No Script

مجرد رأي

هوية رئيس الوزراء...

تصغير
تكبير

بدا رئيس الوزراء سمو الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، أكثر تحديداً للتحديات التي تواجه الكويت منذ فترة طويلة، حيث أكد في كلمته الأولى بعد أداء القسم الدستوري على أهمية ترسيخ الهوية الاقتصادية الجديدة وإعادة هيكلة الأجهزة الحكومية ومعالجة منظومة التعليم والخدمات الصحية.

ورغم أن ما سبق ذكره مجرد عناوين إلا أنها تعكس دراية واضحة ومسؤولة بالأمراض الاقتصادية والإدارية التي تغطي جسم الكويت منذ فترة طويلة للدرجة وتعوق نموها، وتمنع تقدمها بمحاذاة الأسواق المجاورة التي تخلت في الفترة الأخيرة عن سياسة الركض في تنافسها على التنمية المستدامة إلى مرحلة الوثب.

وكخطوة متوقعة من حكومة سمو الشيخ محمد، يفترض التركيز الجراحي على تحقيق التعافي الاقتصادي والاجتماعي بالتركيز على الملفات المزمنة التي تأخر علاجها للافتقاد إلى الرؤية والقرار وإلى التفاهم البنّاء مع مجلس الأمة، يمكنان من تفتيت جميع المعطلات التي تواجه تفعيل مرحلة العلاج المستحق منذ سنوات طويلة، بسبب ضعف السياسات الاقتصادية الكلية والقطاعية والصناعية والاستثمارية في السنوات الماضية مع الأخذ بالاعتبار قوة الرياح الخارجية المعاكسة في هذا الخصوص ومن ضمنها الحرب على غزة وتداعياتها على المنطقة والعالم، والحرب على التضخم وتأثير ذلك على مستهدفات التنمية، علاوة على أهمية النفضة البشرية المستحقة لقيادي جميع مؤسسات الدولة سواء بالتسكين أوبالإحالة للتقاعد.

وتأكيداً لكلمة سمو الشيخ محمد، فإن المرحلة الحالية في الكويت «تتطلب المزيد من العمل الجاد والإنجاز الحقيقي من أجل تحقيق تطلعات وأماني المواطنين الحقيقية، ولذلك لا أحد ينكر على رئيس الوزراء أنه يتحمّل وحكومته التي اختارها أمانة عظيمة ومسؤولية ثقيلة في مرحلة جديدة من تاريخ الكويت تموج بالتحديات والتطلعات، وتتطلب عملاً جاداً وإنجازاً بنكهة مختلفة وبعيدة عن ثقافة الوعود والشو الإعلامي إلى مرحلة الواقع وانعكاساته الإيجابية على جميع فئات المجتمع.

وربما لأ اكون أذيع سراً أنني لست من مؤيدي سياسة استباق الأحداث، لكن من الذين يتشبثون بالتحليلات والقراءات العميقة للأحداث بما يعكس وجهة نظر سليمة يُمكن البناء عليها.

ولذلك نتمنى لوزراء الحكومة الجديدة أن يعملوا بكل عزم وجهد لأداء مسؤولياتهم الوطنية ومواجهة التحديات والمعوقات وتجاوزها برؤية عملية تراعي جميع أبعاد أزمة الكويت ويُمكن من خلالها تحقيق تطلعات المواطنين لكويت جديدة مليئة بالنشاط الاقتصادي والحراك السياسي البنّاء وليس المعطل، والنظرة الجماعية إلى أهمية التقدم على صعيد جميع المؤشرات وليس التندر على حالنا من كثرة صعابه.

وبالطبع، المرحلة الحالية تتطلب مسؤولين قادرين على اتخاذ القرار الذي يخدم البلاد من دون تردد، والتخلي عن القياديين زائغي الأعين يميناً ويساراً والذين يفتقدون لتمييز مسارات التنمية أو الذين لا يقدرون على الانخراط في هذه الدروب برؤى جلية تصب جميعها في تدعيم رؤية «كويت جديدة».

التذكير مجدداً بأبرز الملفات التي يتعيّن على جميع الوزراء التقاطع عليها قد يكون مفيداً هنا،لاسيما وأن المرحلة الحالية تتطلب من الجميع المشاركة في دفع الكويت للأمام، وأثناء ذلك يبرز الملف الاقتصادي كأولوية مستحقة باعتباره القاطرة الحقيقية التي تقود جميع القطاعات الأخرى للنمو، بما يضمن استمرار رفاهية المواطن.

وتفصيلياً، يتعيّن الإشارة إلى ضرورة رفع القيد على الإنفاق الاستثماري، بطرح مشاريع تنموية واعدة، ومعالجة الاختلالات الهيكلية في الميزانية العامة، بتنويع مصادر جديدة للدخل وتقليل الاعتماد على النفط باعتباره مصدراً شبه وحيد للدخل العام، وذلك من خلال إقرار هوية اقتصادية استثنائية للكويت على غرار هوية نشأتها، والتي لا نزال نعيش في رحابها حتى الآن.

ترسيخ هذه الهوية يحتاج إلى مشاركة فاعلة من القطاع الخاص وزيادة الاعتماد على مؤسساته خصوصاً القادرة على العطاء التنموي، ومن خلال هذه النوافذ نستطيع النمو صحياً وعلمياً، وفي مختلف المؤشرات، ما دمنا بدأنا المسار فلن نضيّع الدرب، المهم أن يوضع القطار على السكة.

الخلاصة:

هناك متغيرات عدة أثرت على الكويت في الفترة الماضية، والحاجة الملحة حالياً إلى متغيرات علاجية تنقل البلاد من موقعها الثابت وربما المتراجع على غالبية المؤشرات إلى أخرى متقدمة.

ويتطلب ذلك بذل مزيد من الجهد وتعاون نيابي حكومي وكذلك من المواطنين وبالقدر الذي يقود البلاد إلى عبور المرحلة الحالية إلى أخرى مفعمة بالنشاط والحياة المزدهرة على الأصعدة كافة، وما يزيد من أهمية ذلك أن تسجيل أي نقاط ضعف جديدة سيؤدي إلى الإخلال بقواعد العدالة الاجتماعية ما يقود إلى مخاوف تزايد الفوارق الاجتماعية وضعف الإنتاجية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي