No Script

سافر إلى ذاتك

فخ الحاجة

تصغير
تكبير

«دكتورة، قالَ قلبي لا، وعقلي رفض لكن كنت متقدمة بالعمر فتزوجته والنتيجة طلاق قبل سنة من الزواج».

نرى هذا المشهد كثيراً وقد نسمعه بشكل أكبر وقد نعزوه لسوء البخت ونقص الحظ لصاحبته، لكن ما سبق أمر مختلف جداً، هو فخ الحاجة، وما أدراكم ما فخ الحاجة، هو عبارة عن شعور بالنقص استمرّ فترة طويلة فيقدم الشخص به كل حياته قرباناً لتحقيقه حتى يستيقظ فيجد أنه خسر حياته ونفسه معها.

أتفهم جداً شعور الحاجة ولكن ما أريد تفسيره هو الآتي: الحاجات الطبيعية التي نشترك بها جميعنا مهمة جداً لا شك بذلك، فجميعنا نحتاج للحب والاحتواء والأمان والقبول والاحترام والمال والمكانة ولكن؟

هذه الحاجات ليست كاملة أو مكتملة عند بعضنا أو عدد لا بأس منه منا، ونظراً لذلك هي تضيّع صاحبها وتجعله يقوم بأعمال غير عقلانية للحصول عليها، خصوصاً إن طالت فترة قصورها وقلّ صبر صاحبها عليها، ومع وحشة التقدم بالعمر ورهبة التقدم فيه يظهر لدينا تسمّمات فكرية تدعى التسرع وعدم الصبر، ونتيجتها هو أن يتنازل الإنسان عن كثير من القِيم والكثير من المبادئ وعن نفسه أحياناً وعن حياته وأهدافه أحياناً أخرى، ناهيكم عن مهارة التسرع المكتسبة التي ستتسرّب لسلوكه.

مع التنازلات المقدمة وضيق التحمل الذي سيكون شريكاً له في رحلة التنازلات المقدمة كل ذلك لأنه محتاج ويريد الإشباع لا أكثر، وهذا ما حدث لحالتنا السابقة، ويحدث كثيراً أيضاً في العلاقات العاطفية باختلاف قصصها والحاجة إليها، ولكن تشترك أن الشخص الجاني على ذاته يُقدم على هذه العلاقة والزواج متجاهلاً كل الإنذارات الشعورية والإشارات الحمراء الفكرية التي تقول (قف أرجوك الشخص غير مناسب لا تتقدّم أنت بخطر)، ويتسرّع بحجة الوقت والفرصة الكاذبة وأعذار وهمية كثيرة، حتى يستيقظ بعدها والاستيقاظ سريع جداً بقدر سرعة الاستجابة للضغط ويجد نفسه في المكان الخاطئ والوقت الخطأ مع الشخص غير المناسب يعيش خطيئة حياته على أرض الواقع. كل ذلك بسبب بصيص أمل ممكن يتغير، ممكن يكون سيناريو مختلفاً، ممكن ينجح الزواج، ممكن التجاهل.

عزيزي الواقع بالفخ، تغيير النفوس البشرية ليست مهنتك وإصلاح السامين ليست قضية سهلة وعلاج النرجسيين والساديين والسيكوباثيين لأصحاب الاختصاص ليست مهنتك، أرجوك قدر أنك إنسان تستحق الشخص المناسب، قدر أن الحياة وفيرة ويوجد بها مَن يناسبك، قدر أن الحياة تعطي مَن يستعد للأخذ ويطلب ما يريد أخذه، اسأل لنفسك الأفضل لها والأحسن لها والأقرب لها مَن يحقق لك السكينة، لا مَن يشتري لك مسكناً. تحياتي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي