No Script

مجرد رأي

«الالتحاق بعائل» ما له وما عليه...

تصغير
تكبير

بادئ ذي بدء، تعوّدنا منذ فترة على حال انقسام كبيرة في الشارع الكويتي على أي إجراء حكومي ربما لأننا منذ فترة طويلة نواجه قرارات حكومية لم تنعكس إيجاباً على المواطنين.

والمفارقة، أن حالة الانقسام باتت تشمل أي قرار حكومي ولو كان معمولاً به في جميع الدول المجاورة، ويصفق له بحرارة في أسواقها، من الجميع مواطنين ووافدين.

أما محلياً فنجد لكل قرار حكومي شريحة مؤيدة ولديها وجهة نظرها تتمتّع بوجاهتها، وأُخرى مُعارضة وأيضاً لديها ما يدعم مخاوفها.

آخر الاختلافات والخلاف في الرأي والذي لا يفترض أن يفسد للود قضية كما تقول الحِكمة قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية بالوكالة الشيخ فهد اليوسف، الخاص بفتح الباب أمام استقبال طلبات الالتحاق بعائل في مختلف إدارات شؤون الإقامة في البلاد وفق ضوابط وشروط جديدة.

فرغم ما أثاره القرار من ردود فعل معارضة والتي لا يمكن إنكار مشروعية مخاوفها المعارضين وأبرزها التي تتعلّق بتعميق مخاطر الإخلال بالتركيبة السكانية إلا أنه في المقابل يصح القول إن فتح الالتحاق بعائل للوافدين شرع نافذة مستحقة في حائط مسدود منذ فترة طويلة من محاولات تحسين بيئة الأعمال الناجعة وزيادة الإيرادات غير النفطية وتقليص هجرة الأموال.

بالطبع، ستكون هناك آثار سلبية لهذا التوسع على التركيبة السكانية لصالح الوافدين لكنه يمكن لجمها بإدارة الملف بطريقة محترفة ممنهجة تضمن تحويل أي سلبية محتملة لاعتبار قوة ولنا في تجربة دول الجوار عِبرة.

وقبل التطرّق لكلمة السر في هذا الخصوص يتعيّن الإشارة إلى أنه لفتح الالتحاق بعائل فوائد اقتصادية وتجارية وأمنية عدة، فمن ناحية تلجأ الدول الطامحة للنمو بقوة ومن ضمنها المملكة العربية السعودية إلى استقبال المزيد من الوافدين ببرامج ومزايا خاصة تضمن جذب المزيد من المستثمرين الوافدين وأصحاب الكفاءة والموهبة من حول العالم بشروط مدروسة تضمن استقطاب العقول والأموال، وهنا بيت القصيد.

فمن يراجع قرار الالتحاق بعائل وشروطه سيجد بسهولة أنه مفصّل للعمالة الماهرة التي لا نزال بحاجة لبقائها والقادرة على الصرف في الكويت مما تحصل عليه من رواتب بفضل جهدها، وهذا في حد ذاته اعتبار اقتصادي مهم لا يمكن تجاهل أهميته أو غض الطرف عن ضرورة الاستفادة منه استثمارياً، خصوصاً في مرحلة البناء المستهدفة اقتصادياً للكويت وتحولها لمسار النمو المستدام.

فلا يمكن لأي اقتصاد الاعتماد على موارده الذاتية بل يتعين فتح جيوب إضافية للصرف من خارج الموازنة العامة، وبعيداً عن المواطنين أخذاً بالاعتبار أن الألتحاق بعائل مجرد بداية لقرارات تنظيمية أخرى مستحقة وفي مقدمتها تنظيم استقدام العمالة ذات القيمة المضافة. ومن محاسن القرار أنه بدلاً من اضطرار الوافدين المهرة لتحويل غالبية أموالهم إلى بلادهم في ظل غياب أسرهم يسهم فتح الالتحاق بعائل في تغيير حسبتهم كثيراً وتوجههم لزيادة إنفاقهم محلياً استهلاكياً وصحياً وتعليمياً وسكنياً، وجميعها قطاعات كويتية تشكّل اقتصاداً موازياً وتحتاج للتوسع.

علاوة على ذلك، لا يخفى على أحد الأهمية الأمنية لزيادة أعداد العائلات على حساب تقليص العزاب، فكل من لديه أسرة سيكون أحرص على استقرار الكويت وأمنها كون ذلك يضمن سلامة أسرته، ولذلك، ستجد صاحب الأسرة من الوافدين حريصاً على الالتزام بجميع قوانين الكويت بدقة متناهية، ما يقوض جرائم عدة أولها وليس آخرها المخدرات.

والأهم أن منافسة الكويت على العقول الماهرة بما يناسب خططها للتنمية المستهدفة يعزّز مكانتها لتكون مركزاً إقليمياً يحتضن أفضل العقول والمواهب والاستثمارات، ومن ثم تمكين الاقتصاد الوطني من خلال إيجاد الوظائف، ونقل المعرفة.

الخلاصة:

عودة على ذي بدء، والسؤال الأوجه هنا، كيف نستثمر القرار بوجه أمثل ولينعم الجميع مواطن ووافد بالاستقرار والعمل في بلدٍ يفترض أن يكون طموحاً في مستهدفاته التنموية؟

أولاً يتعيّن إغلاق منافذ الاستثناءات وقصر منح الالتحاق بعائل على المهن المحدّدة بالقرار الوزاري.

وفي الوقت نفسه، يتعين مكافحة بيت الداء وتعميق جروح بالتركيبة السكانية والمتمثل في تجارة الإقامات التي تعد الخطر الأكبر والرئيس على الكويت، كونه يلتهم أي معالجات حكومية يمكن أن تقدم لمعالجة خلل التركيبة السكانية.

وبالنسبة لضمان سلامة المنظومة الصحية والطرق فيمكن تسريع تشغيل مستشفى الضمان الصحي، ومن ثم نضمن ألا نرهق القطاع الصحي الحكومي المريض أصلاً بطاقة تشغيلية إضافية لا يقوى عليها.

إلى جانب ذلك، يجب تنشيط وتحسين قطاع النقل العام لتخفيف الضغط على الطرق إلى جانب تبني سلسلة قرارات تنظيمية أثبتت جدواها في الأسواق المجاورة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي