تشابه اقتصادات المنطقة وتقاطعها على استيراد معظم سلعها يزيد الحيرة

التضخم في الكويت الأعلى خليجياً رغم دعم الدولة الكبير... وتثبيت الأسعار!

تصغير
تكبير

- صعود نادر للتضخم محلياً في 2022 عند 4.36 في المئة
- تدابير حكومية لتحسين المعيشة وزيادة علاوة الأولاد واستمرار تثبيت الأسعار
- بقاء المعدل دون 4 في المئة استقرار مقبول للتضخم حسب البعض
- ارتدادات «كورونا» وحرب روسيا وأوكرانيا أسهمت في التصعيد

تتزايد معدلات التضخم في الكويت، منذ ما بعد جائحة «كورونا» في 2020، نتيجةً لارتداد الاضطرابات التي أصابت الاقتصاد العالمي بسبب الجائحة نفسها ثم بتأثير من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية لاحقاً، وما ترتب عليهما من تعطيل وتباطؤ سلاسل إمداد الغذاء وما رافقهما من ارتفاع أسعار السلع والخدمات حول العالم.

ورغم أن النفط، الذي شهدت أسعاره ارتفاعات قياسية وقتها، يشكّل الرافد الأساسي لاقتصاد معظم دول الخليج، إلا أن ذلك لم يعفها من التأثر بالتضخم الذي أصاب أيضاً كبريات الاقتصادات في العالم، بسبب الاضطرابات الجيوسياسية المتفرقة.

لكن المفارقة أنه وسط تشابه اقتصادات دول الخليج، في اعتمادها شبه الكلي على استيراد احتياجاتها الاستهلاكية، ما يجعلها لا تستطيع التحكم في معدلات تضخمها باعتباره مستورداً من الخارج، إلا أن الكويت ظلت تسجل أعلى معدل خليجياً رغم ما تقدمه الحكومة من دعم كبير يعد الأعلى في المنطقة، سواء تموينياً أو للموردين، إضافة إلى قرار وزارة التجارة والصناعة المعمول به منذ مارس 2020 تثبيت جميع أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية.

مستويات عالية

وفيما ظلت «التجارة» متشبثة بقيودها المفروضة في هذا الخصوص، مقابل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية إلى مستويات عالية، وانتشار أزمة الإمدادات عقب اندلاع حرب أوكرانيا، يرى مراقبون أن تثبيت الأسعار خفض شهية الموردين للاستمرار في تأمين شراءاتهم، ما زاد مخاطر تراجع كميات بعض المواد الغذائية الأساسية محلياً بين الفينة والأخرى، فيما فسر تقارير اقتصادية هذا التباين بأنه مدفوع بأن القطاع المحلي غير النفطي لم يُظهر تعافياً ونمواً واضحَين، مثلما يحدث في دول مثل السعودية والإمارات.

وترى تقارير أخرى أن معدل التضخم في الكويت يُعدّ «مقبولاً» مقارنةً بمستوياته عالمياً، مادام يحافظ على مستوى نموه دون 4 في المئة؛ نظراً لإقرار الحكومة قرارات عدة للسيطرة عليه، منها دعم سلع عدة، فيما سجلت ارتفاعاً نادراً بالتضخم في 2022 بلغ نحو 4.36 في المئة على أساس سنوي، وهو صعود لم تشهده البلاد سابقاً، حتى خلال فترة «كورونا» التي بلغ معدل التضخم فيها نحو 3.2 في المئة، كما سجلت معدلاً بلغ 3.37 في المئة، في 2023، وحجبت إدارة الإحصاء بيانات 2021، علماً أن معدل التضخم محلياً في 2019 كان أقل من البحرين وعمان.

بقية المنطقة

وخليجياً، يُلاحظ تطور معدل التضخم واستمرار تصاعد ارتفاعه في الكويت، عكس بقية دول المنطقة التي تباين أداء المعدل فيها وفق متغيرات كثيرة، ارتفاعاً وانخفاضاً، فاعتباراً من 2021، بلغ معدل التضخم بالسعودية 1.2 في المئة على أساس سنوي، وفي 2022 بلغ 3.3 في المئة، فيما هبط إلى 1.5 في المئة بنهاية 2023.

وفي الإمارات، وصل 2.5 في المئة على أساس سنوي في 2021 إلى 3.3% في 2022، و1.6% خلال 2023، أما في البحرين فسجل 2.2% بـ2021، و3.6% بـ2022، و2.2% بـ2023، فيما سجلت سلطنة عمان 1.5% بـ 2021، و2.8% بـ2022، و1.9% بـ2023، بينما سجلت قطر 2.3% بـ2021، و5% بـ2022، و3% بـ2023.

تدابير حكومية

وعلى مدى السنوات التي واكبت «كورونا» وأعقبتها، أطلقت الحكومة تدابير عدة شملت حزماً من التحفيز بملايين الدنانير، للأسر وللشركات التي أغلقت أبوابها، وقبل أن تُطوى آثار «كورونا» الاقتصادية المربكة، بدأت روسيا حربها ضد أوكرانيا في فبراير 2022، وأدت العقوبات الغربية على أكبر مصدر للنفط والغاز إلى ارتفاع أسعار الوقود وتذبذب سلاسل الإمداد بالسلع والأغذية، حتى دخل العالم في أتون التوترات المتلاحقة والمستمرة حتى الآن، في محيط البحر الأحمر، ومدى تأثيرها السلبي على حركة التجارة العالمية.

وعلى هذا الأساس، وفي 10 مارس الجاري، جددت الحكومة، على لسان رئيسها سمو الشيخ الدكتور محمد الصباح، تأكيدها أن تحسين مستوى معيشة المواطنين هو في أعلى مراتب مشاغلها، وأنه «سيكون باكورة التعاون مع مجلس الأمة في الفصل التشريعي المقبل»، الذي يتجهز المرشحون لخوض عمار انتخاباته في 4 أبريل 2024.

ويقول المراقبون إن أبرز نقاط تحسين المعيشة، في التقدير الحكومي، تتمحور حول زيادة علاوتي الأولاد وغلاء المعيشة، وكذلك القرض الحسن، وهي بين التدابير التي تسعى الحكومة إلى اعتمادها للجم جماح التضخم ومراقبة الأسعار وحماية الاقتصاد من الأزمات.

أرقام التضخم محلياً دقيقة أم غير منضبطة؟

الإجابة على هذا السؤال كانت مثار جدل بين مراكز بحوث اقتصادية عدة، وجمعيات متخصصة، فهناك اعتقاد شائع بأن أرقام التضخم لا تعكس المعدلات الفعلية محلياً، مشيرين إلى أن المعدل يُقاس حسب المؤشر السعري للمستهلك، وتضم مكوناته الإسكان (العقار) والغذاء والمستلزمات المنزلية والرعاية الصحية.

فمثلا، وحسب بيانات «إدارة الإحصاء»، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الكويت 3.37 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر 2023، وسجلت أسعار مجموعة الأغذية والمشروبات ارتفاعا بـ4.47 في المئة على أساس سنوي، نتيجة ارتفاع مجموعة الحبوب والخبز ومجموعة اللحوم والدواجن، كما سجلت مجموعة الكساء وملبوسات القدم ارتفاعا بـ6.72 في المئة، بينما ارتفعت مجموعة خدمات المسكن 3.4 في المئة، وسجلت مجموعة الصحة صعوداً بنسبة 2.65 في المئة.

ويشيرون إلى أن ما يسترعي الانتباه معدل التضخم بالنسبة لقطاع الإسكان في الكويت، والذي يبدو، حسب المؤشر، منخفضا عند 3.4 في المئة مقارنة بمؤشرات أخرى.

ويقترح هؤلاء حلولاً لعلاج أزمة دقة بيانات التضخم، أهمّها أن تكون المؤشرات دقيقة وأن تقدم «الإحصاء» مسؤولة عن ذلك، مع إيضاح كيفية حسابها ونشرها في وقتها بدلاً من تأخيرها. ولفتوا إلى أن من أبرز الإخفاقات ما حدث في فترة الجائحة عندما أوقفت «الإحصاء» التقارير الخاصة بالمؤشر 7 أشهر على التوالي (من أبريل 2021 حتى نوفمبر2021).

المعدل نما إلى 3.36 في المئة في فبراير
ارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك في الكويت خلال فبراير نحو 3.36 في المئة على أساس سنوي؛ بضغط مكونات المؤشر الـ12، فيما سجل التضخم 132.4 نقطة، مقابل 128.1 نقطة في فبراير 2023؛ وفق بيان إدارة الإحصاء. وأثر على الأداء السنوي للمؤشر، ارتفاع أسعار الـ12 نشاطاً، وقاد النمو السنوي الكساء وملبوسات القدم بـ6.56 في المئة، والأغذية والمشروبات 5 في المئة، فيما تذيل النمو أسعار السجائر والتبغ بـ0.15 في المئة. وفي حساب معدل التضخم باستثناء مجموعة الأغذية والمشروبات يلحظ أنه ارتفع سنوياً بـ2.94 في المئة، ونما على أساس شهري بنحو 0.08 في المئة، وباستثناء مجموعة خدمات السكن صعد 3.85 في المئة على أساس سنوي، وزاد 0.2 9 في المئة شهرياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي