No Script

سافر إلى ذاتك

أنا ناجح ومكتئب

تصغير
تكبير

(دكتورة أنا درست وحصلت على أعلى الدرجات والآن في أفضل الوظائف ولديّ أُسرة سعيدة ومستقر في حياتي جداً وبعد كل ما حققته في كل هذه الأصعدة أشعر أنني لا شيء، لم أحقق شيئاً، وأنا كل ما حققته ليس لي ولا يمثلني وأن هذا الطريق الذي سلكته ليس طريقي رغم أنني كنت أعرف وجهتي جيداً وحققتها كما تمنيتها ولكن لا أعلم ماذا حصل لي، باختصار أجد نفسي أمام سراب وأنني لم أنجح أبداً).

... هذا كان كلام المهندس المعماري المتميز في عمله الذي كان يعتقد أن العالم الذي هو به لا يخصه والحقيقة أن ما سبق يسمى (اكتئاب ما بعد النجاح ) post- success Depression

وهو مرافق وصديق وفي للناجحين والمتميزين وفكرته حالة عدم إحساس بالنجاح وعدم رؤيته وعدم الاعتراف بأهميته ووجوده، وكأنه يخص أحداً غيرهم، وفي بعض الأحيان تحدث هذه الحالة نتجية أن النجاح أصلاً تم تلقينه لهم من الطفولة وليس مساراً حقيقياً لهم كفكرة الأب يريدك أن تكون مهندساً وأنت لا تحب الهندسة، تنجح كمهندس ولكن تكتئب كإنسان.

لذلك عندما يصل الشخص للنجاح يجد نفسه في موقع خاطئ ومكان لا يشبهه، وأيضاً وسائل الإعلام والنجاح الأسطوري وفكرة النجاح الكاذبة التي يتم التسويق لها بشكل كبير، ما يجعل البعض يشعر بالعجز، وأن كل ما يفعله لا شيء عندما يراه من نجاحات فقاعية في «السوشيال ميديا»... ما يقزم أي نجاح يفعله أي شخص إن كان خارج إطار ما تم بروازه كنجاح، وما تم تصويره كمنطقة تميز، متجاهلين أهم درس نبوي في ديننا الإسلامي الذي هو منهجية نفسية مهمة في الإحساس بمعنى الحياة وأهميتها التي هي في الحديث الشريف: «مَن أصبح منكم آمناً في سربه، مُعافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنّما حِيزت له الدنيا بحذافيرها».

أي أن الاكتئاب ما بعد النجاح هو اكتئاب لا يخص النجاح فحسب، بل يخص سبب النجاح ومشاعر الإنسان تجاه النجاح غير المرئية وغير المحسوسة تكشف عند النجاح لذلك كانت هناك إستراتيجيات علاج كثيرة تعالج الأمر أو أحياناً لا تعالج الطريق بل تضبط الشعور حسب حاجات الموقف ومتطلباته ومدى قوة تأثيره على الشخص.

أما عن صور هذا الاكتئاب فهي كثيرة لأشخاص ناجحين عانوا من الاكتئاب ما بعد النجاح، ما دفع بعضهم لإنهاء حياته بالانتحار، مثل الممثل الأميركي العالمي روبن ويليامز، الذي قاده الاكتئاب والقلق إلى الانتحار شنقاً، كذلك المغنية الإيطالية-المصرية داليدا، التي تمكّن منها الاكتئاب بعد حياة مليئة بالنجاحات والإخفاقات، فأنهت حياتها بجرعة أدوية زائدة، وأيضا المبرمج المشهور آرون سوارتز، الذي انتحر في شقته بنيويورك عن عمر 26 عاماً... وقال مقرّبون منه إنه عانى الوحدة والاكتئاب.

ولم يسلم الحقل الرياضي من حالات الانتحار، فنجد السبّاح العالمي مايكل فيليبس، يتحدّث عن محاولاته المتكرّرة لإنهاء حياته، وقال في مقابلة له مع صحيفة «فوكس» الأميركية إنه كان يفكّر في الانتحار بعد انتهاء كل دورة أولمبية رغم فوزه بالميدالية الذهبية.

وأخيرا رفقاً بالقلوب، فنحن بشر.

تحياتي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي