No Script

اتجاهات

تداعيات حرب غزة على الصراع العربي الإسرائيلي

تصغير
تكبير

بلا أية مواربة فإن عملية طوفان الأقصى التي تحولت إلى حرب غزة، قد أسهمت في إحياء الحديث أو التفكير خاصة الغربي في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي وعلى رأس هذا الصراع القضية الفلسطينية. ويمكن أن نعد ذلك من حسنات حرب غزة، حيث أهملت القضية الفلسطينية تماماً منذ انفجار ما يسمى «الربيع العربي» في سنة 2011.
حرب غزة سيكون لها بلا جدال تأثير كبير على الصراع العربي الإسرائيلي، وفي الأغلب تأثير إيجابي يضطلع في حل الصراع وخاصة القضية الفلسطينية أربعة أطراف رئيسية وهي، القوة الغربية وخاصة الولايات المتحدة، إسرائيل، الدول العربية المنخرطة في صراع مع إسرائيل بما في ذلك حركات المقاومة، وأخيراً الدول الإقليمية الرئيسية والوسيطة خاصة مصر والسعودية وإيران والكويت.

برهنت حرب غزة لاسيما للغرب أن لا استقرار ولا سلام في المنطقة إلا بحل الصراع العربي الإسرائيلي وبخاصة القضية الفلسطينية.
إذ خيمت ظلال التداعيات السلبية لحرب غزة على الجميع تقريباً. فبالنسبة للولايات المتحدة تحديداً، أجبرت عملية طوفان الأقصى واشنطن على إعادة تركيز قوتها بقوة في المنطقة بعد إهمال طويل، والتي سيأتي على حساب تحديات واشنطن الرئيسية خاصة الصين وروسيا.
وتركيز واشنطن القوى في المنطقة بعد طوفان الأقصى والذي قد تجسد في إرسال اثنتين من أكبر حاملات الطائرات في شرق المتوسط، من أهدافه الرئيسية منع حرب إقليمية في المنطقة قد ينجم من تصرفات إسرائيل الجنونية.
أما فيما يتعلق بالوضع الإقليمي ودوله الرئيسية، فحرب غزة قد وضعت المنطقة فوق فوهة بركان، وعمقت من التوتر وعدم الاستقرار في ظل معاناة دول الإقليم من أزمات سياسية واقتصادية حادة.
وبالنسبة لحركات المقاومة، فهي تعد الفائز الرئيسي من حرب غزة، وذلك من نواحٍ متعددة، حيث برهنت للجميع على قوتها وصلابتها في مواجهة إسرائيل، وتمسكها الباسل في مقاومة الاحتلال وعودة الحقوق. كما تنامت شعبيتها التي طالت أجزاء واسعة في العالم.
باختصار، أضحت المقاومة رقماً صعباً في المعادة لا يمكن تجاهله.
أما فيما يتعلق بإسرائيل، فهي الخاسر الأعظم من طوفان الأقصى، وهذا مربط الفرس الرئيسي لزحزحة الصراع العربي الإسرائيلي. فتداعيات الطوفان على الكيان الصهيوني لا تحصى، فالطوفان قد هزّ مصداقية قوة الردع العسكري لإسرائيل، وأضعف اقتصادها، وفتح أزمة جديدة لها تتعلق بقضية يهود الشتات والمهاجرين لإسرائيل، فبحسب بعض التقديرات نحو مليون يهودي ممن يحملون جنسيات أخرى قد ترك إسرائيل عقب طوفان الأقصى.
وفوق كل ذلك، أضعف طوفان الأقصى بصورة كبيرة من قوة اليمين الإسرائيلي الحاكم ونخبه وأحزابه.
كل ما سبق، يضعنا بلا شك أمام صورة مغايرة للصراع العربي الإسرائيلي في المستقبل تقودها الولايات المتحدة تحديداً، وفي أغلب الظن نحو حلّ عملي نهائي لهذا الصراع.
تنبئ الهدنة السارية الآن بين حماس وإسرائيل، والتي تمت بضغط أميركي أوروبي قوي على الكيان الصهيوني؛ أن واشنطن ربما قد أدركت لخطورة استمرار الحرب الوحشية على غزة، وتسعى إلى اتفاق أولي لتبادل الأسرى، تمهيداً لحل شامل للقضية الفلسطينية يرتكز على حل الدولتين الخيار التقليدي لحل القضية.
فاستمرار حرب غزة بالصورة التي عليها، قد يدفع المنطقة لعدم الاستقرار لعقود، ويقوي من حركات المقاومة، وإيران، وحلفائها خاصة روسيا والصين.
فضلاً عن تقويض ملف التطبيع في المنطقة.
وهذا ما لا تريده واشنطن على الإطلاق، كما لا تريد المكوث في المنطقة أكثر من اللازم. وعلى الجانب الآخر، ستساهم حرب غزة بلا أدنى شك في تنامى قوة الأحزاب شبه المعتدلة في داخل إسرائيل التي تؤيد مسألة حلّ الدولتين، وتجميد الصراع إلى أجل غير مسمى. فاليمين الإسرائيلي قد تهاوى تماماً بقيادة زعيمه التاريخي نتنياهو.
الدول الإقليمية المعنية والمتورطة في الصراع، ستدفع هي الأخرى لإعادة الزخم بقوة لحل القضية الفلسطينية وجعلها أولوية لضمان الاستقرار في المنطقة، وعرقلة تنامي التطرف، والضغوط الاجتماعية والشعبية.
كما أن إيران قد تساهم في زحزحة القضية كورقة ضغط على الغرب في شأن الملف النووي.
ملخص البيان، قد غدا من مصلحة الجميع بعد التداعيات الوخيمة لحرب غزة، إعادة التركيز على الصراع العربي الإسرائيلي وجعله الأولوية في المنطقة.
ومن ثم، نظن أننا سنشهد في الفترة المقبلة تدافع قوى لا سيما غربية لإعادة الحلّ التفاوضي للقضية الفلسطينية القائم على حل الدولتين المتفق عليه من الدول الداعمة للقضية مثل الكويت.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي