بس... أنا كويتي!

تصغير
تكبير

على الرغم من أن الدين الاسلامي نادى بالمساواة بين الناس في الحقوق والواجبات والإنسانية، وعلى الرغم من أن الدستور الكويتي أتت نصوصه واضحة لترسيخ فكرة المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وحق المواطنة الطبيعي حيث لا فرقَ بينهم على أساس الأصل أو الدين أو الجنس، وعلى الرغم من تشدق البعض بمقولات المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، إلا أن هؤلاء في أغلب الأحيان يمارسون التمييز ضد البعض الآخر في علاقة مطردة ومضطربة.

في الأصل البعض من هؤلاء يقول هذا أصيل وذاك بيسري والآن تستخدم كلمة لفو، وفي المذهب القصة معروفة، وبالفئة ذياك قبلي وهذا حضري، وفي الجنسية فالتراتبية «المقدسة» لا يمكن التحدث عنها لأنها أصبحت من الثوابت التي لا تتغير، وفي داخل كل من تلك الأقسام تقسيمات فرعية عمودية وعنقودية.

لدى البعض، الذي يعتقد أنه الكويتي الأصيل الوحيد، هناك كويتي وَفَدَ من هنا وآخر من هناك، وفي قسم الطائفة هناك شيعي وسني وفي كل منهما تقسيمات، وعند السنة يوجد تقسيمات متماثلة، وعند القبائل أيضاً توجد هذه التراتبية في الأفخاذ الرئيسية والكبيرة والقوية ودونها القليلة، وهكذا تصغر وتصغر الدوائر حتى نصل إلى الأسرة الواحدة فتجد البحث جارياً بين أصل وفصل الزوجين، حتى نصل إلى فرد واحد هو الكويتي الأصيل وبس.

لا اعتراض على طبيعة التقسيمات المجتمعية فهذه هي التعددية التي من الممكن أن نرسم منها لوحة جميلة للكويت، ولكن بيت الاعتراض هو أن تتحول تلك التقسيمات إلى مناطق تميز وفصل عنصري وأفضلية عرقية يمارسها البعض ضد البعض الآخر كي يبرّر حقه في خصوصية الاستحواذ.

آسف على هذه الصراحة، التي قد ينكرها البعض ولكنها أصبحت واقعاً مقيتاً، يتلاعب به بعض السياسيين.

لقد أصبحنا أضحوكة على أنفسنا حيث يحاول الكل أن يثبت أنه الكويتي الأول الذي له الفضل كله ويستحق الفضائل جلها، وبموجب ذلك يظن أن له الحق المطلق في توزيع صكوك الوطنية والانتماء!

ماذا نريد أن نصل إليه، بماذا ينفعنا ذلك المتبجح بكويتيته الأصيلة التي يدعيها لو كان فاسداً أو مستنداً لفاسد، وما هو وزنه في مقابل كويتي كادح صالح حتى لو وَفَدَ قريباً للكويت وللتو قد حصل على الجنسية بشكل قانوني! بماذا ينفعنا من يعيش ماضي صنائع جده الأكبر الذي رحل إلى دار الآخرة برحمة الله، بينما هو في حقيقته بليد متلبّد خلف نَسبه واسمه وجيناته، في مقابل رجل عصامي مواظب على عمله، تعلّم وبلغَ درجات عُليا وقدّم صنائعه!

مما هو مؤسف أن يستثار البعض ليتموضع في خندق العنصرية من حيث لا يدري بسبب الخلط بين مواطن كويتي عصامي شريف وبين إنسان قد تحصّل على الجنسية عبر التزوير!

ماذا يريد هؤلاء؟

لو سلمنا جدلاً بأنك الكويتي الوحيد وبس، ثم ماذا! هل تريد أن نكون تابعين وخاضعين لك عندك، أو أنك تريد أن تحتكر حق التميّز لنفسك فلا تسجن ولا تحاسب لو أخطأت، وأن يكون الحق السياسي لك ولأبنائك فقط وألا ينافسك أحد في الحريات والأرزاق، وأن يبقى دونك بقية الناس رعاعاً؟.

اعلم أيها السياسي المتعنصر أن كل كويتي شريف عفيف أفضل منك ألف مرة وأن الكويتي الذي نعرفه ونعترف ونتشرّف به هو الذي لا يفرق ولا يميز ولا يهمز ولا يلمز، وهو الإنسان الطيب الكادح الصادق المثابر المبادر المحب لوطنه ولقيادته ونظامه وشعبه، هو من يحب لنفسه ما يحب لغيره، هذا هو الكويتي بس.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي