قبل أيام تم طرح بعض المقترحات من قِبل بعض النواب في شأن البحث عن نظام انتخابي بديل لقانون الانتخاب الحالي، والتي تحدد قواعد وكيفية تنفيذ وتحديد نتائج الانتخابات المناسبة لعضوية مجلس الأمة، وقد برز من هذه المقترحات «نظام القوائم النسبية».
يقوم هذا النظام على تقديم كل حزب سياسي لقائمة من المرشحين في كل دائرة من الدوائر، ثم يقوم الناخبون بالاقتراع لصالح الأحزاب حيث يفوز كل حزب سياسي بحصة من المقاعد في الدائرة المرشح فيها تتناسب مع حصته من أصوات الناخبين.
... باختصار، هذا مفهوم القوائم النسبية والذي يقوم أساساً على وجود الأحزاب، دون الدخول في الجوانب الفنية لتوزيع الأصوات.
لقد تم طرح هذا المقترح من قبل بعض النواب دون تقديم أي شروحات حول ما له وما عليه، فقط صرح بعضهم أن هذا المقترح سيمهد إلى إنشاء الأحزاب، وأن هناك موافقة من قِبل الحكومة بهذا الشأن، دون تحديد من هي الحكومة التي يعنينها، هل هو رئيس الوزراء؟ أم أطراف أخرى؟
لقد تم التركيز على هذا المقترح إعلامياً في محاولة لتسويقه لدى المواطنين، علماً بأن أنظمة الانتخابات السياسية يتم تنظيمها غالباً من قبل مقترحات حكومية، ويمكن مقارنة الأنظمة الانتخابية من خلال أدوات مختلفة، حيث تتأثر تجاه الأنظمة بدرجة كبيرة على نتائج هذه الأنظمة الانتخابية على المجموعات التي يدعمها أو يعارضها صاحب الموقف.
وفي ضوء هذا المقترح فإنه من ضمن أدوات التقييم لأي نظام انتخابي، يمكن صياغة مجموعة معايير دقيقة وإسناد مهمة التقييم الانتخابي الأمثل إلى جهة محايدة وليس إلى نواب لهم هواهم السياسي أو أفراد حكوميين، بل ان تتكون هذه الجهة المحايدة من مواطنين لهم من الخبرة القانونية الدستورية والدولية ويمتازون بالحنكة والمهارة السياسية ولديهم الاستقلالية والسمعة الطيبة.
من المعروف أنه غالباً ما يترتب على اختيار قانون نظام انتخابي معين تبعات هائلة على مستقبل الحياة السياسية في البلاد، فاختيار النظام الانتخابي هي مسألة سياسية بالدرجة الأولى وليست اختياراً فنياً، وتعتبر مسألة الاختيار من أهم القرارات المصيرية لأي نظام ديموقراطي على مستقبل الحياة السياسية، وان هذا كله سيحدد إلى أي مدى يعتبر مثل هذا النظام الانتخابي محصناً أو إلى أي مدى يبقى عرضة للتغيير من قبل الأغلبية المنتخبة.
أعتقد أن ما يسوق له من مقترح «القوائم النسبية» لهو من الخطورة بمكان على الوطن بمجمله، خاصة في ظل التركيبة السكانية التي نعاني منها من تزوير وتدليس في التجنيس، بالإضافة إلى تدني الوعي السياسي، الأمر الذي سيكون عليه الوضع العام في مهب الرياح، وقد تكون هناك صعوبة في السيطرة على هذا الوضع، كما أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن أين سيكون موقع الأسرة في حال تم تطبيق نظام القوائم النسبية، دون تبصر أو تدقيق بكل ما يطرح من مقترحات أو أفكار، علماً أن هناك من الدول والتي لها أحزاب قد تخلت عن هذا النظام الانتخابي بعد اكتشاف عيوبه؟
إن مثل هذه المقترحات لها آثارها السياسية السلبية والتي قد نعاني منها مستقبلاً، نحن حقيقة نحتاج إلى من يفكر بعقلانية وليس من يتسابق للحصول على مجد شخصي مزيّف.