No Script

قيم ومبادئ

دنيا ودين

تصغير
تكبير

ليس السعي في سبيل الدنيا ضلالاً عن سبيل الآخرة، وليس في القرآن انفصام بين روح الإنسان وجسده أو تعارض بين العقل والنقل أو (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)، أو شتات في العقيدة تتيه معه (الذات الإنسانية) بين ظاهر وباطن وأصول وقشور وإسراف وجور.

إنّ هذا التعسف في التفريق بين الدنيا والدين قد عطّل العقل قديماً زمناً طويلاً عن فهم حقائق مجريات الأمور – كما عطله وما زال – عن فهم حِكم وأسرار الشريعة وتكاليفها وكيفية تطبيقها إذا اختلفت الظروف.

إنّ جميع الأنبياء والرسل جاؤوا لحراسة الدين وسياسة الدنيا من أجل التمكين في الأرض، وهو من حق المعيشة الأرضية وواجب الحياة الدنيوية لا تناقض فيه بين روح وجسد، ولا تنازع فيه بين دنيا وآخرة، ولا فصام فيه للذات الإنسانية يُحار فيه العقل وتتمزق به أوصال الضمير.

إنه حق الله على العباد، وهو أن يعبدوه وألا يشركوا به شيئاً، كي ينعموا بنعيم الإيمان والبصيرة والهداية مجموعاً إليه ما في الدنيا من نعيم محبب إلى الإنسان المستقيم صاحب الفطرة السوية ولو كان من أعبد الناس، قال صلى الله عليه وسلم: (حُبّب إليّ من دُنياكم النساء والطيب، وجُعلت قرةُ عيني في الصلاة)، وهذا سيد الأولين والآخرين، أحبّ زوجاته أُمهات المؤمنين محبةً صادقةً فكن يدخلن السرور على قلبه الشريف، والمرأة الصالحة خير متاع الدنيا، كما أحب أنواع الأطياب والبخور، وأحبّ لبس البياض من الثياب والعمائم والخفاف، وكان يتجمّل للوفود ولصلاة الجمعة، وكان يحب العسل ويتتبع الدبّاء في الصحفة، ولكن أعظم من هذا كله جُعلت قرة عيني في الصلاة يعني أكثر وأكبر سعادةً وهناءً كانت في اللحظات التي يقف بها بين يدي ربه يناجيه ويتقرّب إليه، فقرّةُ العين يُعبّر بها عن المسرّة ورؤية ما يحبه الإنسان.

ومن تمكين الإنسان في الأرض أن يبتغي فيها معيشته ويُسيم فيها مطيته ويتم بها عدته، ولا يزهد في شيء من خيراتها... بل الزينة للعبادة واجبة كوجوبها لمقاصد الدنيا ومطالب المعيشة والله تعالى يُحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

والقرآن الكريم يُعلّم المؤمن كيف يكسب الطيبات ويتجنّب المحرمات وأن ينفق منها من غير إسراف ولا تقتر، وأن ينعم بخيرات الأرض لأنها نعمة مشكورة من ربّ غفور لا يحل له أن يحرّمها على نفسه تديّناً.

فهذه دنيانا وهذا ديننا الإسلام ما طرقت البشرية ديانة مثلما جاء به الإسلام فلله الحمد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي