تفكيك «الأونروا» سيؤدي إلى التضحية «بجيل كامل من الأطفال» و«زرع بذور» نزاعات مقبلة
الجوع والمرض «يفتكان» بأهل غزة
- عمليات إسقاط المساعدات «قطرة في محيط» حاجات السكان
تُهدد مجاعة «شبه حتمية»، 2,2 مليون شخص من أصل 2,4 مليون هو عدد سكان قطاع غزة، بينما لا تدخل المساعدات إلّا بشكل ضئيل جداً مقارنة بالاحتياجات الهائلة.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بأن ربع عدد السكان، أي 576 ألف شخص، على بعد «خطوة واحدة» من المجاعة، بينما باتت مناطق كاملة محرومة تماماً من الغذاء، وتعج المستشفيات القليلة التي لاتزال تعمل، بأطفال يتضورون جوعاً حتى الموت.
ويتأثر الوضع الكارثي سلباً بالتوترات القائمة بين «الأونروا» وإسرائيل التي تطالب بتفكيك الوكالة، متهمة إياها بتوظيف «أشخاص»، ينتمون إلى فصائل مسلحة، بينما أكد المفوض العام فيليب لازاريني أن تل أبيب لم تقدّم أي دليل يثبت اتهاماتها.
وحذّر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليل الاثنين، من أن تفكيك «الأونروا» سيؤدي إلى التضحية «بجيل كامل من الأطفال» و«زرع بذور» نزاعات مقبلة.
وتؤدي الوكالة دوراً محورياً في عمليات الإغاثة. واتهمت إسرائيل موظفين في بالتورط في هجوم السابع من أكتوبر الماضي، ما دفع عدداً من الدول إلى تعليق تمويلها لـ «الأونروا».
وتحدّث لازاريني عن تعرّض موظفين في «الأونروا» للاعتقال والتعذيب لدى إسرائيل.
وقال «رأيناهم يعودون من الاعتقال، بعد أسابيع أو أشهر. وكان معظمهم مصابين بصدمة نفسية تامّة بسبب درب الجلجلة التي مرّوا فيها».
وأضاف «هناك نطاق واسع من سوء المعاملة»، مشيراً إلى أنّه «يتم إذلال الناس بشكل منهجي، ويتم تصوير الأشخاص عراة، ويتعرّضون للإيذاء اللفظي والنفسي، والتهديد بالصعق بالكهرباء»، أو حتى «الحرمان من النوم، واستخدام الضوضاء الشديدة لمنع النوم»، و«استخدام الكلاب للترهيب».
الأسوأ... شمالاً
والوضع في شمال غزة هو الأسوأ، إذ لا تستطيع وكالات الإغاثة أو كاميرات وسائل الإعلام الوصول إليه. وتؤكد سلطات الصحة، أن 15 طفلاً توفوا بسبب سوء التغذية أو الجفاف في أحد المستشفيات.
ويرقد الطفل أحمد كنعان وقد صارت عيناه غائرتين ووجهه شاحباً على سرير في مستشفى العودة في رفح ملتحفاً سترة صفراء.
وخسر الطفل نصف وزنه منذ بداية الحرب، وصار يزن الآن ستة كيلوغرامات فقط.
وقالت عمته إسراء كلخ لـ «رويترز»، «بتزداد حالته سوءاً. الله يستر من اللي جاي».
وذكرت ممرضة أن هؤلاء الأطفال الهزيلين يتدفقون الآن على المستشفى بأعداد غير مسبوقة، وأضافت «بنواجه عدد كبير من المرضى يعانون من هذا الإشي وهو سوء التغذية».
وأفادت منظمة الصحة العالمية، بأن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في شمال غزة، أعلى بنحو ثلاثة أمثال منها في الجنوب.
وذكر ريتشارد بيبركورن، ممثل المنظمة في غزة والضفة الغربية، أن طفلاً من بين كل ستة أطفال دون الثانية من العمر، يعاني من سوء تغذية حاد.
وأوضح «كان هذا في يناير. لذا من المرجح أن يكون الوضع أسوأ اليوم».
وصرح جيمس إلدر، الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، بأن معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة في شمال غزة أعلى بثلاثة أمثال من تلك الموجودة في رفح في الجنوب.
وأضاف أن هذا الوضع يكشف أن «وصول حتى القدر اليسير من المساعدات يحدث فرقاً في إنقاذ الأرواح».
وإضافة إلى الجوع، قال إلدر إن هناك خطراً متزايداً من الأمراض المعدية، إذ أصيب تسعة من كل عشرة أطفال دون سن الخامسة، أو نحو 220 ألفاً، بالمرض خلال الأسابيع الماضية.
وتابع للصحافيين في جنيف «هذه هي الدوامة التي نخشى منها بشدة: الأمراض المعدية، ونقص الغذاء، والنقص الشديد في المياه النظيفة، والقصف المتواصل، والقلق المستمر من شن هجوم على رفح وهي مدينة يحتمي بها الأطفال».
وأضاف «يعيش في رفح نحو ثلاثة أرباع مليون طفل».
إنزال مساعدات
وفي عمان، أعلن الجيش الأردني، أمس، أن ثماني طائرات عسكرية بينها ثلاث أردنية وثلاث أميركية وواحدة فرنسية وأخرى مصرية قامت بإنزال مساعدات في غزة، في أكبر عملية من هذا النوع منذ بدء الحرب.
لكنّ مسؤولا أميركياً اعتبر أن عمليات إسقاط المساعدات «لا يمكن أن تكون إلا قطرة في محيط» مقارنة بحاجات السكان.
وقد يشكّل إسقاط حزم ثقيلة في مناطق مكتظة خطراً على السكان. وروى سكان من قطاع غزة لـ «فرانس برس» أن العديد من طرود أنزلت أخيراً انتهى بها الأمر في البحر.