No Script

قيم ومبادئ

العصر الحجري بلا ماء؟

تصغير
تكبير

الكاهن والمنجم والرمّال والعرّاف وقارئة الفنجان والكف ممن يدّعي معرفة الأمور الغيبية بمقدمات ليستدل بها على المسروق ومكان الضالة ويزعم معرفة ما في الضمير ويتكلّم عن مستقبل الإنسان بالأمور كافة، ويأخذ هذه الطرق الشيطانية إما عن طريق الخط أو النظر في النجوم أو الحَدَسْ أو الخرصْ وكل هذه خرافات جاء الإسلام بإبطالها وتحريمها وكلُّ مُدّعٍ بعلم الغيب كاذب ومن صدقهم في علم الغيب كفر لأن علم الغيب إلى الله تعالى وحده، «وعنده مفاتحُ الغيبِ لا يعلمها إلّا هو».

كان علم النجوم في الأمم السابقة يُسمى بالعلم السماوي لأن الاقدمين كانوا يعبدون الكواكب ويخصّون كل نجم بالربوبية على جزء من أجزاء الطبيعة، فظهر علم (التنجيم) وما تنطوي عليه من أرصاد السعد والنحس وتدبير أسباب الوقاية التي يزعم المنجمون بطلاسمهم وأباطيلهم أنها تنفع؟

ولقد مضى ذلك الزمان المظلم وأشرقت الأرضُ بنور ربها بعقيدة التوحيد، وتقدم العرب المتمدنون على الأمم فتركوا عبادة النجوم المشهورة عند الصابئة وعرفوا الحقائق من علوم الملاحة والزراعة والجيولوجيا... فأصبح علم الفلك مستقلاً عن علم اللاهوت، «يسألونك عن الأهلّةِ قُل هي مواقيتُ للنّاس والحَج»، وانقطعت الصلة تماماً بين هذا العلم الواسع وتلك الخزعبلات التي كانت تسمى بعلم التنجيم. ولكن العجيب اليوم أن نجد المصدقين بالتنجيم يزيدون كلما تقدمت العلوم واتسعت المخترعات! وأن الأمم الأوروبية والأميركية تتزاحم على مكاتب السحرة والمنجمين يسألونهم عن أخطر الشؤون!

خصوصاً طبقة الفنانين والسياسيين وتحديداً في إيطاليا وألمانيا وفرنسا واليابان وروسيا يزورون مكاتب المشعوذين تحت جنح الظلام ليسألوهم عن طوالع الأحزاب والحكومات والحرب العالمية الثالثة وتقلبات أسواق المال؟ وهل سينجح هذا الفيلم أو الأغنية؟

ومن الطرائف المنقولة عن عالم برازيلي مشعوذ أنه ضجر من إلحاح بعض القادة السياسيين عليه ليرسم له خريطة سماوية ومقرونة بالطوالع لمعرفة المستقبل! فتخلّص منه بإحالته إلى سكرتيره ليريحه من إلحاحه، فاخترع له السكرتير خريطة من عنده نقلها من سلّة المهملات المهجورة ولا تزال هذه الخريطة المخترعة تباع بالملايين وتستشار في مهام الأمور!

ولعل هذا ما يُفسر لنا تخبط الدول الكبرى في سياستها اليوم. قال تعالى «وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رَهَقا»، إن الأساس الذي يقوم عليه التنجيم قد تهدم ولم يبق للمطلع على أبسط بسائط الفلك ذرة من الشك في بطلانه، ومع هذا نجد شوق البشرية لمعرفة المجهول لم ينقطع ومن النافع لها أن تكف عن طلبه لأن الله تعالى أخفاه عنا لحكمة، ومن النافع لنا أن نميز بين طريق الهداية وطريق الضلال، وأن نطلب الحق حيث يُطلب منا ونبذل الأسباب المشروعة ولا نعجز وإن طالت بنا شُقة الطريق فلن يُضيرنا شيء إذا استقمنا على الصراط المستقيم ولو طال لأنه موصل إلى دار السلام. فالماء موجود قبل وبعد النفط فلا تخافوا «وفي السّماءِ رزقُكم وما تُوعدون».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي