No Script

مشاهدات

سوء استخدام الحرية

تصغير
تكبير

بدايةً نطرح السؤال الآتي: هل الحرية مطلقة؟

في السابق كانت مقالات الصحف اليومية تخضع للمراجعة من قِبل لجنة خاصة ليتم التأكد من عدم التعرض البشع للآخرين، سواءً بالكلمات البذيئة أو باتهامات باطلة وبعد ذلك تنشر بالصحف.

البث المرئي تتم مراجعة اللقاءات المسجلة ومن ثم يتم بث البرنامج، فمن مهام تلك اللجان تحديد ما هو صالح للنشر والبث حفاظاً على كرامة الناس.

الأفلام السينمائية تعرض على اللجنة المختصة ويتم إلغاء المشاهد المخلة بالذوق العام قبل العرض في دور السينما.

للأسف بعد إصدار التقنيات الحديثة فى وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تلك الأمور طاغية وخارجة عن الرقابة ولا تخضع للمراجعة، فنجد مَن ينتهج التعدي على الآخرين بشكل بشع وينشر الفساد الأخلاقي، وينشر الأكاذيب والإشاعات والإساءة للناس، ويفتح باباً للفتنة والإثارة والإيقاع بين أفراد المجتمع الواحد، متناسياً بأن هؤلاء أناس لديهم أُسر كريمة، وأنهم من خلال هذا النهج الذي يتبعونه يخالفون تعاليم ديننا الحنيف.

الحرية ليست مطلقة:

بالطبع الإنسان خُلق حراً، ولكن الحرية لها قواعد وأصول وضوابط، فالإنسان يمتلك العقل الذي يجعله يميز بين الصحيح والخطأ، وكذلك لديه الضمير الذي يجعله يميز بين الخير والشر، كي لا ينحرف ويخطئ بحق الآخرين، فله أن يستخدم حريته، بحيث ألا يعتدي على حريات الآخرين وحقوقهم، فلا تستخدم الحرية في إهانة الغير، ولا في السب والقذف ضد الآخرين.

الحرية تكون في حدود الالتزام بالنظام العام، والالتزام بالآداب العامة، وبقوانين الوطن.

التشكيل الوزاري

بعد تكليف سمو الشيخ الدكتور محمد الصباح، برئاسة مجلس الوزراء وقبل وبعد أن شكّل أعضاء المجلس التنفيذي (الوزراء) تعالت الأصوات وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعرض لشخوص المكلفين من أبناء الكويت!

على سبيل المثال:

هناك من أعضاء المجلس التشريعي مَن يهدّد الحكومة من خلال التغريدات إن تم توزير الشخص الفلاني!

بث تسجيلات مرئية وصوتية تتعرّض لشخوص المكلفين!

أو يقول: لماذا الشخص الفلاني قَبِل الوزارة وهو في تسجيلات سابقة كان يرفضها!

نتساءل هل الحصانة النيابية تعطي الحق للتعدي على الآخرين بالكلمات الجارحة والتخوين وبالوقت نفسه تعطي الحماية من المساءلة؟

الطّامة الكبرى أن أعضاء المجلس التنفيذي لم يباشروا مهامهم حتى الآن ومع هذا يتم التعرض لهم بشكل بشع، وهناك من يقوم بتتبع تغريدات سابقة لهم واستخدامها كأداة للحكم على كفاءتهم!

فاختلاف الرأي ظاهرة صحية ومحمودة، شرط ألا تكون تجريحاً للآخر أو تخويناً له، فالهدف حب ومصلحة الوطن، والتعبير عن الرأي مكفول إنما التجريح مرفوض.

ونحن ولله الحمد في دولة المؤسسات، نتمتع بالديموقراطية، ونستنشق هواء الحرية، وليس هناك من هو فوق النقد البناء ان كان الهدف منه تصويب الخطأ وإظهاره بالحقائق التي تثبت ذلك.

ولذلك، من الضرورة وضع ضوابط وتشريعات لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وألا تترك هكذا فوضى، لتكون وسيلة نافعة تحقق المصلحة العامة، وتكون وسيلة إصلاح سلبيات موجودة، ولا تكون منبراً للشر والفساد ومعولاً للهدم، ويجب محاسبة كل من يتعدى على كرامات الناس.

المبدأ العام الفصل بين السلطات لتطبيق الديموقراطية الصحيحة على أكمل وجه، وللأسف فإن التدخل السافر من البعض في المجلس التشريعي نتج عنه التأزم بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية نتيجة كثرة الاستجوابات غير المستحقة والتدخل السافر فى تعيينات السلطة التنفيذية.

ثم أليس كما يقال إرضاء الناس غاية لا تدرك، وأيضاً احمل أخاك على سبعين محملاً، ويجب علينا التفاؤل والبناء وليس الهدم والتخوين، فلماذا نقدم الإساءة قبل الاحسان؟

فالكويت مؤمولة بمستقبل جديد رغم التحديات الإقليمية المحيطة بنا.

ختاماً:

رسالة إلى الوزراء المكلفين بألا يستمعوا للأصوات النشاز، بل المطلوب العمل الجاد، فالأمانة عظيمة والمسؤولية ثقيلة والهدف مصلحة الوطن والمواطنين.

رسالة إلى المجلس التشريعي، أن هذه فرصة لمد يد التعاون مع السلطة التنفيذية فكما يقال: (ربع تعاونوا ما ذلّوا) .

فما أجمل وما أروع ان يتكاتف الجميع في بناء هذا الوطن الذي هو بحاجة لنا جميعاً، ونأمل أن يكون هذا التشكيل بداية لطموحات مقبلة تجعل الكويت عروس الخليج.

وطني لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنه * * * نازعتني إليه في الخُلدِ نَفسي

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله ربّ العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي