No Script

قيم ومبادئ

برنامج عمل الحكومة «اللي ما تبيه»؟

تصغير
تكبير

طالعتنا أخيراً وسائل التواصل الاجتماعي بعروض سخية لذخائر كتب التراث الأدبية والعلمية والثقافية معروضة مع خدمة التوصيل بثمن بخس، دراهم معدودة ولكننا كنا فيها من الزاهدين؟ فقد شغلتنا أموالنا وأهلونا عن الرغبة في التعليم الذاتي!

فكيف نوجد الرغبة في القراءة للأجيال القادمة ونفعلها إذا كانت موجودة ونخلصها من الضعف والفتور حتى نحقق التنمية المنشودة ونكافح الفساد المستشري اليوم... لا يكفي استعراض هذه الكنوز من العلم والمعرفة في المعارض الدولية ومعرض الكتاب والمناسبات السنوية؟

فمن أهم وسائل التحفيز على القراءة هي مزج هذا التراث الشامل الضخم بالحياة العصرية وتحويله إلى مجراها، فلا نعتبر هذا التراث الأصيل إذا شارفه الإنسان وباشره كما يشارف متحفاً قديماً للآثار المحفوظة والمحنطة على الرفّ؟ بل يشارفه كما يدخل معترك الحياة وينغمس فيها فيتولد لديه تيار من الشعور والعاطفة للانتماء للهوية، وليس ذلك بعسير إذا حَسُن الاختيار والتنبيه من المعلمين والمربين والإعلاميين.

تراثنا العربي والإسلامي عامر بالحركات الاجتماعية التي تحتاج منا إلى فهم جديد لواقعها آنذاك فاذا استخرجناها وعرضناها وفسرناها على الوجه الأكمل فسنرى حينئذ مدى التشابه بينها وبين ما نعيشه اليوم، فرُبّ مسألة عصرية لا نفهمها حق الفهم إلا إذا قارناها بمسألة مشابهة لها في العهود الماضية ورجعنا إلى البواعث المشتركة بين ما كان وما يكون، بحيث نشعر أننا لا ننتقل بالكامل إلى التاريخ الماضي لنعيش فيه وإنما ننقل الماضي إلى عالمنا اليوم لنعيش فيه أيضاً، ونستخرج أفضل الحلول وأنجعها للمستجدات الاجتماعية والأسرية.

هناك الملايين من العلماء والقادة الفاتحين من مختلف الجنسيات... كل واحد منهم له حياة وله آمال وهُموم وتجارب من النجاح والفشل، وهو صالح في ذاته ليكون قدوةً ومدار قصةٍ لتعليمها الأبناء فتهز نفوسهم وتنطبع في خواطرهم وتصبح حية في حياتهم اليومية يسمعونها كما يسمعون الأغاني الشعبية أو الأهازيج الوطنية فتحرك فيهم بواعث العزة والفخر لهذه الأمة العظيمة...

وثالثة الأثافي.

الطبيعة الإنسانية في أساس فطرتها لم يطرأ عليها التغير في عناصر الفكاهة ومقاييس البلاغة والذكاء... كالجواب السريع والنكتة الفقهية البارعة والفكاهة الحسنة – بلا كذب – والكلمة النافذة كلها كنوز مدفونة بكتب التراث وهي بنت كل زمان ومكان يعيش فيه الإنسان، وليس بالمتغير عليها مع تغيّر التاريخ إلا طريقة العرض والتداول دون المعدن الأصيل، فاذا بحثنا عنها وجمعناها وجدنا أنها صالحة لوقتنا كما كانت صالحة لوقتها الذي جرت فيه لأنها إنسانية تصلح لكل زمان ومكان.

وعليه يمكن أن تؤدي دورها التربوي والأخلاقي دون هذا الإسفاف والهبوط العام في مستوى الفن اليوم. والسؤال الآن من الذي يقوم بهذا الدور؟

على الحكومة المقبلة قبل كل شيء أن تفتح ملف التربية والتعليم ونحن نتكلم عن – الكويت خاصة – فعليكم يا مجلس الوزراء الرجوع إلى ما كتبه علماء الكويت ونواخذة السفن – وهم معروفون – كلاً حسب اختصاصه ومؤلفاتهم معروفة سواء كانت مخطوطة أو مطبوعة لنستفيد منها في حاضرنا ومستقبلنا، ونربط بين ما كتبوه في ما يتعلق بالعمل وبين قوانين الإنتاج في سوق العمل، ونجعل هذا العمل مقروناً بشركات وطنية لها اهتمام مشترك يجمع الغَيْرة على التراث والحرص على الرواج كاهتمام الزارع بمحصوله والتاجر بكسبه، ولن نكافح الفساد بالقوانين ولا بالصراخ وإنما بالوعي والوعي فقط.

كما أن عليكم يا حكومة إلى جانب اهتمامكم بالمؤتمرات والمحافل الدولية المتجددة زيادة الاهتمام وبذل المزيد من العناية باللغة العربية لأنها مقدسة نزل بها القرآن الكريم... وتكريم النابهين وتبادل الزيارات مع مجمع اللغة العربية، وما إلى ذلك من فرص خلق بواعث الرغبة في الاطلاع.

فهل وصلت الرسالة؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي