حدة المخاطر تتوقف على مدى تصاعد أزمة سلسلة توريد السلع الرئيسية المتوترة عالمياً

اختناق البحر الأحمر... مخاوف من نقص إمدادات الكويت وتضخّم الأسعار أكثر

تصغير
تكبير

- وقف تصدير المواشي الحية حتى إشعار آخر
- مخزون الدولة الإستراتيجي لبعض السلع يصل سنة والمتوسط 6 أشهر
- مخزون الشركات يغطي بين 3 إلى 6 أشهر
- زيادة التكلفة سيتحملها مساهمو الشركات المدرجة موقتاً ولو زادت ستُجزَّأ مع المستهلك
- الكويت استوردت في ديسمبر 9 آلاف طن بصل واستهلاكها 3 آلاف
- 95 ألف رأس ماشية دخلت الكويت في ديسمبر الماضي تزيد على الاستهلاك بـ 20 في المئة
- استغلال التطوّرات برفع مصطنع للأسعار وارد و«التجارة» تزيد حملاتها التفتيشية
- عمر القاضي: قيمة السيارات لن ترتفع محلياً ولو أُغلق الخليج وارتفعت أسعار الشحن لمعدلات أكبر
- أسامة بودي: أسعار «المواشي» لن تتغير الفترة المقبلة واستيرادنا من أستراليا للخليج
- فهد الكشتي: الجمعيات التعاونية ملتزمة بقرار بتثبيت أسعار جميع السلع

بينما تتصاعد حدة التوترات العسكرية في البحر الأحمر مع تنامي مهاجمة أميركا وبريطانيا لمواقع الحوثيين، وتوعّد الجماعة بمواصلة الرد، وتجاوز الحرب الشاملة على غزة 100 يوم، تزداد في المقابل سخونة النقاش عالمياً بين الشركات المورّدة والأسواق المستوردة، حول اتجاهات أسعار السلع الرئيسية الفترة المقبلة، وانعكاسات الصراعات الحاصلة في المنطقة على تدفقات سلاسل الإمدادات والأنظمة اللوجيستية وأسعار التأمين عليها.

ولعل ما يغذي التوقعات المتشائمة في هذا الخصوص تصريحات رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع والذي أشار خلالها إلى أن حركة عبور السفن من القناة تراجعت 30 في المئة خلال الفترة من الأول من يناير الجاري إلى 11 من الشهر نفسه على أساس سنوي، وأن عدد السفن العابرة انخفض إلى 544 سفينة، مقابل 777 سفينة في الفترة نفسها من 2023.

وفي ضوء التوترات الأمنية المتصاعدة التي تخنق حركة ملاحة البحر الأحمر، وترفع علاوة المخاطر والنقل، يكون السؤال مشروعاً، هل ستواجه الكويت الفترة المقبلة ارتفاعاً بأسعار السلع الغذائية والاستهلاكية؟ وهل إمداداتها من هذه السلع الرئيسية عرضة للانكماش؟

ضغط الملاحة

تزداد وجاهة هذا السؤال أكثر بحكم أن الكويت تستورد أكثر من 90 في المئة من احتياجاتها الاستهلاكية، ما يجعلها تحت ضغط مخاطر تأثر الملاحة بحركة أهم المعابر البحرية التجارية في العالم، لتعود إلى الأذهان مجدداً الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا على الأسواق، لما ترتب على الوضع الحالي من ارتفاع بأسعار الشحن وصل 80 في المئة الأسبوع الماضي، بعد زيادة بـ50 في المئة تقريباً الأسبوع السابق، ما يضاعف مخاوف تعرّض الكويت لنقص إمدادات وارتفاع أسعار السلع الرئيسية.

وتوسّعت أخيراً رقعة عمالقة الشحن الذين علّقوا رحلاتهم عبر البحر الأحمر، ومن بينهم «سي أم أيه سي جي أم» الفرنسية، وشركة البحر الأبيض المتوسط للشحن «MSC» الإيطالية السويسرية، فيما قررت أمس شركة قطر للطاقة، إحدى أكبر مُصدري الغاز الطبيعي المسال بالعالم، التوقف عن إرسال ناقلات عبر البحر الأحمر، كما علّقت شركتا «تسلا» و«فولفو» بعض الإنتاج في أوروبا بسبب نقص المكوّنات، في أول علامة واضحة على أن الهجمات على الشحن في البحر الأحمر تضرب الشركات.

ويمكن أن يؤدي تغيير مسار الملاحة لإضافة ما يصل أسبوعين من وقت بدء الرحلة، حيث إن البديل هو السفر إلى جنوب أفريقيا وحولها عبر رأس الرجاء الصالح.

ومن حيث المبدأ، قرر وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب محمد العيبان حظر تصدير أو إعادة تصدير المواشي الحية المستوردة والمحلية، كخطوة رقابية تستشرف المستقبل القريب لتدفقات سلاسل التوريدات الذي بات مضطرباً عالمياً.

وقالت مصادر لـ«الراي» إن قرار العيبان شمل إجراءت وقائية أخرى تتضمن حظر ذبح إناث المواشي الحية، واشتراط الحصول على شهادة من الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية للاستثناء من هذه المادة تفيد بإصابة الإناث بعقم أو غير صلاحيتها للتربية، والإناث غير المنتجة، والمصابة بالكسور أو أورام، والمسنّة التي يبلغ عمرها 5 سنوات في الضأن والماعز، و8 سنوات في الأبقار، و15 سنة في الإبل.كما سمح قرار العيبان للأفراد والشركات بتصدير الأغنام الحية (الصنف) بحد أقصى 5 رؤوس في السنة، فيما استثنى المواشي الحية المشاركة في المهرجانات أو المسابقات خارج الدولة والصادر لها شهادة منشأ، على أن يرفق المصدر شهادة نفوق من الدولة المشارك فيها في حال إعادتها ناقصة.

ومن المرتقب أن يزيد مفتشو الوزارة حملاتهم التفتشية على الأسواق هذه الفترة للاطمئنان من توافر جميع السلع وبأسعارها الطبيعية، أخذاً بالاعتبار أن العيبان كان قد قرر قبل ذلك وقف تصدير البيض 9 أشهر من كل سنة تنتهي بنهاية فبراير المقبل.

مركز قوة

من ناحيته، استبعد الرئيس التنفيذي في شركة نقل وتجارة المواشي أسامة بودي في تصريح لـ«الراي» حدوث أي تغيرات تذكر بأسعار المواشي في السوق المحلي الفترة القريبة المقبلة، خصوصاً الأسترالية، مبيناً أن الشركة تستورد أغنامها من أستراليا إلى الخليج مباشرة ما يجعلها بعيدة عن التأثر بحدة تداعيات البحر الأحمر.

وكشف بودي أن «المواشي» تستحوذ على 100 في المئة من استهلاك الكويت من الأغنام الأسترالية التي تشكل نحو 35 في المئة من استهلاك السوق الذي يصل سنوياً مليون رأس غنم، ما يجعل الشركة في مركز قوي لتدعيم السوق بأي نقص قد يطرأ.

سلع رئيسية

من جهتها، قالت مصادر مسؤولة في قطاع الأغذية إن صدى اضطرابات البحر الأحمر سيصل الكويت بالتأكيد، لكن بتأثير محدود على الأسعار وبمعدلات زيادة يمكن هضمها، مشيرة إلى أن مخزون الشركات المحلية خصوصاً الكبرى من السلع الغذائية الرئيسية يتراوح بين 3 إلى 6 أشهر.

وأوضحت أن مخاطر ما يحدث في البحر الأحمر لوجيستية، ما يجعلها أقل حدة من تداعيات اتساع حرائق المحاصيل الزراعية ووقف بعض البلدان الكبرى تصدير بعض سلعها.

وتوقعت المصادر ارتفاع تكلفة النقل الفترة المقبلة، فيما رأت مصادر أخرى بالقطاع أن ارتفاع تكلفة الشحن سينعكس سلباً على مساهمي الشركات، خصوصاً المدرجة، وعلى المستهلك الذي قد يكون عرضة لتحمل جزء من التكلفة الإضافية إذا زاد نطاقها عن المقبول محاسبياً.

وتواترت الفترة الأخيرة توقعات تفيد بأن تداعيات توترات البحر الأحمر قد ترفع أسعار الغذاء والأدوية عالمياً بأكثر من 50 في المئة.

مختلف السلع

ورقابياً، أكدت مصادر مسؤولة في «التجارة» أن مخزون الكويت الإستراتيجي عالٍ من مختلف السلع الرئيسية ويكفي لفترات استهلاك تصل سنة، وتحديداً السلع القابلة للتخزين لآجال طويلة، فيما يتجاوز متوسط مخزون غالبية السلع 6 أشهر.

وكشفت أن الكويت استوردت الشهر الماضي نحو 95 ألف رأس من المواشي الحية، وهي نسبة تفوق احتياجات السوق المحلي بنحو 20 في المئة شهرياً، حيث تقارب احتياجات الكويت من الأغنام مليون رأس، ونحو 12 ألف رأس عجول سنوياً.

ولم تُخف المصادر مخاوفها من ارتفاع أسعار بعض السلع وتحديداً إذا اتسعت رقعة الصراع العسكري وطال أمده، لافتة إلى اعتبار ضغط آخر يحاول مسؤولو «التجارة» مكافحته وهو استغلال بعض التجار للأحداث الجارية برفع مصطنع للأسعار، مستدلة بأزمة البصل، ومشيرة إلى أنه رغم استيراد الكويت نحو 9 آلاف طن الشهر الماضي، مقابل متوسط استهلاك شهري يقارب 3 آلاف، تعرضت لنقص في معروض هذه السلعة بسبب الممارسات السلبية لبعض التجار.

سوق السيارات

من ناحيته، يبدو الرئيس التنفيذي لشركة المطوع والقاضي، عمر القاضي، أكثر تفاؤلاً بمسار سوق السيارات المحلي أقله بالنصف الأول من 2024، حيث قال: «حتى لو أُغلق الخليج العربي وارتفعت أسعار الشحن لمعدلات أكبر من الحالية، لن تتأثر أسعار السيارات محلياً خلال الأشهر الخمسة المقبلة، بحكم ما لدى غالبية الشركات المحلية من مخزون سيارات يكفي لتغطية الطلب 4 أشهر مقبلة، إلى جانب شحنات إضافية قاربت على الوصول تكفي شهراً إضافياً».

ولفت القاضي إلى أن استهلاك السوق المحلي من السيارات الحديثة يتراوح سنوياً بين 90 و110 آلاف سيارة من مختلف الماركات، مشيراً إلى أن نصف هذه الكمية موجود بالفعل محلياً، ما يعني أنه لو توقف التدفق موقتاً فلن تتأثر قيم السيارات أو معروضها، وموضحاً أنه ورغم ارتفاع تكلفة الشحن الفترة الأخيرة والتي زادت معها تكلفة استيراد بعض شحنات السيارات الأخيرة، قررت شركة المطوع والقاضي تحمل هامش زيادة التكلفة الذي لا يزال مقبولاً ولا يحتاج لتجزئة بين الشركة والمستهلك.

استبعاد الزيادات

أما أمين سر اتحاد الجمعيات التعاونية فهد الكشتي فأكد أن الجمعيات التعاونية ملتزمة بقرار وزير التجارة والصناعة الخاص بتثبيت أسعار جميع السلع الرئيسية، مستبعداً أي زيادات تذكر الفترة المقبلة. وكشف الكشتي أن اتحاد الجمعيات التعاونية يتابع عن كثب تطورات الأحداث في البحر الأحمر، وبناء كل السيناريوهات الممكنة المتعلقة بتدفق الإمدادات ومسار الأسعار، مبيناً أن الجمعيات تحتفظ بمخزون إستراتيجي من السلع الغذائية يصل 3 أشهر. ولفت إلى أنه لدى شركات الأغذية الكويتية مصادر مختلفة لاستيراد منتجاتها، وبحدود تعوّض أي تراجع مفاجئ في مخزونها، مستشهداً بتجربة جائحة كورونا والتي حافظت فيها على تدفق السلع رغم انقطاع سلاسل التوريد العالمي، مع تسجيل ارتفاع بالأسعار بمعدلات أقل من العالمية.

أبرز التداعيات السريعة:

1 - نظراً للإبحار في أماكن عالية الخطورة للعبور في البحر الأحمر زادت أجور البحّارة.

2 - بعد تغيير شركات عدة لمسار سفنها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح تأخر وصول الإمدادات بين 10 إلى 14 يوماً، إذا كانت الرحلة كاملة من الشرق إلى الغرب.

3 - زيادة مسافة الإبحار أدت لاستهلاك كميات أكبر من الوقود ما ضاعف التكلفة.

4 - تأخر الإمدادات يؤدي لعدم توافر احتياجات المستهلكين بالكميات المعتادة، ما يشكل ضغوطاً تضخمية جديدة.

13 في المئة من التجارة العالمية سنوياً تمر بالبحر الأحمر

يعتبر البحر الأحمر من أهم الممرات المائية في العالم، حيث يمر عبر هذا الممر 13 في المئة من التجارة العالمية سنوياً ما يساوي نحو 881 مليار دولار باستخدام 23 ألف ناقلة، أي 30 في المئة من حركة الحاويات العالمية ونحو 40 في المئة من التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا.

كما تعتمد الدول الأوروبية على الممر لتمرير 60 في المئة من احتياجاتها للطاقة بينما تعتمد أميركا على الممر لنقل 25 في المئة من احتياجاتها للطاقة.

قفزة بتكلفة التأمين

رفعت شركات التأمين قيمة تكلفة التأمين على الشحن وعلاوة المخاطر، أخيراً مع تزايد التهديدات الأمنية بالبحر الأحمر، بقيمة تتراوح بين 200 إلى 250 في المئة، ما انتقل إلى أسعار الشحن وأدى إلى القفز ارتفاعاً بأسعارها.

وحسب ما نقلته وكالة «بلومبرغ» عن مشاركين في السوق، ارتفعت تكلفة التغطية إلى نحو 0.5 في المئة من قيمة هيكل السفينة، بزيادة حادة مما كانت عليه في وقت سابق من هذا الشهر (بين 0.1 و0.2 في المئة).

وتُحدَّد رسوم التأمين ضد مخاطر الحرب عموماً كنسبة مئوية من قيمة السفينة خلال الفترة التي تعمل فيها السفينة في المناطق الخطرة، حيث ارتفعت هذه الرسوم أكثر من 10 أضعاف عما كانت عليه قبل تصاعد الهجمات بشكل جدي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي