مهددة بالقطع الجائر
هل ينجح الأردن في حماية أشجار الزيتون المعمرة؟
باتت أشجار الزيتون في الأردن، التي يتجاوز عمر بعضها أكثر من ألفي عام، مهددة بالقطع الجائر بسبب التوسع العمراني، أو التحطيب، أو البيع لأثرياء يستخدمونها في مساكنهم الفارهة لأغراض الزينة أو التدفئة.
والأردن عاشر دولة على مستوى العالم في حجم إنتاج الزيتون، وفقاً لمجلس الزيتون العالمي.
وعاشت أشجار الزيتون المعمرة في هذا البلد منذ آلاف السنين تمكنت خلالها من مقاومة الظروف والتغييرات المناخية وبقيت جزءاً من هوية المملكة وثقافتها.
ويحاول الأردن من خلال «المركز الوطني للبحوث الزراعية» حماية هذه الأشجار، التي يقول مدير عام المركز نزار حداد لوكالة فرانس برس إنها «تواجه مخاطر أهمها أن تصبح سلعة، فهي منذ زمن محط أنظار الفنادق والفلل ورجال الأعمال والشركات».
ويوضح حداد أن هؤلاء «يحبون أن يضيفوا شيئاً من العراقة على مؤسساتهم فيشترون مثل هذه الأشجار وينقلونها، ما قد يعرضها إلى الاندثار لأن عمليات النقل هذه قد لا تنجح إذا لم يقم بها خبراء».
يشير حداد إلى أن «التشريعات الأردنية الجديدة تحمي هذه الأشجار من الاقتلاع والنقل، وهناك تنسيق بين وزارة الداخلية ومركزنا وشرطة السير حتى لا يُسمح بعمليات النقل إلا في حالات استثنائية جداً تحت إشراف مركزنا ووزارة الزراعة».
ويبلغ عدد أشجار الزيتون في الأردن، العضو في مجلس الزيتون العالمي، نحو 11 مليون شجرة تعادل نحو 20 في المئة من مجمل المساحة المزروعة.
وبلغ معدل إنتاج المملكة من ثمار الزيتون خلال السنوات الأخيرة نحو 50 ألف طن سنوياً، ونحو 25 ألف طن من زيت الزيتون. ويساهم هذا الإنتاج بنحو 120 مليون دينار (169 مليون دولار) في الدخل القومي ويعيل نحو 80 ألف أسرة.
ثروة وطنية
من جانبه، يقول رئيس جمعية «المهراس» التعاونية عامر الغرايبة لوكالة فرانس برس إن الهدف من وراء تأسيس الجمعية هو «المحافظة على هذه الأشجار باعتبارها ثروة وطنية».
ويشير إلى أن أشجار الزيتون المعمرة والتي يطلق عليها اسم «المهراس» الآن كانت تسمى بـ«الزيتون الرومي لأنها من أيام الرومان الذين كانوا يحكمون هذه المنطقة قبل الفتح الإسلامي».
وبحسب حداد، هناك تجمعات لهذه الأشجار المعمّرة في الأردن، بينها تجمعان كبيران في شمال المملكة في إربد وعجلون وجرش (شمال المملكة)، وأخرى أصغر في الطفيلة والكرك (جنوب).
ويشير إلى الاعتقاد السائد بأن الرومان جلبوا أشجار الزيتون إلى المنطقة من أوروبا، لكنه يقول إن البحوث أثبتت أن الأشجار الموجودة في منطقة المشرق العربي (الأردن وسورية ولبنان والأراضي الفلسطينية) هي أصل أشجار الزيتون في إيطاليا وإسبانيا وقبرص.
ويقول حداد «فك الشفرة الوراثية والخارطة الجينية لها بيّن أن العكس هو الصحيح، وأنها نُقلت من الأردن باتجاه إسبانيا وإيطاليا وقبرص».
ويوضح أن هذا يعني أن «الأشجار المعمرة لدينا هي أصل لصنفين مهمين في العالم لإنتاج زيت زيتون الفرونتويو والمانزانيلو (...) ونحن سعداء بأن المجلس الدولي للزيتون اعتمد نتائج هذا البحث».
من جهته، قال الغرايبة إن جمعيته تتعاون مع وزارة الثقافة لإعداد ملف لإدراج الأشجار المعمرة على لائحة التراث العالمي غير المادي لليونسكو «ما سيسهم في المحافظة عليها وحمايتها من الاعتداءات».
ويعمل الأردن على تعزيز دور المجتمع في الحفاظ على أشجار الزيتون وعلاقته بها، بوضع رمز للمسح (كيو آر كود) على كل عبوة زيت زيتون منتجة من هذه الأشجار.
ويوضح حداد أن هذا الرمز الذي يُقرأ إلكترونياً «يعطيك مكان الشجرة واسم صاحبها وتاريخها وجودة الزيت وعمر الشجرة».
ويضيف «هكذا لا نبيع فقط زيت زيتون، وإنما نبيع قصة مربوطة نسوق من خلالها لهذا البلد بشكل كامل».
ويخلص إلى أنه «من الصعب بمكان أن تزور منزلاً في إربد أو السلط أو عجلون أو جرش أو الطفيلة ولا تجد في كل حديقة شجرة (زيتون)، هي شجرة مباركة والأب يفتخر بإعطاء بناته من زيته وزيتونه».