مقاهي الجهراء

تصغير
تكبير
يعرف سكان الجهراء القديمة تلك القرية التي كانت تحفها الفرجان والمزارع والخضرة، كما يزين الاسوار المعصم، وكانت مزارعها تبث مع إشراقة الشمس إلى مغيبها عبق الريحان، وتنشر في مسامع المصلين صلاتي الفجر والمغرب حيث تغادر الطيور أشجارها وتعود إليها مع هبة نسائم الليل، وأهل الجهراء يتجمعون في دواوين انتشرت شرقاً وغرباً، وكل أطراف الجهراء ينامون مبكراً ويصحون غداة ذلك، إلا بعض المتسامرين في قهوة هي قهوة الجهراء الجديدة، وصاحبها رجل من أهل العراق أعتقد أن اسمه عبدالزهراء.
أتذكره كأنه أمامي الآن، رجل سمين ذات عينين واسعتين يحجز كرشه الضخم نظره عما بين قدميه، تلك القهوة كانت تنافسها قهوة أخرى بالقرب من مضخة المياه التي كانت تزوّد الأهالي بالماء الزلال عبر عربات صغيرة ذات ثلاث عجلات بخزان صغير يحمل 250 ليتراً فقط.
باعة المياه في تلك الفترة كانوا من الأشقاء (المهرة) أهل حضرموت وسيحوت أو المحافظة السادسة من اليمن السعيد، مع مطعم وحيد للمشويات الشامية كان يقع أمام مخفر المطلاع أو غرب المخفر.

تلك هي الملاهي القديمة التي كانت لأهل الجهراء متنفساً ومرتعاً للبعض يلعبون الدومنة، ويشربون الشاي وهم يقضون وقتهم إما انتظاراً أو تسلية، بعكس اليوم حيث امتدت الجهراء وأصبحت محافظة مترامية الأطراف وما عاد سكانها وشبابها يكتفون بالجلوس في مقاهي المجمعات، أو سوق المباركية، بل وصلت رحالهم إلى مقاهي ادجوار رود في لندن، بعد أن تعدت الحسين والفيشاوي في القاهرة وشارع الحمراء في لبنان.
وقد قرأت فيما نشر أن هناك مقاهي للسيدات في الجهراء من أخواتنا وبناتنا، قامت الجهات المعنية في الدولة بإغلاقها في وقت قريب بناء على شكاوى بعض الأهالي واعتراض بعض نواب مجلس الأمة، سامحين فقط في إقامة تجمعات صغيرة في البيوت بحدود الفريج أو الشارع، تلك التجمعات كانت تسمى عندنا في كل الكويت بـ(شاي الضحى)، أتذكر أمي وصديقتها أم فهد اللافي، والأخرى هي أيضاً أم فهد اللافي، الله يرحمهن جميعاً، يتجمعن عندنا في البيت وأمامهن خبز التنور والجبن البرغالي الأبيض، وطبق فيه ريحان ونعناع وبقل، والغوري الأبيض على الدوة بالقرب من جمرات الفحم، وقبل أذان الظهر كنّ يفترقن إلى بيوتهن وما عرفن القهاوي ولا عرفن الشيشة والمعسل بالتفاح، الله يرحمنا برحمته.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي