التحرّك النشط يستهدف جميع احتياجات حكومات الخليج والصفقات المجدية للشركات
بنوك الكويت تعوّض تباطؤ نمو الائتمان بالتوسّع في الإقراض... خليجياً
- القروض الموجّهة محلياً للأفراد والشركات لا تكافئ فوائض السيولة
- الصفقات التمويلية المُنجزة شملت صكوكاً وسندات وقروضاً مباشرة
- عين صانعي السياسة الائتمانية مفتوحة على طفرة مشاريع المنطقة ومدنها
- شحذ البنوك لعلاقاتها وأدواتها المختلفة لم يزد رافعتها الائتمانية محلياً كما يُفترض
- التحدي الأكبر مصرفياً تنامي موفور السيولة المتاح للإقراض وانخفاض طلب التمويل
- تفادي خسائر إيرادات الأعمال غير المحققة دفترياً والاستفادة من هوامش الفائدة العالية
يجتهد صانعو السياسة الائتمانية في الكويت منذ فترة لشحذ أدواتهم المختلفة تحليلياً ومحاسبياً ورقابياً، دون أن يدّخروا علاقاتهم المختلفة مع عملائهم من الأفراد والشركات، لعلهم يزيدون رافعتهم الائتمانية بما يتيح لهم امتصاص ما تيسّر من فوائض السيولة المتراكمة لديهم.
لكن بينما يعمل مسؤولو البنوك منذ بداية العام على مضاعفة جهودهم لاستقطاب قروض إضافية جديدة سواء من الشركات أو الأفراد بمزايا وتسهيلات تمويلية محفّزة، لا يزالون يصطدمون بحائط تباطؤ الائتمان المحلي، حيث تُظهر البيانات الرسمية لحجم القروض الممنوحة منذ بداية 2023 وجود تباطؤ ائتماني ملموس على كل القطاعات تقريباً، ما زاد مخاطر عدم تحقيق النمو المستهدف محلياً والتي أخذت تتجمع رواسبها في النظام المصرفي المحلي شهراً تلو الآخر.
إجمالي التسهيلات
ومصرفياً، يعني هذا الواقع أن جهود تصريف موفور السيولة المتاحة للتمويل لم تُفلح في رفع منسوب القروض محلياً بمعدلات مؤثرة، حيث لا تتجاوز نسبة النمو الائتماني المجمّع للقطاع في الأشهر التسعة الأولى من 2023 الـ2 في المئة، رغم تسجيل محافظ البنوك نمواً ملموساً في الفترة نفسها، فماذا فعل مسؤولو البنوك لتعويض ضعف نمو القروض محلياً؟
مبدئياً، ولإعطاء صورة رقمية واحدة، تجدر الإشارة إلى أنّ التسهيلات الائتمانية الممنوحة منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر سجلت ارتفاعاً محدوداً بلغ فقط 381 مليوناً (+0.73 في المئة)، فيما وصلت زيادة إجمالي التسهيلات الشخصية منذ بداية العام 175 مليوناً (+0.95 في المئة).
وحقّقت القروض الاستهلاكية تراجعاً في الأشهر التسعة الأولى من 2023 بنحو 13 مليوناً (-0.66 في المئة)، فيما سجلت القروض زيادة بلغت 439 مليوناً على أساس سنوي (+2.83 في المئة).
نظرة جديدة
ويمكن القول إنّ تباطؤ الائتمان محلياً دفع مسؤولي البنوك إلى إيجاد نظرة تعويضية جديدة، حيث كان التوجه نحو الأسواق الخارجية بسيناريوهات تمويلية أكثر توسعية، فيما كشفت مصادر مسؤولة أنّ عين صانعي السياسة الائتمانية كانت مفتوحة منذ بداية التحوّل على زيادة صحة التمويلات بأسواق الخليج، وفي مقدمتها السعودية، لما تشهده من طفرة بطرح المشاريع الضخمة الحديثة بجميع القطاعات وبناء الجزر الصناعية وإطلاق مدن باستثمارات مليارية، ما أوجد حاجة إضافية في هذه الأسواق لاستقطاب تمويلات من خارج دولها.
وذكرت المصادر أن غالبية كتلة النمو الائتماني المسجل في محافظ البنوك المحلية عن الأشهر التسعة الأولى من 2023 متأتية من المشاركة في صفقات تمويل خارجية، موضحة أن زيادة حيّز وعاء البنوك الائتماني خارجياً بالتوازي مع تغطية الفرص المناسبة محلياً، عوّضت تراجع نمو القروض بالكويت، ومن ثم تفادي ارتفاع عبء زيادة تكلفة الأموال عليها.
تحرك توسّعي
وفي هذا الخصوص، لفتت المصادر إلى أن جميع البنوك الكويتية نجحت منذ البداية في زيادة رافعة قروضها خليجياً، وأنّ ذلك جاء بحصص متباينة، إذ إن المحدّد الحاكم لذلك يتمثل بالقوة الرأسمالية لكل بنك، ومدى قدرته على استغلال مساحة السيولة الفائضة لديه، والتي يمكن توجيهها إلى الخارج دون التأثيرعلى النسب الرقابية المقرّرة لترتيب سلم استحقاقاته.
وكشفت المصادر أنّ تحرّك البنوك التوسعي نحو الأسواق الخارجية لتصريف فوائض سيولتها في مقابلة الاحتياجات التمويلية المتصاعدة خليجياً جاء بأكثر من طريقة، أبرزها المشاركة في قروض مجمعة «سندات وصكوك»، أو المساهمة المباشرة في تمويل قروض حكومية أو تمويل شركات القطاع الخاص.
ومحاسبياً، وجدت البنوك الكويتية أنه كلما زادت نسبة مساهمتها بالقروض الخارجية كانت أكثر قدرة على تحقيق فوائد مزدوجة تتضمّن تخفيف مخزونها من السيولة المتاحة للإقراض، ما يعني خفض تكلفة الأموال، وتصريف فوائض سيولتها في تمويلات مضمونة، أي تحقيق فوائد تشغيلية إضافية، مع الاستفادة محاسبياً من جني هوامش ارتفاع أسعار الفائدة في الوقت الحالي.
عملية التنمية
ونتيجة حتمية لذلك، كانت البنوك الكويتية أكثر قدرة على احتواء تأثيرات ضعف الإقراض محلياً، وبالتبعية تفادي خسائر إيرادات الأعمال غير المحققة دفترياً، مع خفض تكلفة أموال الودائع غير العاملة أو بمعنى أدق المركونة اضطرارياً رغم إتاحتها للإقراض، ما يطرح سؤالاً آخر يتعلق بمدى قدرة البنوك الكويتية على استمرار تعويضها تباطؤ القروض محلياً بتوسّعها ائتمانياً خارجياً؟
مصرفياً، ترى البنوك أن عجلة تعويضها نمو القروض من الخارج ستظل دائرة لفترة طويلة، لارتباطها بخطط تنموية عملاقة خليجياً، لكن ذلك لا يعني تجاهل مخاطر تباطؤ عملية التنمية في البلاد والتي وصلت لمعدلات تنفيذ ضئيلة، وهنا تجدر الإشارة إلى تقرير لمجلة ميد كشف أن الكويت أرست منذ 2018 عقوداً تزيد قيمتها على 20 مليار دولار، مقارنة بـ223 ملياراً صفقات أقرتها الإمارات بالفترة ذاتها، و83 ملياراً في قطر، وعند المقارنة تنموياً بالسعودية بالتأكيد تزداد الفجوة اتساعاً، خصوصاً إذا تمت المقارنة عن 2023.
2.9 مليار دينار إيرادات البنوك التشغيلية في 9 أشهر
ارتفع صافي أرباح البنوك الكويتية في الأشهر التسعة الأولى من 2023 بنحو 46.68 في المئة ليبلغ 1.224 مليار دينار مقارنة بنحو 834.493 مليون حققتها في الفترة نفسها من العام الماضي، فيما سجلت إجمالي إيرادات تشغيلية في الفترة نفسها بنحو 2.908 مليار، بزيادة 25.79 في المئة عن مستواها بالفترة المقابلة من 2022، والبالغة 2.311 مليار.
وشهدت 8 بنوك زيادة بإجمالي إيراداتها التشغيلية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2023 مقارنة بما حققته في الفترة ذاتها من 2022 تراوحت بين 1.7 و59.9 في المئة، فيما انخفض إجمالي الإيرادات التشغيلية لبنكين بـ6.6 و19.9 في المئة.
وحقق «بيتك» أكبر إيرادات تشغيلية بين البنوك بقيمة 1.115 مليار كما كان الأكثر نمواً في إيراداته مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بارتفاع 59.9 في المئة، وجاء «الوطني» ثانياً لناحية القيمة المطلقة لإجمالي إيراداته التشغيلية بتحقيقه 863.75 مليون فيما سجل نمواً بنحو 15.6 في المئة مقارنة بإجمالي إيراداته التشغيلية بالفترة المقابلة من 2022.