No Script

قصة قصيرة بقلم الروائي هيثم بودي

«دق الهريس»... في «الناصفوه»

تصغير
تكبير

- الحريم يتجمّعن في النصف من شعبان لدق الهريس

قال الراوي:

- وقرب رمضان المبارك...

وقامت الناس يستعدون، حتى يدقون الهريس في بيت أم أحمد لأن بيتهم كبير ما شالله، يشيل الحريم واليهال اللي يبون يجون ويحتفلون بدق الهريس.

أخرجت أم أحمد المنحاز الذي يدق به حبوب القمح من زاوية ممر الدهليز، يساعدها ولدها أحمد ذو الاثنتى عشرة سنة:

- قالت أم أحمد متأوهة:

إيه يمه أحمد دز المنحاز هالصوب يم الطوفة... يقطع الظهر ثقيل.

- التلقطت نفساً مضيفة:

يبيلنا بعد ثلاث مناحيز، حتى ندق الهريس في الناصفوه باجر نص شعبان، حق رمضان إن شاء الله.

- أحمد:

باجر يمه نص شعبان؟

- أم أحمد:

إي يمه، علشان الحريم يتجمعون عندنا وكلنا ندق الهريس مع بعض أسهل علينا من كل وحده بروحها تدق الهريس.

- أضافت وهي تتذكر:

أم حسين بعد عندها واحد، وأم عبداللطيف عندها واحد... بعد ناقصنا واحد.

- صاح أحمد مقترحاً:

أم منصور...

أم أحمد:

أم منصور عندهم منحاز؟

- أحمد:

إي يمه أبوهم نجّار، عندهم واحد أنا شايفه.

- أم أحمد: خوش ياولدي، جان تروح لهم تقول لها تسلم عليج أمي... وتقول لج ترى الناصفوه نص شعبان باجر... شتقول لها؟

- أحمد: الناصفوه... نص شعبان باجر.

- أم أحمد: وقولها أمي والحريم بيدقون الهريس، إذا عندكم منحاز والمدق، جيبوه وياكم.

- أحمد: إن شاء الله، أروح الحين أطير لهم؟

- أم أحمد: إي يمه روح بس لا تطير بسم الله عليك، شوي شوي... انطلق أحمد وأغلق الباب.

****

وبيت أم منصور حيث انشغلت في تنظيف البيت وزواياه بمقشة سعف النخيل الطويلة، التفتت نحو الباب الخارجي وهي تسمع دقات عليه...

- صاح منصور ابنها الصغير صديق أحمد منطلقاً من غرفته: أنا أبطل الباب يمه، خليه عنج.

- اتجه للباب الخارجي وفتحه قال منصور: أحمد؟

- أحمد: ها منصور... خالتي أمك هني

- منصور: إي هني، شتبي فيها؟

- أحمد: أبقولها شي.

- دخل أحمد متجهاً إلى أم منصور التي رحبت به وقال:

أمي تسلم عليج، وتقول لج ترى باجر الناصفوه نصف شعبان، وإذا تبين تدقين الهريس ويانا جيبوا معاكم منحازكم، ومضرب المنحاز.

- ضربت أم منصور كفاً على كف: ويه... الناصفوه باجر؟ الله يالدنيا تركض، إن شاء الله الحين أطلع المنحاز كاهو بالدهليز... منصور يمه، تعال سحبه وياي.

- منصور وأحمد: خليه... احنا انطلعه من الدهليز.

- الأم: يمه غسلوه، حتى يروح عنه الغبار.

- أحمد ومنصور: إن شاء الله.

- أم منصور: وهذا المدق... مدق المنحاز.

- إن شاء الله يمه...

****

قال الراوي:

وفي بيت أم أحمد، تجمعت الحريم عندها في الحوش الكبير، يستعدون لدق الهريس، لأن المدق ثقيل، ولازم يتعاونون الحريم مع بعض... وحدة تدق مرة في المنحاز وتعطيه للي وراها حتى تدق، وجابوا معاهم عيالهم، وجابوا الطيران... حتى الطقاقات يحمسونهم... أوووه تظاهرة جميلة... واحتفال بقدوم رمضان المبارك.

- منصور: أحمد، جبت معاي البيرق، حق ندق الهريس.

- أحمد: حتى أنا هذا بيرقي بعد، برفعه... شوف منصور أنا أدش أول، أرفع البيرق إذا دقوا الهريس، بعدين أرجع وإنت دش ارفع البيرق ولوح فيه.

- منصور: خوش...

أشارت أم أحمد للجميع بالبدء: بسم الله... توكلوا على الله.

ضربن الطقاقات بالطيران والدفوف في تناغم وهن يغنين الأغنية الخاصة في دهقه الهريس:

يالله ويالله يالله ويالله ياكريم.. يا هو...

- منصور: يالله أحمد دش بالبيرق.

رفع أحمد بالبيرق وسط النساء وهو يلوح به، متناسقاً مع الأغنية التراثية.

- قالت أم منصور لإحداهن وهي تتناول منها المدق: عنج أم حسين، عطيني المدق ما قصرتي.

- أم حسين: خلي عنج يا اوخيتي.

- أم حمد: لا والله ما يصير... عطيني إياه.

وارتفع غناء الطقاقات: يا الله... ويا الله.

- وبعد مدة من دق الهريس والغناء، كلّت أيادي النساء وأوقفت أم أحمد دق الهريس قائلة:

قواكم الله، جمعوا الهريس من المناحيز يا بنات... جمعوا الهريس.

- سأل منصور صديقه: أحمد، ليش ما يدقونه بالرحاة؟

- أحمد: لا ما يبون يخبزونه.

أكمل أحمد شارحاً بيده: أهم يدقونه علشان يطلع القشر ماله.

- منصور: إي عدل... ينظفونه.

- أحمد: إي.

- أعلنت أم أحمد الجولة الثانية بعد الاستراحة القصيرة:

خوش الله يعافيكم... يالله مرة ثانية... قولوا يالله...عاشوا.

انطلقت الفرقة بالأغنية وصدحت أصوات الدفوف والطيران: يالله يالله... ياكريم... ياهووه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي