يرجع تاريخ الكويت الحديث والمعاصر إلى أكثر من 400 عام حينما تأسست مدينة الكويت في القرن السابع عشر، وازدهرت المدينة بعدما استوطنها آل الصباح.
وعمر الكويت السياسي بأسرته الحاكمة 267 عاماً، منذ تسلّم أول حاكم من أسرة الصباح مقاليد الحكم في عام 1756، فهي من أقدم الدول في المنطقة وجميع الكويتيين متفقون على حكم آل الصباح الكرام، ولم يشذ عن ذلك أحد حتى وإن اختلف معهم بالرأي.
الكويتيون على مر السنين يفتخرون بحكامهم، وبتلاحم أبناء الكويت مع قيادتهم على تجاوز كل التحديات والأخطار التي تحدق بالوطن، وتجمعنا المحبة والاحترام.
والحمد لله الذي جعل الأمن والأمان من أكبر النعم في الوجود، وأنعم بهما علينا وجعل بلدنا الكويت العامرة بالخير تنعم بالأمن والأمان.
منذ أيام قليلة مضت فقدت الكويت أميرها المغفور له الشيخ نواف الأحمد الصباح، طيّب الله ثراه.
أعلنت الدولة الحداد لمدة 40 يوماً وتعطيل الدوائر الحكومية 3 أيام... خيّم الحُزن على وطننا العزيز وأغلقت الدواوين والمراكز التجارية والأسواق، وألغيت الحفلات وأجلت الأفراح وعلقت الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية، وفاء لفقد حاكم الدولة الراحل، طيّب الله ثراه.
بل حتى ان الشباب في الملاعب الترابية توقفوا عن اللعب تقديراً وحزناً لفقد الكويت حاكمها.
كان سموه المغفور له يؤكد دائماً أن الوحدة الوطنية تمثل سياجاً يحمي الكويت من خطر العدوان عليها من الأعداء، وحصناً نلوذ به في مجابهة الشدائد والتحديات على مر العصور والأزمان.
اتصف الأمير الراحل بالتواضع والخلق الحميد مع الجميع من الصغير والكبير والعامل البسيط...
فالتواضع له وجهان، الأول هو انكسار القلب للمولى عز وجل، والآخر اللين مع الناس، وبشاشة الوجه وحسن المعاملة... تقلد مناصب عدة منذ نشأته واختتمت مسيرته العملية أميراً للبلاد.
أدار الحكم وظل مستمراً في العيش بمنزله الخاص في منطقة الصديق، يتنقل من دون موكب. يتوجه الى المسجد قائداً سيارته الشخصية المتواضعة من دون حراسة لأداء فريضة الصلاة.
يلقي التحية على الصغير والكبير، وعندما اشتد عليه المرض لجأ إلى أداء الفريضة جالساً على الكرسي البسيط لأداء فريضة الصلاة وأمامه ستاند القرآن الكريم، ولم يرض بتغير كرسي الصلاة بآخر وثير ومريح.
علّمنا من طبيبه الخاص بأنه -رحمه الله- كان حريصاً على ألا تتم أي فحوصات طبية أو عمليات إلا بعد أداء صلاة الفريضة، حتى وهو يعاني من آلام المرض والتعب.
نتذكر كلماته المسجلة في التلفزيون الرسمي وهو يوصي ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد بتذليل العقبات التي تواجه المواطنين والعمل على راحة الشعب.
قبل وفاته عفا عن المدانين المحكومين من دون تمييز، سواء ممن كانوا ينفذون العقوبة بالسجن أو من كانوا مهجرين، ففرح ذووهم بلم شمل العائلة وعودة أبنائهم.
«وفاء المحبين»
- قامت الدول الخليجية والعربية والصديقة بإعلان الحداد وتنكيس الأعلام لفقيد الكويت.
- قام المحبون والأوفياء بأداء صلاة الغائب وصلاة الوحشة وختم القرآن الكريم لروح المرحوم الشيخ نواف الأحمد، داعين له بالرحمة والمغفرة في المساجد والحسينيات والكنائس... بالفعل إنها الكويت يا سادة.
قامت الكويت قاطبةً من المواطنين والمقيمين المحبيبن بمشاطرة الأسرة الحاكمة في عزائهم، لأن هذا العزاء هو عزاء الكويت.
عظم الله أجوركم يا شعب الكويت عامة وآل الصباح الكرام خاصةً، وهذه سُنّة الحياة الدنيا فهم السابقون ونحن اللاحقون.
النفسُ تَبْكِي عَلَى الدُّنْيَا وَقَدْ عَلِمْت
أَنَّ السَّعَادَةَ فِيهَا تَرْكُ مَا فيها
لَا دَارَ للمرءِ بَعْدَ الْمَوْتِ يسكنها
إلَّا الَّتِي كانَ قَبْل الموتِ بانيها
فَإِن بَنَاهَا بِخَيْر طَاب مسكنه
وَإِنْ بَنَاهَا بِشْر خَاب بانيها
«كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ»
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.