No Script

قيم ومبادئ

خذ وخل من السياسيين!

تصغير
تكبير

لم يحدث في التاريخ الإسلامي الطويل أن يتخذ المسلمون لهم قانوناً غير الشريعة الإسلامية المطهّرة...

ولقد كان بعض المسلمين من ولاة الأمور أو القضاة يتهاونون في تطبيق بعض الأحكام الشرعية، فيحكم بالهوى أو بالرشوة أو بالظلم... فقد وقع مثل هذا في دولة بني أمية ودولة بني العباس وما بعدهما من دويلات الطوائف وانتهاءً بالدولة العثمانية التي حكمت العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، فكان بعض الأمراء والسلاطين يخرج على أحكام الشريعة بدعوى أنه يسوس الأمة!

فأحدثوا من السياسات الجائرة من أخذ الأموال التي لا يجوز أخذها، وأحدثوا عقوبات على جرائم اعتبروها جريمة وهي ليست جريمة، والسبب في ذلك لأنهم ابتعدوا عن الشريعة وتعاليمها وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود المشروعة على الشريف والضعيف والقريب والبعيد لجهة المحاباة والتزلف للمتنفذين طالبين في ذلك رياسة أنفسهم لا إقامة دين الله بالعدل في الرعية... فوضعوا المُكوس المحرّمة والعقوبات الجائرة فحلّلوا الحرام وحرّموا الحلال، إما فعلاً وإما اعتقاداً فأصبح في الناس فريقان فريق يحكم بالشرع وآخر يحكم بالسياسة؟

والسبب في ذلك أنّ الذين انتسبوا للشرع قصروا في معرفة السُّنة ومواقع الإجماع والقياس لأنهم مقلّدون أغلقوا باب الاجتهاد فاستجدت نوازل كثيرة تتطلب الاجتهاد ولكنهم غلّفوا عقولهم بالجمود فإذا حكموا ضيّعوا الحقوق وعطّلوا الحدود حتى سُفكت الدماء وضاعت الأموال واستبيحت الأعراض!

والذين انتسبوا إلى السياسة صاروا يسوسون الأمة بنوع من الرأي والاستحسان العقلي للمصلحة من غير اعتصام بالكتاب والسُّنة... وخيرهم الذي يحكم بلا هوى وتحرٍّ للعدل! والأكثر يحكمون بالهوى ويحابون القوي ويجاملونه من أجل الدنيا حتى اتسع الخرق على الراقع.

فأصبحت السياسة والعمل السياسي شعاراً ولافتة يُحكم من ورائها بحكم الشيطان... حتى بلغ الحال في عهد المماليك أن (الحاجب) وهو الحارس يحكم في كل جليل وحقير بين الناس، وكان يحكم في مسائل الديون وخلافات التجار والدولة لا وفقاً للشرع ولكن وفقاً لمن يدفع؟

ولكن من أين بدأت المشكلة؟

بدأت في مصر سنة 1828، حين أرسلوا وفداً من الطلاب إلى فرنسا لدراسة القانون بفروعه المختلفة ثم عادوا فأصبحوا نواة لرجال القانون الوضعي الذي انتشر رجاله بعد ذلك في العراق ولبنان وسورية، ثم سرى إلى بقية دول العالم الإسلامي، وكان الهدف غير المعلن هو إقصاء الشريعة الإسلامية عن الدساتير؟

حتى عشعش في عقول المسلمين أن الإسلام لا علاقة له بالقانون ولا نهضة للشعوب إلا بتبعيتها لأوروبا!

والذين ذهبوا بهذا المذهب انتهى بهم المطاف إلى إعطاء الأمة (السيادة) بحق نسخ أحكام الشريعة المنصوص عليها وتعديلها؟ والتعقيب على حكم الله؟ كما نص على ذلك الدكتور السنهوري، في رسالته (الخلافة) ومحمود اللبابيدي، في (الدولة والسيادة).

وهنا تساءل الدكتور عثمان خليل عثمان، الذي حضر أسبوع الفقه الإسلامي الأول في باريس سنة 1951، وأسبوعه الثاني في دمشق 1961، والثالث في القاهرة سنة 1967، عن الأهداف التي تقام عليها هذه المؤتمرات وهي إثبات أن الفقه الإسلامي احتوى على جميع الأقوال الواردة في القانون الوضعي فبالتالي لا تعارض مع القوانين الوضعية وأحكام الشريعة؟ بمعنى خذ وخل!

وللحديث بقية...

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي