الرحماني... رجل بحجم جبل «عابر سبيل»

تصغير
تكبير

طيّب الأخلاق

غزير الحكمة

لطيف المعشر

محب للتواضع

مثال للوطنية

مثال للمهنية

رحل وبقي له في قلوبنا أثر وفي أرجاء الوطن مآثر...

الفريق أحمد الرحماني، رحمه الله، رحل بهدوء كما كان هادئاً. تعرّفت عليه قبل أكثر من عشرين عاماً، حيث بادرني بزيارة للجامعة باحثاً عمن يساهم في نشر المعرفة الإستراتيجية والسياسية للعاملين في الحقل العسكري. على الرغم من رتبته العسكرية العالية إلا أنه كان متواضعاً بشهامة الشجعان، وعلى الرغم من اعتراكه لشدة العمل العسكري إلا أنه كان رخيم الصوت هادئ الطبع. لم يتغيّر في خصاله الحسنة حتى عندما انتقل للعمل المدني في مجلس الوزراء. وعلى الرغم من مشاغله الجسيمة إلا أنه كان يحرص على الرد والتجاوب بصبره الجميل.

في سجل الراحل أبو فهد، تراث عسكري حافل رصعه ببطولات المقاومة ابان العدوان العراقي الصدامي الغاشم.

في مقابلة تكاد تكون فريدة وحيدة قبل إجرائها في نهاية حياته في بودكسات، من دون ورق، تحدّث الفريق الرحماني عن حيثيات نادرة ووثق لحقبة حساسة من تاريخ الكويت الواقعة ابان الحرب الإيرانية - العراقية والغزو العراقي الغاشم. تناول أبو فهد قضايا لم تكن معروفة، برهن من خلالها عن مهنيته المبهرة كعسكري محترف. لم يكن عسكرياً فحسب، بل كان مخططاً إستراتيجياً ومنفذاً ميدانياً على قدر عال من الانضباط والدقة.

بعد تقاعده عاصر السياسة من خلال وجوده في مجلس الوزراء فتعرّف على كواليسها ومارسها بشكلها الناعم. وعلى الرغم من اكتنازه لكل ما سبق لم يخرج للبهرجة الشعبوية أو أن يتخذ من تلك الخبرة قطاراً للوصول السياسي، بل التزم مهنيته كضابط ورجل أمن محترف، وهذا ما يجعل منه رجلاً بحجم جبل.

لقد غادرنا بصمت رافعاً شعاره «عابر سبيل» وكأنه يريد القول إنه مغادر لهذه الدنيا بإيمانه وأعماله التي نسأل الله أن يتقبلها منه محسنات في ميزان أعماله.

دون شك، إن فقدان هذا الرجل يجب ألا تطويه ذاكرة الزمان، بل يحب أن يكرم ويذكر ويعلم لأجيال الوطن كفارس ملثم صامت، غامر بحياته من أجل حياتهم بكرامة. أتمنى ممن بيده القرار سواءً في المؤسسة العسكرية أو التربوية أو الاعلامية أن يتم تخليد هذا الاسم لرجل رائع بأخلاقه وعطائه.

الله يرحم صديقنا الخلوق أحمد الرحماني (أبو فهد) ويغفر له ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، إنه سميع مُجيب.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي