ولي رأي

«لا تصوّت»

تصغير
تكبير

قضيت سنوات عديدة في مجلس الأمة، ونظراً لطبيعة عملي، تعرفت خلالها على العديد من النواب والوزراء والسياسيين الكويتيين وآخرين من جميع أنحاء العالم. لاحظت اختلافاً مهماً بين نوابنا ونواب الآخرين. فحتى في المهمات الرسمية، ترى النائب الكويتي مشغولاً على هاتفه يستقبل طلبات من ناخبيه.

قد تعتقد أن هذا مديح للنائب الكويتي، ولكن في معركتنا للقضاء على الواسطة والفساد، لا بد من إعادة تعريف مفهوم العمل النيابي. فلا مجال للمساومة على حقوق المواطن. ولا يجب أن تكون هناك مقايضة «أتوسط لك وتصوت لي أنت وجماعتك». هذا الأمر غير مقبول بالمرة. حق المواطن يُأخذ بالأصالة ودون مقايضة. ولا يجب على المواطن الاستسلام لبيع ذمته ويجب أن ندفع جميعاً نحو التغيير معاً.

أصبح من واجبنا أن نخلق ثقافة سياسية جديدة. فسياسة «المخامط» أضرت بأجيال. لا ينبغي أن نرى الوظائف الحكومية تُمنح لمن لديه الوسيط الأفضل بدلاً من الأكفأ. وليس من المقبول أن نسمع من جهات كبرى «إذا ما عندك واسطة لا تقدم أحسن لك». القضاء على هذا الفساد يبدأ بانتخاب نواب يخدمون الصالح العام وليس من يستبدلون الخدمات بالأصوات.

لا بدّ من كسر سياسة الضد «إذا أنا ما خذيت، غيري بياخذ»، سياسة أضرّت بالآلاف. نحن مجتمع واحد، متجانس ومحب لعمل الخير. لا تجعلوا من السياسة فتنة تزرع الفرقة بين الأخ وأخيه. وما لا ترضاه لنفسك، لا ترضاه لأخيك.

رأينا أبواقاً حاولت زعزعة النسيج الكويتي بنشر إشاعات حول تغيير بعض الحقوق السياسية بناءً على مادة الجنسية. وأكدت الحكومة رفض هذه الإشاعات جملة وتفصيلاً. فلا تدعو تجار الظلام يخدعونكم ويزرعون الفتنة في قلوبكم. فمن مصلحة الفاسدين ألا يتلاحم الشعب الكويتي لأنهم يفضلون التصويت بناءً على مصالح ضيقة وعلاقات سطحية، بدلاً من النظر إلى المصلحة الوطنية العامة. يرون الصوت العرقي أهم من الصوت الوطني.

اعلم، أخي المواطن، أنه عندما تصوت لمرشح يخدمك شخصياً أو يقدم لك «واسطة»، فأول من ظلمت هو نفسك. أنت من تُغرّد شاكياً من شوارع الكويت ومستوى التعليم وتردّي المرافق الصحية. هل تعتقد أن الذي بِعت له صوتك سيهتم بإصلاح أيّ من هذه الأمور؟ أم أنه مشغول بمقايضة المصالح بالأصوات لأهدافه الخاصة؟ هل تعتقد أنه يضع مصلحة أبنائك في الاعتبار؟ هل سيحزن على حزنك؟ لا تصوت، أخي المواطن، لمن يراك مجرد رقم.

اعلم أن قرارك هذا لا يُؤثّر عليك وحدك، بل يُؤثّر على الكويت ككل، من خدمات ومرافق إلى السياسة الخارجية والسمعة الدولية. اختر من يخاف الله في الكويت. اختر الكفء. اختر من يضيف إلى الكرسي وليس من يبحث عن مكانة اجتماعية فيه.

إضاءة:

سمعاً وطاعة يا صاحب السمو.

maosherji@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي