الاستخبارات الأميركية تُحذّر من تهديدات ترتبط بحرب غزة... «تستمر لأجيال»
حذرت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية أفريل هينز، من أن الحرب في غزة، «ساهمت في بروز تهديدات أمنية جديدة بوجه الولايات المتحدة من طرف جماعات إرهابية»، بسبب دعم واشنطن لإسرائيل.
وكشفت هينز، في جلسة استماع سنوية في شأن التهديدات الأمنية العالمية، الاثنين، أن هذه الأزمة حفزت العنف لدى مجموعة من الجهات في كل أنحاء العالم، مشيرة إلى أنه على الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة امتدادات وتأثيرات ذلك، فمن المحتمل أن يحمل الصراع في غزة «تهديدات إرهابية قد تستمر لأجيال».
وأوضحت مديرة الاستخبارات الوطنية، حسب ما نقلت «واشنطن بوست»، أن هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل، أدى إلى بروز تهديدات جديدة للولايات المتحدة من قبل الجماعات المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، في حين استخدمت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران «الصراع كفرصة لمتابعة أجندتها الخاصة» ضد الولايات المتحدة.
وأضافت: «لقد رأينا كذلك كيف ألهمت هذه الأحداث، أفراداً للقيام بأعمال معادية للسامية وأخرى تندرج في إطار الإسلاموفوبيا في كل أنحاء العالم».
وأدلت المسؤولة الأمنية بتصريحاتها، أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، في جلسة استماع مفتوحة يقدم فيها كبار قادة وكالات الاستخبارات الأميركية، شهاداتهم في شأن التحديات الأمنية حول العالم.
وتابعت هينز، أن «الصراع في غزة يشكل تحدياً أيضاً للعديد من الشركاء العرب الرئيسيين، الذين يواجهون مشاعر عامة ضد إسرائيل والولايات المتحدة بسبب الموت والدمار في القطاع، ولكنهم ينظرون أيضا إلى واشنطن باعتبارها وسيطاً في وضع أفضل إنهاء الحرب قبل أن تمتد إلى عمق المنطقة».
من جهته، أطلع مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي)، ويليام ج. بيرنز، المشرعين في شأن آخر مستجدات مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي سيصاحبه ضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس»، مقابل تحرير معتقلين فلسطينيين في إسرائيل.
وحضر بيرنز، جلسة الاستماع إثر عودته من جولة المفاوضات الأخيرة في الدوحة، بعد أن توجه إلى الشرق الأوسط 8 مرات في الأشهر الأخيرة للمشاركة في المحادثات الرامية إلى تحرير أكثر من 100 رهينة ما زالوا مختطفين في غزة.
وتحدث بيرنز، بأمل مشوب بالحذر، عن إمكانية أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار «الخطوة الأولى نحو ما قد يكون ترتيبات أكثر ديمومة مع مرور الوقت».
وأضاف: «لا أعتقد أن أحداً يستطيع ضمان النجاح... لكن أعتقد أن البديل عنه سيكون استمرار معاناة المدنيين الأبرياء في غزة من ظروف يائسة، ومعاناة الرهائن وأسرهم أيضاً في ظل ظروف يائسة للغاية... الشيء نفسه بالنسبة لنا جميعاً».
وبحسب «واشنطن بوست»، فقد حاول مسؤولو الاستخبارات الابتعاد عن الجدل الدائر حول الحرب التي عصفت بالسياسة الأميركية ووضعت إدارة الرئيس جو بايدن في موقف صعب، يتمثل في دعم حليف يواجه إدانة متزايدة من الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان الدولية، وكذلك من ناخبين وليبراليين أميركيين، في ظل ارتفاع عدد الشهداء المدنيين والأوضاع الإنسانية القاسية بالقطاع.
وحذر البيت الأبيض، تل أبيب من نقل عملياتها إلى رفح، في أقصى جنوب غزة. وتنظر القوات الإسرائيلية إلى المدينة، حيث تجمع ما يصل إلى 1.5 مليون فلسطيني فارين من القصف، باعتبارها المعقل الأخير لمقاتلي «حماس» الذين يجب عليها تحييدهم.
وخلال الجلسة، حث السيناتور توم كوتون، وهو جمهوري من أركنسو، ومؤيد قوي لإسرائيل، بيرنز وهاينز على دحض القائلين إن إسرائيل «تبيد الشعب الفلسطيني» بحملتها العسكرية.
ورفض المسؤولان ذلك. وقال بيرنز، إنه بينما تتفهم الإدارة «حاجة إسرائيل» للرد على الهجوم الذي تعرضت له في 7 أكتوبر، «أعتقد أنه يتعين علينا جميعاً أن نضع في اعتبارنا الخسائر الهائلة التي خلفها هذا الهجوم على المدنيين الأبرياء في غزة».
«هل تقوم إسرائيل بتجويع الأطفال في فلسطين أم في غزة»؟ سأل كوتون مسؤول الاستخبارات، في إشارة على ما يبدو إلى تقارير الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية، وكذلك بعض المشرعين الديموقراطيين، بأن رفض إسرائيل السماح بدخول الحجم الضروري من المساعدات الغذائية إلى غزة يسبب مجاعة يمكن الوقاية منها.
وأجاب بيرنز: «الحقيقة هي أن هناك أطفالاً يتضورون جوعاً. إنهم يعانون من سوء التغذية، نتيجة لعدم تمكن المساعدات الإنسانية من الوصول إليهم. من الصعب جداً توزيع المساعدات الإنسانية بشكل فعال، ما لم يكن هناك وقف لإطلاق النار».
وتحدث المسؤولون، الذين كان من بينهم مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي)، ووكالة الأمن القومي، ووكالة استخبارات الدفاع، ومكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية، عن مجموعة كبيرة من التحديات، بدءاً من العلاقات مع الصين وانتهاء بانتشار الذكاء الاصطناعي والتهديد المستمر للتجسس والحرب السيبرانية.
وشددت أجهزة الاستخبارات، على الولايات المتحدة تواجه«نظاماً عالمياً هشاً على نحو متزايد» وسط ضغوط سببها التنافس بين القوى الكبرى وتحديات عابرة للحدود وصراعات إقليمية.
وأفادت الأجهزة في التقرير السنوي لعام 2024 الذي تصدره لجنة من الاستخبارات الأميركية في شأن تقييم التهديدات«الصين الطموحة والقلقة وروسيا التي تميل إلى المواجهة وبعض القوى الإقليمية، مثل إيران، وجهات فاعلة غير حكومية بقدرات متزايدة كلها تمثل تحدياً لقواعد النظام الدولي القائمة منذ فترة طويلة، فضلاً عن تفوق الولايات المتحدة داخله».