No Script

فلسفة قلم

لم أعد أحتمل نتنياهو

تصغير
تكبير

خلال تجولي في الأرشيف الإلكتروني لصحيفة القبس قبل أيام، توقفت عند مانشيت نشر على الصفحة الأولى بتاريخ 10-10-1997، على لسان وزير الخارجية الإسرئيلي آنذاك قائلاً «لم أعد أحتمل نتنياهو».
ايضاً في عام 2011، تصدر عنوانان وسائل الإعلام العالمية، حديث مسرب للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، قائلاً الجملة ذاتها «لم أعد أحتمل رؤية نتنياهو، انه كاذب».

رغم أن نتنياهو شخصية لا تطاق منذ ظهوره في السلطة عام 1996، إلا أنه لا يزال على رأس سلطة دولة الاحتلال يرتكب جرائم لا تحتمل ويكذب تحت مبرر القضاء على «حماس» وتحرير الأسرى الاسرائيليين، والحقيقة أن حالة الهيستيريا التي يعيشها سببها أن يوم 7 أكتوبر 2023، كتب نهايته رسمياً وبلا رجعة، وأودعه في السجون الاسرائيلية مع وقف التنفيذ، هذا هو سبب جنون من لا يطاق.
حتى نعرف ونتصور حجم تأثير المصالح الشخصية للسياسيين على صناعة الأحداث الكبيرة واحياناً الكوارث العالمية، لكم أن تتخيلوا أن نتنياهو ملاحق قضائياً ومهدد بالسجن من محاكم دولة الاحتلال مدى الحياة بسبب عشرات قضايا الفساد، وكان قد تمت اقالته من السلطة عام 2021، بسبب كثرة معارضيه وفشله في تشكيل حكومة ثلاث مرات متتالية، وتحالفات ولدت ميتة مع معارضيه العلمانيين بيني غانتس ونفتالي بينيت، والسبب معروف طبعاً لأنه لا يطاق.
خرج منبوذاً من حكومته وشعبه وحلفائه الغربيين وصار مهدداً بالسجن، وبتحركات خبيثة لكي يحمي نفسه، عقد صفقات سياسية مع أكثر الصهاينة تطرفاً دينياً في دولة الاحتلال، وهم رئيس حزب القوة اليهودية إيتمار بن غفير، المتطرف الذي كان يتمنى أن ينال شرف اغتيال اسحاق رابين، بسبب توقيعه على اتفاقية أوسلو، ورئيس حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، المتهم سابقاً بالتطرف الديني وتهديد الأمن اليهودي، وعميحاي إلياهو وزير التراث الحالي الذي أيد فكرة إلقاء قنبلة نووية على أطفال غزة وقتلهم.
بهذا التحالف المشؤوم، عاد نتنياهو مع الوزراء المتطرفين إلى السلطة عام 2022، ليعلن عن تعديل قانون القضاء ليبسط سلطته ويخرج نفسه من أزمة الملاحقة القضائية، وكتعبير عن الامتنان سحب ادارة المستوطنات من الجيش وسلمها لوزير الأمن القومي بن غفير الذي لم يخدم يوماً واحداً في العسكرية، لتبدأ الأحداث الإجرامية الأخيرة التي أوصلتنا لهذا المشهد الذي لا يحتمل.
الثمن الذي دٌفع ولا زال يدفع باهظ، ولكن من المؤكد أن هذه الصورة البسيطة من الانشقاق والانقسام الكبير في الداخل الإسرائيلي هي نهاية الصهاينة اليمينيين المتطرفين، ودرس للعلمانيين، وبداية لعودة صوت أنصار اتفاقية أوسلو من اليهود، وسبب لبداية تشكّل رأي عام عالمي ضد دولة الاحتلال وممارساتها الوحشية، ولكن هذا وحده لا يكفي دون وحدة عربية وإسلامية، وهو ما بدأ فعلياً في قمة الرياض بتمثيل عالٍ وشبه توافق عربي - تركي - ايراني.
أكيد لا نختزل مشهد الـ75 سنة من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في شخص، ولكن هذه إحدى الزوايا المهمة للنظر، ووفق هذا المنظور ومن هذه الزاوية علينا أن نتحرك ونتوحد كمسلمين وعرب فمهما اختلفنا في طريقة الحل والمسارات السياسية إلا أننا من دون أدنى شك متفقون على حقوق الشعب الفلسطيني، ومدركون أن الظروف لصالحنا، وأن فرص حل الدولتين زادت، ومن دون أدنى شك جميعنا «لم نعد نحتمل نتنياهو».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي