أحد تفسيرات تسمية مؤشرات الساعة بالعقارب هو أن الوقت يمضي بسرعة، ومَنْ يحاول إيقافه فسوف يُلدغ كما يفعل العقرب السام في وخز الموت الزؤام.
من المعروف بأن مقدار الزمن نسبي! أي أنه يعتمد على المكان ومتغيرات أخرى معقدة لا حاجة للتطرّق إليها، ومن هذه الحقائق أن الزمن لدى الأفراد مقداره مختلف لما هو عند الدولة. فالفرد يستطيع أن ينام لوقت أكثر مما هو محتاج له أو أن يستغرق في الأكل أو اللهو أو حتى في العمل أكثر أو أقل ولا يؤثر ذلك عليه كثيراً أن فعلها لفترة قصيرة، ولا يؤثر على مَنْ حوله إطلاقاً إن كان الأمر يخصه، لكن الزمن مختلف بالنسبة للدولة!
إن تعطيل مرافق الدولة أو تأخير إنجازاتها أو تضييع الوقت في أمور ليست من أولوياتها الإستراتيجية، فذلك دون شك يؤثر على مسيرتها ومواكبتها للأحداث وحركة الزمن السياسي للنظام العالمي. وبلا شك فإن التعدي على موازين العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص التي دوّنها الدستور واعتبرها من مقومات المجتمع وألزم الدولة بصيانتها، هذه الموازين وبسبب بعض التعيينات التي لم تراعِ تلك المبادئ الدستورية هي سبب مباشر لعدم الطمأنينة في نفوس الكثير من الناس مما يستلزم تقويمها بناء على أسباب القانون والدستور.
ومن جهة أخرى، فلا مندوحة من أن الخلافات بين السياسيين أمر مشروع بل مطلوب أحياناً كثيرة لأنه يقود إلى الإبداع وتبادل الأفكار وصقلها، لكن وقت ما يتحوّل هذا الاختلاف إلى خلاف فهو يُحدّد كيان الدولة وصيرورتها.
لقد اشغلنا الكثير من السياسيين أفراداً وتيارات ببعض المناوشات والاختلافات التي أصبحت خلافات لا تُطاق، فقد سأم قطاع كبير من الشعب بالديموقراطية ومخرجاتها! وهذا أمر خطير، بأن ينظر إلى الديموقراطية كسبب للتخلف!
إذا كان بعض السياسيين وخاصة مَنْ هم في عمر المراهقة السياسية لا يعبأون بأهمية زمن الدولة، فنأمل من حكماء الدولة أن يعالجوا هذه المعضلة لكي تواكب الكويت الزمن، الذي يمر مرور السحاب.
لقد أشغل بعض السياسيين الشعب بصراعاتهم الخاصة التي اعتلت مفاصل الدولة، وقد أصبح تبادل الانتقام والتهميش سمات بارزة في هذه المياه الراكدة.
في هذه المياه العكرة تنبت الطحالب والبكتيريا السياسية التي غدت تلوث الأجواء السياسية فلابد من معالجتها بسرعة وإلّا عمّ المرض على الجميع!
لنعلم أن شراء الولاءات عبر التعيينات أو الهبات أو العطايا والهدايا لا يؤلف مجتمعاً سياسياً ناضجاً يقبل التحدي ويتجاوزه بتضحيات من أجل زمن الدولة.
وأخيراً، إذا كان زمن الدولة يختلف عن زمن الأفراد، فذلك حتماً يؤدي إلى حقيقة مفادها بأن عمر الدولة الطويل ليس مثل عمر الأفراد القصير، لذلك يجب ألا تنتقل صراعات الأفراد لكي تكون ذاتها هي صراعات الدولة.