)؟ أليس واجباً عليك أن تصلح محيطك من أجلهم؟

غربتي من الكويت علّمتني أننا في نعمة عظيمة قد لا يستشعرها من لم يذق مرارة الاغتراب. من أشياء معنوية كصوت الأذان والسلام عند الدخول، إلى أشياء كبيرة مثل الخدمات الصحية المجانية والأمن والأمان. أتمنى أن أرى الكويت تتطور إلى آفاق قد لا أستطيع تخيلها، ولكن أطلب من إخوتي الشعب الكويتي ألا ينتظروا الإصلاح من صناديق الاقتراع فقط، بل يتبنون ثقافة «الإصلاح» في حياتهم اليومية ويكونون الأفضل من جميع النواحي. فالمواطن الكويتي لديه أفضل مقومات النجاح ويستحق أن يكون الاستثمار الأول للبلاد.

إضاءة:

جزيل الشكر والعرفان لسعادة المستشار هادي السبيعي في قنصلية الكويت في نيويورك. جزاك الله خيراً على جهودكم تجاه الكويتيين في أميركا. كثر الله من أمثالك.

maosherji@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي