أنقذوا جامعة الكويت من كارتيل الهندسة!

تصغير
تكبير

في وقت سابق كتبت مقالاً بعنوان: «أنقذوا كلية الهندسة»؛ وفيه قد شرحت أزمة القبول في هذه الكلية، حيث تضاءل عدد المقبولين الطلبة في مقابل عدد الأساتذة لأسبابٍ كثيرةٍ، منها: وجود البعثات الداخلية لتخصصات الهندسة دون اختبارات أو ضوابط أكاديمية كما هو الحال في كلية الهندسة في جامعة الكويت التي تزخر بالكوادر العلمية الراقية.

واليوم أكتب هذا المقال لتوضيح حقيقة أن هذه الكلية ذات الطاقات الراقية أصبح البعض فيها يبحث عن المناصب والنفوذ بشكل قد لا يستقيم مع القيم الدستورية والأكاديمية التي تراعي المساواة والكفاءة وتكافؤ الفرص.

هنالك مجموعة تحاول النفاذ للأروقة السياسية من أجل تحقيق سيطرة شبيهة لسيطرة الكارتيل، وهو كارتيل هجين يجمع أتباع تيار سياسي ديني مع مجموعة مصالح تعليمية، مضاف لهم من يبحث عن اقتناص الفرص لأهدافه الخاصة.

بعد هذه العرضة البسيطة للواقع دعونا من الكلام السردي إلى الحقائق الرقمية، ففي هذه الكلية يوجد ما يقارب 240 عضو هيئة تدريس تقريباً، وقد تم رصد 92 منصباً من داخل وخارج الجامعة تم توزيعها على 43 شخصاً من هذه الكلية، بما يعادل 18 ٪ فقط من مجموع أعضاء هيئة التدريس.

ليس هذا فحسب، بل من 92 منصباً قد حصل 15 شخصاً على منصب واحد، بالإضافة إلى أن 16 شخصاً قد حصلوا على منصبين، ليتبقى 12 شخصاً فقط قد حصلوا على ثلاثة إلى سبعة مناصب في غضون فترة العشرين سنة الماضية تقريباً، وكل هؤلاء تربطهم علاقة خاصة! فهل ذلك طبيعي؟

لا نشير إلى الكل، ولا نقطع حكماً عليهم، بل البعض منهم مستحق وكفاءة، ولكن إن عملية تبادل المصالح والمناصب بين القلة من هؤلاء غير طبيعية، بحيث إذا أتى أحدهم إلى ميكنة القرار فإنّه يقوم بتعيين واحد من داخل هذا الدائرة في منصب آخر، ناهيك عن الاستحواذ على عضوية اللجان المهمة التي تتصل بالتعليم والمنشآت والمشاريع.

والخطير جداً، أن يتزامن تواضع البنية التحتية في البلد مع انحدار مؤشرات التعليم في الوقت ذاته الذي تم فيه الاستحواذ على المناصب في هذين القطاعين!

والأغرب من ذلك، أن يتم توزيع الأدوار بين كوادر هذا «الكارتيل» من خلال التواصل مع المسؤولين وبعض الجهات الإعلامية، مضاف لها بعض الجمعيات المدنية من أجل الضغط «لتمكين» البعض من تولي المناصب الشاغرة خصوصاً في مجال التعليم والإنشاءات والبنية التحتية، بل بلغ الأمر في هؤلاء من تمرير لجان والتمكن منها لضمان مخرجاتها وذلك لإضفاء المشروعية عليها.

إننا نناشد سمو رئيس الوزراء ومعالي وزير التعليم، وجميع المهتمين بالتعليم، والمتضررين من البنية التحتية في الدولة، إلى الالتفات إلى هذه الظاهرة وتحليل شبكتها العنكبوتية، ليس من أجل إنقاذ الجامعة فحسب، بل إنقاذ البلد، ولكم في دول الجوار عِبرة: حيث قامت بتحرير مؤسساتها التعليمية من هيمنة بعض كوادر التيارات السياسية والنفعية التي تود اقتحام قدسية التعليم... فانتبهوا يا أولي الألباب.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي