اقرأ ما يلي...

لن أصبح وزيراً

تصغير
تكبير

إنّ أكثر تفاعلات كانت تثير اهتمامنا في الطفولة هي التفاعلات الكيميائية في مختبر العلوم، فقد كنا نضع صودا الخبز داخل بالونة ونعلقها في فتحة زجاجة تحوي خل التفاح، لينتج عنها انتفاخ البالون، استمتعنا بهذه التجربة الجميلة وما زالت تعيش في أذهاننا شاكرين معلمي الكيمياء على الترفيه الذي قدموه لنا، دون أن نتعرف على التفاعلات الخطرة الأخرى التي لا يتحملها عقلنا الطفولي البسيط.

كالتفاعلات الكيميائية نعيش في هذا العالم، بعقليات مفكرة تساهم في احداث هذه التفاعلات التي غالباً تنتج غازات مسببة لألم في عقل الإنسان أو حروب تكنولوجية واقتصادية وحتى الحروب التي يستخدم فيها البشر القنابل والأسلحة المدمرة، نتعطش للتفاعلات في كل يوم ولا نستطيع العيش بهدوء دون إزعاج وإثارة للجدل، ساهمت التكنولوجيا بشكل كبير جداً كي تجعلنا كالعناصر القابلة للتفاعل والاشتعال وقد تؤدي إلى الانفجار في أي لحظة.

اليوم، لا نستطيع الاستيقاظ من النوم دون أن نسمع أخباراً مثيرة للجدل، تخص عادة عالم السياسة المليء بالمفاجآت والآراء المتعددة، ونشر الإشاعات، أغربها في كل تشكيل وزاري لابد من إثارة البلبلة في الساحة واللعب على وتر الوطنية، أحسب أحياناً أن من يهاجم وحده هو المواطن المخلص المضحي بنفسه لأجل الوطن مشككاً بوطنية الآخرين من الهمز واللمز والتدخل في الحياة الشخصية للمرشحين أو القابلين للترشح.

أعطت تلك التصرفات انطباعاً سيئاً لكل شخص يحلم بأن يكون وزيراً ناجحاً، أن يرفض ذلك لو عُرضت عليه، بل ان ساحة التواصل الاجتماعي أساءت بصورة مباشرة وغير مباشرة للعديد من الأسماء التي اختفت بعد سنوات من المحاولات المجتمعية والسياسية، وأعطت صورة لأي شخص بأنه تحت التهديد لو فكر بأن يصبح يوماً ما وزيراً.

هذا المنصب تكليفاً مجهد جداً لا مشرفاً، فالوزير يتحمّل أخطاء من يسبقه ويجب عليه في مدة زمنية قصيرة جداً أن يحل كل مشاكل الوزارة بخفاياها وموظفيها والشركات المتعاقدة معها، ومعاملات المواطنين وغيرها، فإن أصغر خطأ يقوم به موظف عاقل بالغ يتحمّله الوزير وربما يستبعد من منصبه بأقل من أسبوع لو استمر الضغط عليه.

لو فكر أحدهم بتأليف كتاب عنوانه (كنت يوماً وزيراً) لما استطاع إكمال مقدمة الكتاب من خيبات الأمل.

إننا نجتمع كلنا على تحمل مسؤولية عدم إعطاء المواطنين فرصاً ليكونوا أصحاب مناصب في المستقبل، ولن نرضى بالتغيير للأفضل ما دمنا نبحث في صفحات الناس دون شعور بأن كل واحد منا يعيش كما يعيش هؤلاء الذين نحاربهم، نعتقد بأننا مصلحون كالماء العذب والهواء تركناه غارقاً بالصدأ.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي