No Script

مجرد رأي

«الدقم» وإعادة تموضع الكويت...

تصغير
تكبير

خلال الأسبوع الماضي وتحديداً يوم الأربعاء، كان العالم على موعد ليشاهد تتويج قصة نجاح كويتية - عمانية، عنوانها بدء التشغيل التجاري لمصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية بالمنطقة الاقتصادية الخاصّة بالدقم، أضخم مشروع خليجي مشترك يدلّ على الإخاء التاريخي بين السلطنة والكويت.

ولثقل الحدث اقتصادياً وإستراتيجياً وجغرافياً جاء التمثيل بالقدر نفسه، حيث افتتح السُّلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، مشروع مصفاة «الدّقم» بحضور سمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

دلالات عدة صاحبت بدء تشغيل «الدقم» محلياً وخليجياً وعالمياً، فالمشروع المدمج بين مجموعة «أوكيو» العُمانية وشركة البترول الكويتية العالمية برأسمال يقارب 9.9 مليار دولار، أكد أن تحول الحلم الذي بدأ في 2011 لحقيقة بات واقعاً لتتجدد مع ذلك الآمال المتفائلة بأن تكون «الدقم» باكورة لتحقق سلسلة أحلام كويتية مزمنة وأبرزها الحلم الأوسع الذي يتعلق بإمكانية عودة درة الخليج لسابق عهدها حيث يرتبط اسم الكويت بكل مبادرة تنموية.

فمصفاة الدقم التي تعد أول مصفاة خليجية تعتمد على النفط الخام المستورد في عملياتها التشغيلية وتهدف إلى تحفيز مشروعات النفط في منطقة الخليج وتعزيز المكانة السوقية في قطاع التكرير والبتروكيماويات، حفزت جميع الكويتيين لاستشراف المتغيرات التي يمكن أن تطرأ بالمرحلة المقبلة والتي يعول عليها أنها ستحمل تغييراً إستراتيجياً في مسار الكويت نحو مستقبل من الواضح أنه سيكون متشعباً في كل اتجاه يمكن أن تنبت معه تنمية وعلاقة دولية مثمرة.

فقبل افتتاح «الدقم» كان ولا يزال الحديث مفتوحاً عن تعاون تنموي بين الكويت والصين، ما يؤشر أن الكويت بدأت إعادة ضبط بوصلتها بإحداثيات غير معهودة منذ عقود لجهة بناء علاقات خليجية ودولية إستراتيجية.

وبالطبع، الفائدة هنا مزدوجة فمن ناحية اقتصادية تنموية تضمن تنويع مصادر الدخل العام ومن جهة أخرى توفر إعادة تموضع جديدة للكويت في الخريطة العالمية مدفوعة بشراكات إستراتيجية تزيد ثقل الكويت تنموياً وسياسياً.

فتحت «الدقم» شهية الجميع للحديث عن تنمية متجذرة تضمن عوائد مستدامة وعلاقات إستراتيجية في عالم تقوده التحالفات الكبرى بين الدول، ما يشجع أكثر لتمنية النفس بإمكانية أن تتطور شراكة الدقم بين الكويت وعمان لبرامج تعاون أوسع أقربها إبرام تعاون زراعي مع السلطنة يسهم في تدعيم الأمن الغذائي في الكويت مستفيدين من إمكانات عمان في هذا الخصوص وتوفر أراضيها وانفتاحها على التعاون في كل درب مع الكويت.

الخلاصة:

«الدقم» قصة نجاح وأبرز إسهاماتها أنها فتحت الطريق واسعاً أمام الكويت لإعادة الكرة في اتجاهات تنموية عدة مدفوعة بطاقاتها البشرية العملاقة وملاءتها المالية الكبيرة وعلاقتها الإستراتيجية مع غالبية الدول الرئيسية في المنطقة وخارجها.

وإذا كنا نرغب في المحافظة على السير التنموي بشكل مستقيم إلى الأمام محل طريقتنا التقليدية في السير بشكل دائري والذي يعيدنا دائماً إلى نقطة الانطلاقة نفسها ومن ثم الوقوع بفخ التخلف عن مسار التنمية المستدامة الذي أجادته دول المنطقة، فهذا يحتاج أن يصاحب تركيزنا تصحيح المسار في سوق محلي آخر موازٍ تجاه الاستمرار في بناء تحالفات إستراتيجية إقليمياً وعالمياً على أن توفر مسارات مختلفة ومستدامة لتحليق الكويت عالياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي