تحرّك رقابي لتحديد سياسة كل مصرف لترتيب إدارة الأموال وفقاً لسُلّم الاستحقاقات وتوقعاتهم لاتجاهات الفائدة

«المركزي» يفتح نقاشاً مع مديري الخزينة عن حركة السيولة في البنوك... وإدارتهم للمخاطر

تصغير
تكبير

- الناظم الرقابي سأل كل بنك عما إذا كان سائلاً بشكل جيد أم لا وخياراتهم لذلك؟
- إعداد تقييم شامل لإدارات الخزينة يساعد في بناء تصوّر رقابي أكثر انضباطاً
- محافظو البنوك المركزية يُعيدون النظر في التوقعات الاقتصادية بعد إخفاقات 2023
- استشراف مستقبل الصناعة المصرفية لمواجهة تحديات قطاعات الأفراد والشركات والخزينة

من الأفراد مروراً بالشركات في البنوك المحلية، قرّر بنك الكويت المركزي استكمال استشراف المستقبل مع صانعي السياسة الائتمانية، بتوجيه استبيان إلى مسؤولي إدارة الخزينة يستهدف من خلاله تحديد سياستهم بصفة عامة، ومن ثم الاطمئنان لسلامة إدارتهم للسيولة، وفقاً لسلم الاستحقاقات المقرّرة رقابياً وتجميع ترجيحاتهم لاتجاهات الفائدة.

وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أنه وضمن تحركات أوسع يقودها لاستشراف مستقبل الصناعة المصرفية في مواجهة التعقيدات غير المسبوقة التي يواجهها الاقتصاد العالمي والمحلي والمتغيرات الاجتماعية والتقنية، طلب «المركزي» من مسؤولي الخزينة في البنوك الإجابة عن جملة استفسارات تتعلق بنطاق أعمالهم، حدّدها في استبيان مليء بالأسئلة الفنية التي يمكن من خلال الإجابة عليها تحديد كفاءة السيولة المصرفية في كل بنك على حدة.

وشهد العام الماضي، وتحديداً في الأشهر التسعة الأولى من 2023، منافسة حامية بين بنوك محلية عدة على استقطاب السيولة ولو بفائدة مرتفعة عن المتداولة بالسوق، لكن هذه المنافسة هدأت الأشهر الماضية، خصوصاً مع تنامي التوقعات المتفائلة لسيناريو خفض مجلس الاحتياطي الأميركي «الفيدرالي» الفائدة في الربع الأول من 2024.

مستويات مختلفة

ولفتت المصادر إلى أن «المركزي» سأل مديري الخزينة عن سياستهم في ترتيب استحقاقات السيولة ومخاطرهم، وكيفية توفيرهم الأموال المطلوبة بمستوياتها المختلفة سواء لأجل الليلة والأسبوع والشهر والسنة، وبالتالي إمكانية تحديد مصادر الأموال الأكثر استخداماً مصرفياً، علاوة على ما إذا كانت السيولة المتوافرة بمعدلات مناسبة أم تتعرض لنقص بين الفينة والأخرى مع تحديد أسباب ذلك.

كما تشي روحية الاستبيان بسؤال كل بنك عما إذا كان سائلاً بشكل جيد أم لا؟ وخياراته لتحديد واتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع مستويات السيولة، ما فسّره بعض المصرفيين بأن هذا التحرك يندرج ضمن مساعى رقابية أوسع لإعداد تقييم شامل للمركز الحقيقي لإدارات الخزينة في البنوك، وتحديد حجم شهيتها المبنية على الحاجة الحقيقية لاستقطاب الودائع الفترة المقبلة، لا سيما مع توقعات خفض الفائدة. وأوضحت المصادر أن توافرهذه المعطيات للناظم الرقابي تساعده في بناء تصور أكثر انضباطاً للسيولة واتجاهات الودائع وفوائدها، بأفق أكثر دقة كونها مبنية على الأرقام المصرفية الداخلية والخطط المتبعة في إدارات البنوك المختلفة.

تحرّك مشابه

وسبق التحرّك رقابي نحو إدارات الخزينة تحرّك مشابه إلى إدارة الشركات، حيث سأل «المركزي» مسؤولي القطاع عن توقعاتهم في تحديد اتجاهات الاقتصاد الكويتي ونشاط القروض من نافذة الشركات الصغيرة مع إبداء توقعاتهم لأداء هذا القطاع على المدى القصير، وتحديداً على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة، بمجالات تمويلية مختلفة، مع تحديد توقعاتهم بين 5 آراء، وهي «قلق بشدة» و«قلق» و«طبيعي» «وإيجابي» و«متفائل».

كما سأل «المركزي» أيضاً مسؤولي الأفراد عن سياستهم لإقراض «أصحاب الأنصبة» في المعاشات وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث طلب تزويده بممارساتهم، مع تحديد سياسة كل منهم في تحديد حجم التسهيلات الممنوحة، والشروط المطلوبة لتمويل هذه الشريحة من العملاء.

وذكرت المصادر أن توجه البنك المركزي على خُطى محافظي البنوك المركزية عبر العالم الذين يعيدون النظر في نهجهم في التعامل مع التوقعات الاقتصادية بعد الإخفاق اللافت في استطلاعات الرأي بخصوص وضع الاقتصاد في 2023 والعام الحالي، علماً أن رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أبدت أخيراً قناعتها بعدم العودة إلى «الوضع الطبيعي» للاقتصاد في العام الحالي.

تحليل مكثّف

ولفتت المصادر إلى أن انخراط البنك المركزي بالآونة الأخيرة في عمليات تحليل مكثفة لإدارات البنوك المختلفة يساعد في تكوين صورة مصرفية عامة تشمل جميع قطاعات البنوك، ومن ثم إعداد وجهة نظر رقابية واضحة يمكن وفقها بناء قرارات تستقيم مع متطلبات المرحلة المقبلة، لاسيما في ظل الضغوط المختلفة التي لا تزال تواجه الأسواق عالمياً وإقليمياً ومحلياً، خصوصاً مع عدم الاستجابة عالمياً في 2023 لتبني البنوك المركزية أسرع وتيرة لرفع الفائدة وبمعدلات كبيرة لأكثر من مرة في كبح جماح التضخم بالأسواق كما كان متوقّعاً.

وقالت المصادر إن مراجعة سيناريوهات البنوك لإدارة أعمالها من خلال إداراتها المختلفة وتحليلها جيداً وذاتياً، أي بعيداً عن توقعات المؤسسات الخارجية للقطاع، يشكل أداة رقابية مفيدة لمواجهة الصدمات المصرفية والمالية غير المسبوقة، ويقلل الافتراضات النظرية الخاطئة، ومن ثم القدرة أكثر على الحذر والتحوط مبكراً.

وأشارت إلى أن البنك المركزي ماض في تطبيق سياسته الاحترازية التي تعتمد على تقييم المخاطر والفرص المناسبة بمعايير تناسب المرحلة وتحوّلاتها.

مسؤولون في «الفيدرالي»: بالبيانات... خفض الفائدة لم يحن بعد

أكد مسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أن البيانات التي ستصدر في الفترة المقبلة هي التي ستوجّه قرارهم بشأن موعد خفض أسعار الفائدة، موضحين أنهم لم يروا أدلة كافية حتى الآن لبدء التيسير النقدي، وأن البيانات لا تُظهر أن الوقت حان لخفض الفائدة.

وقالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي: «إن من السابق لأوانه الاعتقاد بأن تكون تعديلات السياسة النقدية ضرورية قاب قوسين أو أدنى حتى لا يتعرض الاقتصاد للضغط».

بدوره، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رفائيل بوستيك إلى أنه لا يزال يتوقع عدم الإقدام على التخفيض الأول لسعر الفائدة قبل الربع الثالث. أما رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي فيرى أنه في حال هدأت ضغوط التضخم بشكل أسرع من المتوقع، يمكن حينها لواضعي السياسات خفض تكاليف الاقتراض لضمان عدم استمرار أسعار الفائدة الحقيقية -المعدلة حسب التضخم- في الارتفاع.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي