تركي العازمي / يقتاتون على الفتات!

تصغير
تكبير
هذه المقالة موجهة للعقلاء فقط ممن هم على علم ببواطن الأمور، ولكل من يعي بإدراك خطر المحاصصة في كويت الحاضرة. إننا ومنذ عام 1938 لم نشهد ما من شأنه التأثير في النسيج الاجتماعي، فالكويت كانت حتى بداية الثمانينات جميلة سباقة في كل شيء حتى الرياضة وكانت الديموقراطية تسير بعجلة تحتكم إلى رؤية العقلاء، ومن تأخذه النفس البشرية إلى هواها يجد من يردعه... كم كانت جميلة تلك الأيام.

أما اليوم فالتركيبة تغيرت مفاهيمها وصارت النصيحة مركونة في زاوية لا يقبل أن يتصفحها عاقل لهول ما يرى ولا يحبذ الاقتراب منها السواد الأعظم من إخواننا ممن تحركهم المصالح الضيقة.

كنت قبل أيام قد استبشرت خيراً من زيارة الوزير الدكتور هلال الساير، والتي بنيتها على قواعد استراتيجية بحتة، ولم أكن أتصور أن ينتهي تعليق وفد جامعة جون هوبكنز بعبارة «إن الوزارة تفتقر إلى الكوادر والإدارة». وهذا يعني أننا «لا طبنا ولا غدا الشر»، فهل يُعقل ان الكويت لا تستطيع أن تنتشل الوضع الصحي من حال التدهور الذي تعيشه؟

ليس على مستوى وزارة الصحة، بل جميع الوزارات. ولكن نذكر وزارة الصحة على سبيل المثال لعلمنا بأن الوضع سببه سوء الإدارة والشللية التي تتقلب فيها الحقائق وفق المصالح بسلوكيات يغلفها نظام بات يحمي نفسه بنفسه، ونرى في المقابل عقولاً نيرة في الحقل الطبي لم نحسن استغلالها، بل تم «تطفيشها» والجميع يتذكر حكاية هجرة الأطباء الكويتيين... فأين حملة الدرجات العلمية المرموقة من موضع الاحترام؟

أما على الصعيد الاجتماعي فنجد الفرقة قد حطت ركابها وأضحى من هم يقتاتون على الفتات في نهج غريب... يتهمون ويشككون بوطنية البعض بغية تفتيت اللحمة الوطنية لكسب مصلحة ما... هذا يضرب ذاك وذاك يطعن في الآخر وبالتالي يصبح جموع المراقبين بين مؤيد ومعارض: فأي وطنية يتحدثون عنها؟

وأذكر هنا أنني، وعلى هامش إحدى مقابلات بحث الدكتوراه، سألت مسؤولاً كبيراً عن رأيه في وضع الكفاءات المحترفين بعملهم وممن يصدق القول «لا واسطة» تدعمهم، فكان الرد: «لا مكان لهم باختصار، فالمصالح هي العامل المحرك ولا يوجد نظام يدعمهم ما لم يتسلحوا بالواسطة... إنه النظام المفقود والمثالية الغائبة»!

التاريخ يسجل محصلتنا وما تزرعه أيدينا يحصده أبناؤنا... فأي حصاد ينتظر جيل الغد في ظل الخصومة الدائرة والتغيرات التي شكلت منظومة إدارية تفتقر إلى أبسط قواعد العيش الكريم؟

هذه رسالة نوجهها للعقلاء محبي النصيحة في عصر تسير عقارب الساعة فيه بشكل سريع جداً، فالوحدة الوطنية موجودة. ولكن من يقتات على تفتيتها لمصالح ضيقة هم السبب وراء هذه «الشخبطة» التي تعاني منها أجهزة الدولة والمسؤولون بمن فيهم أعضاء مجلس الأمة والاجتهادات المصيبة المحقة تعمل بروح انفرادية بعيداً عن دعم الجماعة!

لقد طالبنا بنهج المكاشفة في مقال سابق ومازلنا ننادي بها لعل وعسى أن توكل الأمور للعقلاء، كي يقولوا كلمتهم وتنتهي الأزمة التي طالت مختلف مجريات الحياة بما فيها الرياضة... والله المستعان!





تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي