No Script

أحسن الله عزاكم

تصغير
تكبير

تمر الأيام تلو الأيام والسنون تلو السنين والأجيال تلو الأجيال، الأسماء تتغيّر، الأماكن تتبدل، الحقب تتجدد، الأشخاص يرحلون، ويظل الثابت الأول والأهم في هذا البلد المبارك هو العلاقة الفريدة المتميّزة التي تجمع أُسرة الحكم والحاكم بالشعب.

انتهى مع مغيب شمس أمس آخر أيام عزاء الراحل الكبير فقيدنا وأميرنا الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي وإن قَصُرت فترة حكمه البلاد إلا أنّها كانت فترة بالغة الأهمية وذات أثر عميق واضح وألقت بظلال الاستقرار وإعادة تثبيت الرواسخ القديمة التي طالما كانت علامة مميزة وفارقة، سواء بين الشعب والأسرة، أو بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وقد بان هذا الأثر رغم قصر المدة بمقدار التأثر الشعبي والحزن الذي لفّ الكويت برحيل الشيخ نواف، وكل هذا التوافد الشعبي لتعزية أسرة الصباح الكريمة في مصابها الجلل، مؤمنين أن هذا أمر الله وكلنا أموات أبناء أموات وآباء أموات، فالكل راحل ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

اليوم، أمام حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ،حفظه الله ورعاه، مهمة إكمال المسيرة والطريق الذي سار عليه إخوانه وآباؤه وأجداده، وكلنا تفاؤل - وهو سليل بيت حكم عريق - بمرحلة قادمة بالغة الأهمية.

ومن يرصد السنوات القليلة الماضية يمكنه استنتاج ثلاثة ملفات محلية أساسية تتفرّع منها مختلف الملفات الأخرى كانت هدفاً لسمو الشيخ مشعل الأحمد وقد نجح بها نجاحاً ملحوظاً.

أول هذه الملفات التي نجح الشيخ مشعل في إدارتها كان معالجة «متلازمة التوتر الدائم» في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والتي كانت تنعكس سلباً على مخططات الإصلاح والتنمية، حيث تمكّن الشيخ مشعل من العبور بسلام بعلاقة السلطتين من التأزيم والتوتر والشد والجذب إلى تعاون غير مسبوق ودون تضحيات بالمبادئ الأخلاقية أو الإخلال بمتطلبات العدل والعدالة الاجتماعية ودون ترسيخ لأي ممارسات فئوية أو طائفية أو غيرها من تلك الممارسات التي يستسهل السياسيون عادة اللجوء إليها لتحقيق مكاسب سريعة ظاهرياً ولكنها خطرة وتنخر في أساسات الدولة واقعياً وسيكون دمارها كبيراً جداً.

الملف الثاني الأبرز الذي اضطلع به سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد ونجح فيه نجاحاً باهراً خلال ما مضى من سنوات قليلة كان مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين بشكل غير مسبوق، مع ترسيخ منهج البعد عن الممارسات المخلة بالعدالة أو النزاهة في العمل العام والخاص، حتى تولّدت قناعة كاملة أمام مختلف مسؤولي الدولة والبرلمان أنهم في مواقعهم لخدمة الكويت وأهلها وليس للتربح أو لتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية.

أما الملف المحلي الثالث الأهم فقد كان ملف تحسين معيشة المواطن والاهتمام بكبار السن والمتقاعدين الذين قدّموا سني عُمرهم واستحقوا أن ينعموا بالراحة والطمأنينة سواء لأنفسهم أو لأبنائهم وأحفادهم، وهو ما كفله وسيكفله بالتأكيد والد الجميع الشيخ مشعل الأحمد.

أما الملف الخارجي الأهم أمام كل حكام الكويت سابقاً، واليوم أمام أميرنا الشيخ مشعل فهو ملف السياسة الخارجية الكويتية التي اختطها ورسم قواعدها حاكم الكويت السابع ومؤسس الدولة الكويتية الحديثة الشيخ مبارك الصباح (الكبير)، وهي السياسة القائمة على اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات وعلاقات تحقق هدف حفظ أمن واستقرار وديمومة الكويت التي تمكنت دوماً ورغم كل الظروف والأطماع والمخاطر أن تصل الى بر الأمان والديمومة.

فكم من الدول والممالك والإمارات كانت أكبر وأهم وأقوى من الكويت ثم زالت بينما تمكّن مبارك الكبير من العبور بدولتنا إلى بر الأمان، هذا العبور الذي تعلّم قواعده وسار عليه من بعده كل من حكموا الكويت من أبنائه وأحفاده.

ومن يلحظ ويتابع تحركات وعلاقات الشيخ مشعل الأحمد خلال السنوات الماضية خليجياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، ومن يلحظ ويتابع مستوى الاهتمام العالمي بتعزية أميرنا والكويت، ومستوى القادمين لتقديم واجب العزاء ممثلين لبلادهم سوف يدرك تماماً أن الكويت ماضية على الدرب الصحيح بقيادة ربانها الذي يؤدي اليوم اليمين الدستورية أميراً لدولة الكويت.. لتبدأ حقبة «مشعل الأول» المباركة بإذن الله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي