No Script

مجرد رأي

الرئيس بين الطموح وموروث التحديات...

تصغير
تكبير

بمجرد صدور الأمر الأميري بتعيين الشيخ الدكتور محمد صباح السالم، رئيساً لمجلس الوزراء، وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، ارتفع سقف الطموح، من المواطنين ومجتمع الأعمال والنواب والسياسيين، مدفوعين بأمنيات أن يكون تولي صاحب السيرة والمسيرة هذا المنصب بداية عهد جديد لتصحيح المسار تنفيذياً.

يجمع الشيخ محمد الصباح، بين المؤهلات الأكاديمية والعملية التي تجعل منه رئيس الوزراء بالكفاءة مدعوماً بالخبرة السياسية التي اكتسبها من بيت الحُكم وتقلّده العديد من المناصب، لكن هل هذا كله يكفي للنجاح؟

من الناحية النظرية تشي هذه المؤهلات بأنها كافية حتماً للتحول، لكن عملياً لن تكون كافية، أو كافية بشروط.

ففي مجتمع مثل الكويت مليء بالتحديات السياسية والاستقطابات المكلفة والجدل المعطل، والطموح التنموي العابر للواقع الصعب الإصلاح يتعين أن يكون جماعياً من السلطتين.

فكما ورث الشيخ محمد، خبرة سياسية استثنائية مصقولة بمهارات عملية وديبلوماسية متشابكة بعلاقات دولية متشعبة ضمن تاريخه الطويل يرجح اعتبار الكفاءة بأن الاختيار خطوة أساسية في الطريق الصحيح.

لكن في المقابل، هناك موروث استثنائي من التحديات السياسية والمالية والاقتصادية المتراكمة على مدار السنوات الماضية لا تقل صلابة عن اعتبار الكفاءة التي يتمتع بها الشيخ محمد.

فلا يخفى على أحد ما تعانيه المالية العامة من اختلالات هيكلية تزيد مخاطر الاستدامة وتنامي العجز بالميزانية العامة، واقتصاد شبه احادي الدخل، وقضية إسكانيّة تزداد تعقيداً كل سنة مع تراكم الطلبات الإضافية من دون أن يواكب ذلك معالجات جذرية.

علاوة على فجوة تنموية تتسع باستمرار ليس بين الكويت وجيرانها بل حتى بين كويت الحاضر والماضي، وسوق عمل يعاني من البطالة الحقيقية والمقنعة، ومخرجات تعليم لا تعكس حاجة المستقبل وظيفياً، إلى جانب ضعف الانفاق الاستثماري .

ناهيك عن اتساع دائرة الشواغر بين القياديين وضعف البنية التعليمية والصحية وتهالك شبكة الطرق، وتقادم المنظومة التشريعية وهكذا دواليك.

ونتيجة طبيعية لتأخر العلاج تزايدت المصدات التي أعاقت تقدم الكويت في السنوات الماضية للمحطة التالية التي تواكب طفرة النمو التي تشهدها أسواق المنطقة اقتصادياً ومالياً وبشرياً ومن أي تنمية شاملة.

ولذلك، مهما تملك الشيخ محمد، أو غيره من قدرات استثنائية لقيادة الحكومة فلن تفلح جهوده في الإصلاح وتصحيح المسار اقتصادياً ما لم تتغير ثقافة التعاطي النيابي الحكومي، مع التشديد على إستراتيجية أن يرتقي التشكيل الحكومي المقبل إلى مستوى الطموحات وتبني القرارات الاحترافية القادرة على تفتيت جبل التحديات والتعقيدات بتوجه ينسجم من القانون والدستور.

سيناريو عمل السلطتين معاً وبنهج واحد عنوانه دفع الكويت بقوة إلى الأمام بعيداً عن تأصيل النظرة الضيقة المصحوبة بالمصالح الشخصية والانتخابية والسياسية يضمن خروج الكويت من أزمتها وتعقيداتها المتشابكة سياسياً واقتصادياً.

وما يزيد الطموح أن الكويت تتمتع بجميع القدرات المالية والبشرية التي تجعل منها عروس الخليج مجدّداً.

الخلاصة:

يتفق غالبية الكويتيين على شخص الشيخ محمد، وقدراته العالية على الإصلاح بإستراتيجية مكافئة لتخطي فترة الجمود التنموي وأن اختياره وافق إرادة المواطنين، وأن تاريخه الزاخر بالمحطات المضيئة المناهضة للفساد يزيد جرعة الأمل والتفاؤل بإمكانية التحول من الكبوة للقفزة.

لكن يبقى أن المرحلة الحالية متشبعة بالتعقيدات، مكتظة بالتحديات المحلية والخارجية اقتصادياً وجيوسياسياً.

وبقدر حدة هذه التحديات ومخاطرها هناك حاجة ملحة لتعاون من الجميع مع الشيخ محمد، والاستفادة من كفاءته ووطنيته من خلال بذل الكثير من العمل الجماعي والتعاون الاستثنائي بين السلطتين لخدمة الوطن والمواطنين بجهد مضاعف خالص من المصالح الشخصية والسياسية، فلا يمكن بناء جدار التنمية المستدام بأدوات معطلة أو بأخرى غير مساندة .

كما لن يكون الدرب سالكاً أمام الحكومة الجديدة ورئيسها من المطبات المكلفة ما لم يتقاطع الجميع وفي مقدمهم النواب على إشارات الإصلاح المستحق والمستدام بإحداثيات واضحة ومؤطرة بجدول زمني مرتبط بالثواب والعقاب للقياديين مع المراجعة المستمرة والفاعلة للإنجاز المحقق على أرض الواقع، أخذاً بالاعتبار أن العلة معلومة والحلول لا تزال ممكنة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي