في مزايدة مصرفية على 45 مليون دينار لأجل سنة ضمت 6 بنوك فقط
منافسة باهتة على المال الحكومي... بنكان فازا بوديعتين إحداهما بأدنى فائدة في 2023
- تكهّنات خفض الفائدة في مارس المقبل هدّأت المنافسة على ودائع السنة
- تباطؤ الائتمان منذ بداية العام زاد منسوب فوائض الأموال المتاحة للإقراض
- غالبية مديري الخزينة هندسوا بالفعل سلّم استحقاقاتهم وأغلقوا دفاتر العام
- 3 بنوك قدّمت أقلّ تسعير عند 4.25 في المئة بينها مصرف خفّف شهيته للمرة الأولى
- تراجع المنافسة مصرفيّاً يحمل مؤشراً على خفض محتمل بفائدة ودائع القطاع الخاص
فيما يشبه خفوت وهج المال العام، سجلت مزايدة مصرفية طُرحت أخيراً على وديعتين تابعتين لجهة حكومية بقيمة إجمالية 45 مليون دينار لأجل سنة تراجعاً إضافياً في تسعير الفائدة المقدّمة من البنك الفائز، حيث سجلت إحداهما أدنى تسعير في 2023.
وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» أن أحد البنوك التقليدية فاز بوديعة الـ25 مليون دينار لأجل سنة، فيما فاز بنك يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية بوديعة الـ20 مليون دينار، إلا أن التغير الذي طرأ على سوق الودائع الحكومية أن أعلى سعر قُدّم للوديعة الأولى كان 4.77 في المئة، فيما سجلت الوديعة الثانية أقصى فائدة بمعدل 4.9 في المئة، ما يحمل تحولاً في شهية البنوك المتنافسة على استقطاب المال العام.
كمية إضافية
ويمكن القول إن البنوك المحلية بدأت أخيراً جولة جديدة من جذب كمية إضافية من الودائع لكن بتكلفة أقل من السابق، حيث تُظهر الأرقام تراجعاً إضافياً بالفائدة الممنوحة على الوديعتين الأخيرتين مقارنة بمعدلات الطرح السابق، ويعكس التسعير المقدّم بلوغ منحنى مصرفي أقل تنافسية على المال الحكومي بمعدل يقارب 0.65 في المئة فوق سعر الخصم، أخذاً بالاعتبار أن المنافسة على الوديعتين اقتصرت على 6 بنوك مزايدة، مقابل متوسط 13 بنكاً شاركت في مزايدات مشابهة خلال 2023، وهذا مؤشر إضافي على أن المنافسة المصرفية على الوديعتين كانت باهتة.
هامش ضيق
وأشارت المصادر إلى أن معدلات الفائدة المدفوعة على الوديعتين الحكوميتين تقارب لحد كبير معدل الفائدة الأدنى الذي قبلت به بعض البنوك أخيراً لإقراض الشركات، خصوصاً وديعة الـ25 مليون دينار والمسعّرة بـ4.77 في المئة، حيث إن هناك بنوكاً أقرضت أخيراً شركة مليئة بفائدة تبلغ 0.55 في المئة فوق سعر الخصم، ما يعني مصرفياً عدم وجود هامش يُذكر بين معدلات تسعيرها لفائدة القروض التي تمنحها لشريحة عملاء النخبة وتسعيرها للودائع الحكومية.
ولفتت المصادر إلى أنه في المركز الثاني كأعلى فائدة لوديعة الـ25 مليون دينار جاء بنك يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، قدّم سعراً بـ4.66 في المئة فيما جاء ثاني أعلى تسعير للوديعة الثانية من بنك تقليدي عند 4.75 في المئة.
تباين الأسعار
وأوضحت أنه كما يجري التقليد منذ فترة طويلة في سوق الودائع التي تُطرح بهذه الآلية، جاءت أقل الأسعار بالتساوي مع بنك تقليدي وآخر يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، حيث تقاطعا على أقل فائدة مقدمة في الوديعتين بين المزايدين بواقع 4.25 في المئة، إلا أن المتغير الذي طرأ أن بنكاً يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية انضم لهما ليفقد مع ذلك شهيته المفتوحة منذ بداية العام على المنافسة في مثل هذه المزايدات بأسعار أعلى من المتداول، فيما توزعت بقية الأسعار بين 4.375 في المئة و4.5 في المئة.
وذكرت المصادر أن طلب الأموال المستقرة يختلف من بنك لآخر، وهذا ما يؤكده التباين في لائحة الأسعار المقدّمة، منوهة إلى أن تراجع تسعير الودائع الحكومية أخيراً يحمل مؤشراً إضافياً يتعلق بإمكانية خفض إضافي مرتقب بالفائدة وتحديداً على ودائع القطاع الخاص، ما لم يُسجَّل خلال ذلك نشاطاً ائتمانياً يستدعي استقطاب مزيد من الودائع، وهذا ما ستحدّده قوة تحرّك البنوك على بناء مراكز ائتمانية جديدة في 2024.
ما الذي أضعف شهية البنوك فجأة على الودائع الحكومية؟
قالت المصادر إن التراجع المسجل مصرفياً في سلم فائدة الودائع بدأ ينمو منذ سبتمبر الماضي، إلا أن التراجع الحاد بالسباق المصرفي بدأ يكون أكثر ظهوراً مع الوديعتين الأخيرتين، لأسباب عدة، أبرزها مرتبط بالتكهنات المتفائلة بخصوص احتمالية خفض مجلس الاحتياطي الأميركي «الفيدرالي» الفائدة في مارس المقبل، ما يؤدي حكماً إلى تهدئة الطلب المكلف على ودائع أجل السنة، استقامة مع هذه التكهنات.
كما أن تسجيل البنوك تباطؤاً ملموساً في معدلات الائتمان الجديد الممنوح منذ بداية العام، دفع إلى أن السيولة المؤهلة للإقراض باتت بمنسوب فوائض إضافي، ما يؤثر على سلامة تكلفة الأموال، ليكون مع ذلك مستحقاً خصوصاً من البنوك المعروفة بعدم ممانعتها دفع تكلفة أعلى على الودائع الحكومية بخفض سرعتها الإضافية المعتادة فوق السعر المتداول بالسوق تفادياً للقبول بهوامش ربحية أضيق قياساً بالفائدة المقررة رقابياً على قروضها.
وأشارت إلى أن مدى الحاجة المصرفية لترتيب سلم الاستحقاقات هو ما يحدد درجة المنافسة على الودائع حيث يتم إشعالها من قبل بعض البنوك بطرح أسعار أعلى من المتداولة أحياناً وذلك عند الحاجة لمزيد من الأموال المستقرة، أو تهدئة معدل التسعير في حال تراجع هذه الحاجة.
علاوة على ذلك، فإن تسعير الوديعتين الأخيرتين ينسجم مع تحركات إغلاقات نهاية العام، ففي نهاية كل عام مالي يكون معظم مسؤولي الخزينة بالبنوك انتهوا بالفعل من هندسة سلم استحقاقاتهم عن 2023، ما يجعل الطلب على هذه الأموال محدوداً قياساً ببداية العام أو نهاية الفترات المالية الثلاثة الأولى من كل عام.