No Script

مشاهدات

القانون العجيب

تصغير
تكبير

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تغريدة ساخرة مضمونها:

(أبي الذي قضى حياته في التعلم والغربة ونيل الشهادات العليا وقدم ما يفيد مؤسسات الدولة من تنظيم وتطوير وتقدم حصل على زيادة مالية قدرها 20 ديناراً في السنة، وعمي الذي لم يكمل تعليمه وعمل بعمل بسيط حصل على زيادة مالية تقدر بأكثر من 500 دينار!)

تغريدة ساخرة تقف عندها العقول حائرة، فيا ترى ما الذي جرى؟

فعندما نبحث عن سبب هذه المقولة نجد العجب العجاب من قرارات قانون غير عادل ساهمت في إصداره ثلاث جهات وهي:

1/ التأمينات الاجتماعية

2/ مجلس الأمة

3/ مجلس الوزراء

نبدأ بالقطاع الأول: مؤسسة التأمينات الاجتماعية

أُنشِئت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بموجب الأمر الأميري بالقانون رقم (61) لسنة 1976م، لتكون الجهة المختصة بتقديم خدمات تأمينية واجتماعية مستدامة، تكفل للمواطنين العاملين في البلاد وخارجها معيشة كريمة بعد التقاعد، ويشمل تأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للعاملين في القطاع الحكومي والأهلي والنفطي.

أي بمعنى تقديم راتب تقاعدي للمتقاعد الذي أنهى خدمته في العمل تكفل له حياة كريمة كل على حسب الشريحة المشترك بها، أي بقيمة القسط المالي المستقطع منه طوال فترة الخدمة.

(الآلية العامة للمؤسسة):

- تقوم باستقطاع نسبة من الراتب الإجمالي للموظف أثناء الخدمة ويتفاوت القسط الشهري من موظف إلى آخر حسب راتب كل منهم بحيث تكون نسبة الاستقطاع ثابتة:

التأمين التكميلي (اختياري)

الاستحقاق الشهري للتأمينات:

10.5 في المئة من إجمالي الراتب تدفعها جهة العمل

11.5 في المئة من إجمالي الراتب يدفعها الموظف

(بمعنى من راتبه أعلى يكون القسط المالي الشهري أعلى)

( وكذلك يحصل المُؤمن عليه على 95 في المئة من الراتب التقاعدي إذا بلغت خدمته 30 سنة وتقل النسبة 2 في المئة عن كل سنة أقل من خدمة 30 سنة)

مثال:

- الراتب 500 دينار، القسط الشهري للتأمينات من الموظف 57.5 دينار بالإضافة إلى قسط جهة العمل 52.5 دينار.

- الراتب 1000 دينار، القسط الشهري للتأمينات من الموظف 115 ديناراً بالإضافة إلى قسط جهة العمل 105 دنانير.

- الراتب 2000 دينار، القسط الشهري من الموظف 230 ديناراً، بالإضافة إلى قسط جهة العمل 210 دنانير.

وهكذا، وفق نظام قانون التأمينات الاجتماعية.

وهناك أيضاً استقطاع آخر يسمى بالتأمين التكميلي وذلك للكوادر والبدلات فهو اختياري لمن يرغب بالاستفادة من نسبة منه.

(يتضح من هذا بأن قيمة الراتب التقاعدي تختلف من موظف إلى آخر ويتم حساب الراتب على حسب شريحة الاشتراك)

ثانياً: مجلس الأمة

شارك بإصدار قانون مستعجل غير مدروس وفيه مخالفة دستورية دمّرت العدالة بين الجميع بحيث فصّل قانون لفئة من المتقاعدين للحصول على زيادة مالية كبيرة تصل لأكثر من 500 دينار لمن يعول 7 أبناء!

والمعضلة بأن هذا القانون المسخ شمل موظفي القطاع العام فقط ولم يشمل متقاعدي الباب الخامس، بحيث لم تشملهم أي زيادة وظلت رواتبهم أقل من 1000 دينار!

والأمر الغريب بأن المجلس التشريعي الذي هو صمام الأمان والعدل بين المواطنين والذي يراقب ويقر القوانين، يوافق على إقرار هذا التمايز بين المتقاعدين؟ متناسين أن أي قانون يصدر يجب أن يشمل الجميع، ونعني هنا جميع المتقاعدين دون استثناء وألا يكون هذا القانون يشوبه الكثير من الشوائب والمخالفات؟

- القوانين ليست سلق بيض لمصالح شخصية ورؤى محدودة، فهناك أولويات ترتبط بمراعاة الوضع العام لتطبيق مبدأ العدالة بين الجميع.

ثالثاً: الحكومة السابقة

شاءت الظروف بأن تتشابك المصالح بين الاثنين، المجلس الحالي والحكومة السابقة ليتم تمرير هذا القانون المعيب.

- العدالة والمساواة واحدة للجميع، ومن غير المقبول أن تتم الزيادة لشريحة معينة وبنسبة عالية في حين تقل تلك النسب للشرائح الأخرى وقد يحرم البعض منها، ولذلك يجب أن تكون المسطرة واحدة، والتفاوت في الرواتب التقاعدية كما ذكرنا تحسب على قيمة الاشتراك الشهري لكل مُؤمن عليه، ومن المفترض أن تشمل علاوة (تحسين المعيشة) جميع المتقاعدين وأي زيادة مالية تغطي الجميع دون تقسيمات وتمايز بين المتقاعدين.

أليس حقوق المتقاعدين واحدة وأي زيادة مالية يجب أن تشمل الجميع دون تمايز، على سبيل المثال:

1 - الزيادة المالية السنوية 20 ديناراً

2 - علاوة غلاء المعيشة 120 ديناراً

3 - المكرمة الأميرية 3000 دينار

فما الذي عدا مما بدا أن يخالف المجلس واجباته التشريعية ومواد الدستور ويقوم بإصدار مثل هذا القانون المعيب؟

الخلاصة:

يجب أن يتم إشهار جمعية نفع عام تمثل جميع المتقاعدين ويتكون مجلس إدارتها وعضويتها من ممثلين من جميع شرائح المتقاعدين وحسب شرائحهم المالية المختلفة وتضم الجميع.

عندما يتم الأخذ بمطالب ومشورة وآراء الرأي العام من المتقاعدين، وهؤلاء في الحقيقة هم أصحاب الحق وهم من يمثل المتقاعدين، وهم من له الحق في مقابلة المسؤولين لطرح توجيهاتهم ومطالبهم على المسؤولين، فمن الخطأ أن يظهر بين الحين والآخر أفراد يدّعون أنهم يمثلون المتقاعدين، وما يدعو للأسف بأنه يتم قبول مطالب هذه الفئة التي تدّعي أنها تمثل شريحة المتقاعدين ليؤخذ بهذه المطالب أمام الرأي العام، في حين أن هذه المطالب تكون مخجلة وغير مجدية (مياه معدنية - خط تلفون - نادٍ صحي...) وفيها إشكالية كبيرة قد تضر بحقوق المتقاعدين.

- الصحيح أن المتقاعد لا يطلب مِنْة ولا فَضَلَاً بل يطلب حقه المكتسب ففي العالم كله ينال المتقاعد الاهتمام من السلطة، من مثل، خصم على تذاكر السفر والمشتريات والرحلات وغيرها من الأمور التي تهّم المتقاعد، وهذا ليس فضلاً على المتقاعد بل هو واجب على المجتمع لرعاية كبار السن والمتقاعدين تقديراً لما بذلوه أثناء مسيرة حياتهم المهنية.

- ولذا من الواجب أن تكون الزيادة للجميع دون تمايز.

- المفترض بأن القرض الحسن يتجدد تلقائياً عند السداد ولا حاجة لتدخل مجلس الأمة في ذلك، فالسلطة يجب أن تكرم أبناءها.

- عندما طلب سمو رئيس مجلس الوزراء التأجيل لمراجعة الزيادات المالية، فلا شك أنها خطوة مستحقة وصحيحة، وذلك لتصحيح ما تم ارتكابه من أخطاء ونحن نعّول على سمو الشيخ محمد الصباح، كونه من أهل الاختصاص ومتخصص في مجاله الاقتصادي ويتبنى رؤية مستقبلية وله برنامج عمل ويملك بعدَ نظر ويتكلّم عن الرؤية المستقبلية والتي تشمل المتقاعدين، فكل ذلك لا شك سيصب في مصلحة الوطن خصوصاً في القرارات التي ستصدر تحديداً لما فيه مصلحة الشعب.

اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة والحمد لله ربّ العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي