No Script

ألوان

الأم الفلسطينية

تصغير
تكبير

كان وما زال الكثير من الإخوة الفلسطينيين يعيشون بيننا على أرض الكويت الحبيبة وقد ساهموا في البناء والتشييد والارتقاء بالمجتمع الكويتي عبر أكثر من سبعين عاماً هي عمر النكبة الفلسطينية، فكان لهم دور فاعل في إحداث قفزة نوعية في الكويت في المجالات كافة، خصوصاً في مجال التعليم وفي الإنشاءات وغيرها من الأمور.

ولقد تشرفت بمعرفة الكثير من الإخوة الفلسطينيين، وعرفت أنهم شعب مُتعلّم مثقف يمتلك إرادة صلبة، كما أنني عرفت عبر العلاقات الأُسرية مع بعض الأسر الفلسطينية المقيمة في الكويت والمقيمة في المملكة الأردنية الهاشمية أنهم أسرة لديها قيم دينية وقومية وأعراف عربية أصيلة نادراً ما ينحرفون عنها.

ولقد عرفت المرأة الفلسطينية فهي امرأة جبّارة تنتج إلى العالم شعباً جبّاراً يعي بقضيته من الأبعاد كافة، فهي الفتاة الملتزمة بالدين وبالأخلاق وهي الزوجة الشريفة العفيفة التي تساند زوجها في الحياة، وهي الأم التي تدبر شؤون منزلها بأقل التكاليف، كما أنها تحرص على زرع وتأصيل أبعاد القضية الفلسطينية في أبنائها وهو أمر متوارث عبر عقود من الزمن بعمر النكبة الفلسطينية.

والأم الفلسطينية أم جميلة، وهي من أجمل الأمهات التي تجتهد لجعل منزلها مهما كان شكله أو حجمه جنة لتعيش به مع زوجها وأبنائها وفق القيم الفلسطينية الأصيلة، وهو ديدن الكثير من الأمهات وإن كان هناك بعض النماذج الشاذة فهي لا تؤثر على جمال الصورة العامة للمرأة الفلسطينية.

ومن يتابع أحداث غزة المحاصرة عبر أكثر من سبعة عشر عاماً ثم الحرب المجرمة غير العادلة التي ما زالت مستمرة فإنه يستشف دور المرأة الفلسطينية في التعامل والتعايش مع تفاصيل مأسوية، وهي قوية صابرة وهي ترى زوجها وابنها وطفلتها وجيرانها يستشهدون فلا يزيدها ذلك إلا إيماناً وقوةً تجعلها أنموذجاً للمرأة العربية الأصيلة.

ولقد عانت المرأة الفلسطينية من شتى أنواع الصعاب في الحياة التي من شأنها أن تنغص حياتها مع أسرتها، لكنها صامدة مثل جبال فلسطين وهي كشجرة الزيتون تتحمل الكثير ولديها صبر طويل إلى أن تجني ثمارها وهي ترى أبناءها وقد كبروا وتعلّموا وحصلوا على مناصب مميزة، وقاموا بتكوين أسرة ليكملوا مسيرة ما قامت به، وهذا سر يعرفه جيداً من درس علم الاجتماع وعلم النفس ومن تابع وعايش تفاصيل النكبة الفلسطينية.

وسجل التاريخ سلسلة من النساء الفلسطينيات اللاتي جاهدن وعملن بجد من أجل دينهن ووطنهن وقضيتهن وأبنائهن، وهناك أسماء كثيرة لعبت دوراً إيجابياً في جعل أدبيات القضية الفلسطينية حاضرة في الوطن العربي هنا وهناك، ورغم التخاذل العربي إلا أن المرأة الفلسطينية «مسلمة أو مسيحية» ماضية في طريقها نحو الجهاد المقدس في ولادة وتربية النشء الذي سيكمل المسيرة فكانت هناك ملاحم إنسانية واجتماعية.

وعبر المبدع الفلسطيني في الأشعار والفنون التشكيلية عن القضية الفلسطينية وهناك عقول فلسطينية مبدعة انتشرت في العالم العربي والغربي منذ النكبة ويدين هؤلاء المبدعون لأمهاتهم اللاتي بذلن الجهود الجبّارة ليخرج للعالم هذا الشعب الجبّار، وقد تمثل ذلك في بعض الأعمال الدرامية وأكثرها إبداعاً ما قدّمه المخرج السوري حاتم علي في عام 2004م عبر رائعته الخالدة «التغريبة الفلسطينية».

إنّ الكيان الصهيوني ومعه العالم الغربي يعترف في جلساته غير المعلنة أن الشعب الفلسطيني صامد كالصخرة المقدسة في وجه العتاة المجرمين ومن يقف خلفهم، ويعترفون أن الشعب الفلسطيني سيبقى مجاهداً إلى أن يحصل على حقه في العيش بوطنه حراً كريماً وسينتهي هذا الاحتلال كما هو ثابت لدينا في الأثر الديني.

ويأتي من يقول في الكويت ليذكّرنا بموقف منظمة التحرير الفلسطينية ابان الاحتلال العراقي للكويت، فأقول إن المنظمة كانت مخطوفة من قبل رأي مستبد وليس كل أعضاء المنظمة مؤيدين لنظام صدام حسين، بل إن بعضهم كان وما زال مع الحق الكويتي، وكذلك موقف «حماس» الذي كان مؤيداً للحق الكويتي رغم موقف «الإخوان المسلمين» الذي لا يخفى على أحد، وكل شخص سيحاسب أمام الخالق على أعماله وليس على أعمال غيره.

وتبقى العلاقات العربية الإنسانية حاضرة، ففي الكويت هناك بعض الكويتيين المتزوجين من نساء فلسطينيات وهناك بعض الفلسطينيين المتزوجين من نساء كويتيات وبعض الفلسطينيين حصلوا على الجنسية الكويتية.

«همسة»

سيستمر الجهاد الفلسطيني لطالما هناك زيت وزعتر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي