من الأطلسي

المرحوم جاسم الخرافي والرئيس السعدون ... وجهان للمنافسة الراقية

تصغير
تكبير

قبل ثلاثة وعشرين عاماً تقريباً توفي صديق ،رحمه الله، وكان وحيد والديه، وكان والده قد بلغ من العمر عِتياً وهو من المؤمنين الطيبين الصابرين الذين جار عليهم الزمن وبعض من أهل الزمن وكان مقطوعاً من شجرة، وقد حضر للعزاء الأصدقاء المقرّبون وهم قلة قليلة، وثاني يوم العزاء لم يكن هناك أحد سوى والد المرحوم والعبدلله، فوجئنا بدخول رئيس مجلس الأمة - آنذاك - جاسم الخرافي، طيّب الله ثراه، علينا وعزّى والد المرحوم، رحمهم الله جميعاً، وجلس فسألني وفاة طبيعية والا حادث مرور؟ فهمست له، رحمه الله، بأن المرحوم وحيد والده وتوفي بعد أن صلى الفجر في المسجد وعاد ونام وهي الخاتمة، التفت، رحمه الله، إلى ذلك الشيخ الكبير وقال له كلنا أولادك وأي شي تحتاجه أنا بخدمتك وأخرج بطاقة من جيبه وأعطاها له قائلاً (هذا رقمي المباشر دق عليّ إذا احتجت أي شي أنا بخدمتك) وبقي الخرافي، رحمه الله، ما يقارب الأربعين دقيقة ونهض وأعاد كلامه بإصرار على والد المرحوم قائلاً (تحتاج أي شي أي شي دق عليّ)، أثر فيّ ذلك الموقف الإنساني الشهم من ذلك الراحل الكبير، جاسم الخرافي الذي اجتمع على حبه واحترامه خصومه السياسيون قبل حلفائه وأصدقائه، حيث كان نموذجاً راقياً مُؤمناً بالله في أفعاله الخيرة وإنسانيته، فرض محبته واحترامه على الجميع بكل أدبٍ وذوق ورقي.

وليس هناك صورة في تاريخ الكويت السياسي الحديث أجمل من المنافسة بينه،رحمه الله، وبين العم الفاضل رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، أطال الله في عمره، كانت منافسة جميلة لم يتجاوز أي منهما الحدود في تلك المنافسة التي هي منافسة بين فارسين نبيلين، بل كان في منافستهما لبعضهما على مقعد رئاسة البرلمان دروس أخلاقية تضاف لصفحات تاريخ الكويت البرلماني.

وبناءً عليه، فإني كمواطن يراقب من بعيد الساحة السياسية المحلية وفي عهد جديد يحمل في ثناياه الخير والبشائر فإني أتوجه إلى الأخ الأستاذ الخلوق لؤي جاسم الخرافي، وإلى الشيخ العزيز أحمد فهد الأحمد الصباح، وكل منهما يحمل في نفسه الخير والمحبة لهذا الوطن الغالي أن يطويا صفحة الخلاف وهما كبار ويملكان الشجاعة الكافية والرؤى الثاقبة بجعل الخلافات بينهما شيئاً من الماضي... إكراماً للكويت ولذِكرى الشهيد البطل فهد الأحمد الصباح وإكراماً لذِكرى الكريم الجليل جاسم الخرافي.

أتمنى أن نراكما في لقاء مشهود يحل فيه الخلاف الطارئ وأنتما (قدها وقدود)...

حفظَ الله كويت الرجال الأوفياء الكبار بأخلاقهم ومواقفهم... حفظ الله وطننا وأهله ووفق أميرنا صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في كل مساعيه الخيرة البناءة ورزقه الصحة والعافية وطول العمر... دمتم بخير.

jaberalhajri8@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي