No Script

مجرد رأي

«مشعل» التغيير... السمع والطاعة

تصغير
تكبير

ربما لا تعد مجافاة للموضوعية القول إن النطق السامي لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في جلسة مجلس الأمة، الأربعاء الماضي، شكل خطاباً ثورياً بكل المقاييس في مشهد غير منضبط سياسي، لما امتاز به من مكاشفة مستحقة وحوكمة للجميع.

فبينما ودع الكويتيون أمير التواضع الراحل سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح لمثواه الأخير بكل مشاعر الوفاء والولاء، استقبلوا الخلف الصالح بتطلّع أوسع إلى مستقبل الكويت.

القراءة العميقة للنطق السامي تظهر بوضوح أن صاحب السمو الشيخ مشعل، قائد يملك ثراء التجربة والرؤية الواضحة والمنهجية العملية التي تجعله قادراً على إيصال أفكاره من دون حاجة إلى تورية أو مواربة.

ولذلك كان بدهياً أن تغلب في خطاب سموه كفة الشفافية والمصارحة على أي اعتبارات تقليدية تعتمد على تجميل الواقع لمصالح سياسية.

يجمع سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، بين هدوء الطبع الذي لا يبقي له عدواً، وصراحة الموقف الذي تجعله أحياناً يستعيد قول الإمام علي «ما أبقى لي الحق صاحباً».

خطاب سموه كان أشبه بمشرط الجراح المُتمرّس، الذي جاء مُستحقاً ليعالج جرحاً غائراً سياسياً، فلم يتجاهل أسى علاقة السلطتين التي تحوّلت إلى منفعة متبادلة في ملفات عدة، سرد سموه بعض مُخرجاتها الفترة الأخيرة، والتي جاء أبرزها، «التعيينات والتجنيس ورد الاعتبار علاوة على عدم تغيير النهج أو تصحيح للمسار»، حيث أكد وبوضوح عدم رضاه عنها.

رسائل عميقة عدة تضمنها النطق السامي، وصل صداها للجميع، حكومياً ونيابياً وشعبياً، فيما اتصلت بالخارج بالتأكيد على عصر جديد مرتقب قريباً، يأمل معه تصحيح المسار المستهدف بإصلاح مسؤول يداوي ما قال عنه سموه «أداء الحكومة الذي لم يحقق ولم يلامس طموحات المواطنين... ومازال هذا العمل صفته التردد في اتخاذ القرارات وإنجاز البرامج والمشروعات التي لا تحتاج تشريعات من مجلس الأمة».

رسم النطق السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل، خريطة طريقة جديدة لمسار الكويت المقبل سياسياً واقتصادياً، شملت مواقعها غالبية التفاصيل المتوقعة وغير المتوقعة، فيما لم تخلُ من الصدمة للبعض لصراحة الموقف ودقة التوصيف، ما جدد الآمال بوجهة جديدة للكويت أكثر دقة باتجاه مستقبل، يأمل معها أن تعيد للكويت تاريخها الزاخر بالإنجازات ومعطيات دولة الرفاه.

عملياً لم يعد في القوس من مرزح لافتعال الأزمات، وتصفية الحسابات سياسياً، ولم يعد هناك متسع إلا لتنفيذ الإصلاح المسؤول ببرنامج زمني مدعوم من القيادة السياسية بقوة، وهو للأسف الواقع الحي الذي لم تستغله السلطتان.

هذه الحالة التاريخية التي تشهدها الكويت حالياً تتطلب رجال دولة من السلطتين الحكومية والنيابية، بعيداً عن ثقافة «البراشوت»، يستفيدون من أخطاء الماضي، قادرين على وضع برنامج إصلاحي شامل ملهم بالحلول الناجعة حتى يستقيم المسار، بأولويات تنعكس إيحاباً على الكويت ومواطنيها بتنمية شاملة اقتصادياً ومالياً وصحياً وبشرياً واجتماعياً وهكذا دواليك.

وهذا يتطلب خططاً عملية تلبي الحاجة الحقيقية للبلاد من تنمية مستدامة، وفقاً لبرنامج زمني مسؤول يحاسب فيه المقصر، من دون أي اعتبار لـ «الواسطة» والمصالح الضيقة التي يبدو أنها باتت منفية من قاموس صاحب السمو الشيخ مشعل.

الخلاصة:

للأسف ظهر في الأيام الماضية بعض التصاريح والأقلام التي تستنكر عبارة السمع والطاعة، وأنها دخيلة على النظام الديموقراطي والمجتمع الكويتي، ولذلك وجب التنويه والتنبيه بأن كلمة البيعة وردت في المادة «4» من الدستور والمادة «4» من قانون توارث الإمارة، ولذلك عرفها ابن خلدون بأنها العهد على الطاعة.

لذلك لا يتصور وجود دولة بحاكم لا سمع وطاعة له، ومتى ما فقد الولاء للسمع والطاعة للحاكم دبت الفوضي في المجتمع، ولذلك أصبح من مستلزمات الحاكم في أي دولة طاعة الشعب والمؤسسات له.

باختصار خطاب «مشعل التغيير» أثلج صدور الكويتيين الذين يؤمنون بأن الكويت وطن يسكن في أعماقهم وليس مجرد وطن يسكنون فيه.

أخيراً وبداعي المبدأ لا يسعنا أمام النطق السامي إلا التأكيد على «السمع والطاعة» لسمو الأمير.

mujaraad.rai@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي